رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    "حماس" تعلن تسلمها رد الاحتلال حول مقترحاتها لصفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطب الجمعة للوعظ أم للتوجيه السياسي؟
ملف "الأسبوعي": "حرب" على المنابر
نشر في الصباح يوم 26 - 03 - 2012

- منذ الثورة استقرت حرب المنابر وباتت بيوت الله التي من المفترض أن تكون أماكن عبادة وتعبد وتقرب من الله ابتغاء لكرم الآخرة حلبة صراع إيديولوجي وسياسي لتصبح المساجد والجوامع بيد من يستطيع فرض إرادة بقائه أحيانا رغم أنف المصلين.
قبل الانتخابات استغلت المساجد لحشد الأصوات الانتخابية لصالح بعض الأطراف السياسية ذات المرجعية الدينية. وبعد موعد 23 أكتوبر شهدت المنابر صراع نفوذ بين "النهضوّيين" و"السلفيين" حيث يبحث كل طرف على تنصيب إمام موال لفكره وعقيدته. ورغم أن الصراع يخفت و يتصاعد من حين لآخر فان تهمة تسييس المساجد ظلت قائمة ولم يستطع أي طرف دحضها.
ومن خلف هذا الملف فتحنا موضوع خطب الجمعة بين الوعظ (وهذا دورها الأساسي ) و»استغلالها لتسويق خطاب سياسي معين يتخفّى وراء مظاهر التدين.
اتصلنا بالجهات وحاولنا رصد ما يدور في عدد من المساجد وما طرح ولم يطرح في خطابها يوم الجمعة، كما أخذنا الرأي الرسمي من وزارة الشؤون الدينية في شخص وزيرها. ومن خلال بحثنا حاولنا الإجابة عن السؤال: كيف ينبغي أن تكون خطبة الجمعة في منابرنا المختلفة؟

بعد مرور أكثر من سنة على الثورة
الخطب في المساجد.. إنزال الأيمة.. الدعوة بين التطرف والتيسير
شهدت المساجد كغيرها من الفضاءات في فترة ما بعد 14 جانفي العديد من التحولات والتغيّرات التي لم تعهدها هذه الفضاءات من قبل، حيث كانت ساحة للكثير من التجاذبات بين مختلف التوجهات الفكرية العقائدية (من صوفية وجهادية وسلفية وتبليغ ..) بل إنها جعلت منطلقا للدعاية السياسية قبيل انتخابات 23 أكتوبر. وعلى وقع إنزال الأيمة من على المنابر واستغلال هذه الفضاءات للدعاية السياسية عاشت مساجدنا، ولئن خفت وتيرتها على حدّ تأكيد وزارة الشؤون الدينية.
لقد كان المنطق الثوري (إن صحّ التعبير) آنذاك يدعو -على حدّ تفكير التونسيين خاصة رواد المساجد- إلى التغيير معتبرين الأيمة جزءا من نظام سقط وجب تغييره بشكل جذري، وقد كانت الطريقة المتوخاة وقتها إنزال الأيمة من على المنابر خلال خطب الجمعة وتعويضهم بعناصر يتبنون فكرا معينا يتماشى ?حسب قولهم? وطبيعة المرحلة.
تهديد
وردا على ما يجري اكتفت وزارة الشؤون الدينية وقتها بالتعبير عن استنكارها لما أسمته «تعمد مجموعات سلفية تكوين لجان بحجة صيانة الجوامع والمساجد للاستلاء على المنابر» (مثلما ورد في موقع "تونيزياميكس" للأخبار بتاريخ السبت 24 سبتمبر 2011 ).
كما شددت على أن تلك المجموعات عمدت إلى عزل أيمة وتكليف آخرين وتولت جمع الأموال بطريقة غير قانونية والقيام بأشغال في المعالم الدينية والكتاتيب دون تراخيص مسبقة وذلك في تجاهل للقوانين والتراتيب المعمول بها والمواصفات المعتمدة للبناء.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد بل إن بعض المجموعات لجأت إلى تهديد إطارات الوزارة واستعمال العنف الجسدي ضدّهم وترويع «المؤدبات» ومنعهن من القيام بمهامهن وإجبارهن على مغادرة الكتاتيب للاستيلاء عليها بحجة أن المكان الطبيعي للمرأة هو البيت ولا حق لها في العمل. (وهو ما أعلنت الوزارة عنه في أكثر من بيان آنذاك).
ظاهرة في تراجع
وبعد أشهر من حدوثها شددت الوزارة على أن ظاهرة إنزال الأيمة من على المنابر يوم الجمعة قد تراجعت بشكل كبير هو ما أكده نور الدين الخادمي وزير الشؤون الدينية في أكثر من لقاء صحفي حيث قال في حديث نقلته «وكالة آكي» الإيطالية للأخبار، «مرّت المساجد بوضع استثنائي بعد الثورة سببه التجاذبات الفكرية، ولكن الآن فقد تراجعت حالات إنزال الأيمة».
بين الغلو والخطاب المستنير
شددت وزارة الإشراف على أن التطرف والغلو مرفوض مهما كان مأتاه سواء كان تطرفا دينيا أو حزبيا أو سياسيا. وشددت على أن حالات الغلو الديني تعبير عن سياق تاريخي كان ثمرة فراغ فكري وديني طيلة حكم النظام السابق». ولفتت إلى أن تونس التي عطل فيها نشاط الوعاظ الدينيين طيلة 15 عاما أصبحت مساجدها فارغة من روادها، مما أدى إلى ظهور حالات من الغلو الديني أكدت انه سيتم التعامل معها تعاملا علميا عبر بث المعلومة الدينية الصحيحة وعبر دورات علمية وبواسطة الوعاظ الدينيين ووسائل الإعلام.
لا ينكر احد في ان غياب او تغييب علماء الدين الثقات من أولئك الذين كانت تزخر بهم الزيتونة قد اثر سلبا على فحوى الخطب المقدمة حيث كان رواد المساجد على موعد مع مواضيع أيمة يبنون فكرا دخيلا على تونس ينحو فيه دعاته الى تكفير الآخرين ويمجدون الجهاد والجهاديين -رغم ان الجهاد أس من هذا والحديث فيه موكول للعلماء الثقات وهم قلة- وامام ذلك كانت الدعوة الى وجود خطاب مستنير يشفي صدور مؤمنين ملوا الخطب الجوفاء «البنفسجية» كما لا تدعو الى التطرف والغلو، وفي ذلك مسؤولية خطباء وعلماء هذا البلد من دعاة الوسطية.
وبخصوص الدروس الدينية التي يقدمها بعض رجال الدين والتي ترتقي احيانا الى حد «الدروس الجهادية»، قال الخادمي في حديث نقله موقع «رؤية» الالكتروني بتاريخ 09 مارس 2012 «سيكون هناك إطار قانوني لتنظيم مثل هذه الدروس لكي تحترم ثورة البلاد وتؤكد على تسامح التونسيين ومذهبهم المالكي.
بين الدين والسياسة
وفي سياق النقاش الواقع حول الفصل بين الدين والسياسة وتحييد المنابر عن النشاط السياسي، وتحديدا قبيل انتخابات 23 أكتوبر شددت وزارة الإشراف على أن بيوت الله مجعولة لنشر خطاب ديني مستنير ومتسامح وفضاء لنشر القيم الإنسانية واحترام حق الاختلاف، أما السياسة وفضاءاتها فهي من مشمولات الأحزاب. فالحرية والديمقراطية يجب أن تقترنا بالمسؤولية، لان الإسلام دين تسامح وبعيد كل البعد عن العنف، لذلك على المساجد أن تكون بعيدة كل البعد عن ممارسة العنف، كما أنها ليست مجعولة للحملات الانتخابية.
وفي هذا الصدد اشتكت بعض الأحزاب والقوى السياسية في الفترة الماضية من تزايد استغلال المساجد والجوامع لنشر أفكار وتوجهات سياسية محددة، وتحويلها إلى منابر للحملات الانتخابية.
ولئن أجمعت اغلب الأحزاب وقتها على ضرورة تحييد المساجد والمؤسسات التربوية والإدارية عن الدعاية الحزبية خاصة في ظرف تقبل فيه بلادنا على موعد انتخابي انتظره كثيرون بفارغ الصبر (انتخابات التأسيسي) فان عديد البيانات تتالت منددة باستغلال حركة النهضة للمساجد من أجل التأثير في المواطن واستقطابه من خلال فحوى الخطاب الديني الذي اعتمده بعض الخطباء، بل إن الحركة قد شددت في حديث احد قياداتها ل»الأسبوعي» في عدد سابق على أن الحزب قد أعطى توصياته لمنتسبيه وقادته بالجهات إلى عدم اعتلاء المنابر.
الوضع الحالي
بعد مدّ وجزر انتظر كثيرون أن تهدأ عاصفة «الخطب الثورية» التي تحمل نفسا جهاديا يستغله خطباؤه يوم الجمعة في عدد من المساجد للعزف على حماسة التونسيين في مسالة من المسائل عاشت على وقعها البلاد على غرار الفيلم الكرتوني الإيراني الذي بثته قناة «نسمة» وما تبعه من مشادات بين الأمن وملتحين وغيرها من المواقف والمسائل.
أما الآن فقد قل هذا النوع من الخطب وانحصر في مساجد بعينها وفي مناطق معينة يسيطر عليها «سلفيون جهاديون»، كما عرفوا أنفسهم.
مقارعتهم بالحجة
لقد طرح ما حدث في سجنان حول محاولة إقامة بعض الأفراد إمارة سلفية أسئلة حول كيفية التعامل مع هذا الفكر الجهادي إما الحل الأمني واستعمال القوة لمنعه من العمل ونشر فكره او المقارعة بالحجة والدليل من الكتاب والسنة، فيما اجمع الخطباء والعلماء والمختصون في الشريعة والفقه الإسلامي على ضرورة الحوار مع هؤلاء ومقارعتهم بالحجة والدليل الشرعي.

مواضيع خطب الجمعة في الجهات
تنبيه من الاعتصامات.. تحذير للعلمانيين واتحاد الشغل.. دعوة للقصاص.. وحديث عن المشاكل الاجتماعية
لمزيد إلقاء الضوء على هذا الموضوع رصد مراسلو «الأسبوعي» في عدة جهات من البلاد ما يحدث في المساجد، والمواضيع التي طرحها أيمة وخطباء الجمعة على المنابر، فكانت مواضيع متنوعة جمعت بين كل ما هو دعوة وإرشاد وتوجيه سياسي.
تحذير من تداعيات الاعتصامات والإضرابات على الاقتصاد
حذر خطيب جامع «الستاغ» بمنوبة في إحدى خطبه من على المنبر ذات جمعة من خطورة الاضرابات والاعتصامات وتداعياتها السلبية على الاقتصاد الوطني حيث اكد ان الاضرابات والاعتصامات شيئان ما انزل الله بهما من سلطان وعوض اللجوء اليهما كان من الاجدر على حد تعبيره الدعاء وطلب التيسير في الرزق.
إمام يتساءل: أي إشكال في وضع الراية مكان العلم؟
بدوره وصف امام جامع الرحمة بحي الخضراء مؤخرا برنامجا تلفزيا ب»الصراحة وقاحة» لحديث مسؤول حكومي عن حادثة انزال العلم المفدى من على كلية الاداب بمنوبة وقد قال: «أي مشكل في وضع راية التوحيد مكان قطعة قماش رغم وعينا جميعا كتونسيين بقيمة علم وطننا».
تنبيه من خطورة الاعتصامات
تطرق إمام مسجد سيدي يوسف بن أبي يعقوب المتواجد بوسط مدينة قفصة مؤخرا والذي يؤمه أسبوعيا أعداد كبيرة من المصلين في خطبة الجمعة في خطبته عن عدة مسائل متصلة بالشأن الاجتماعي على غرار المظاهر السلبية التي اقترنت بالفترة الأخيرة من ذلك ظاهرة الاعتصامات وشل الحركة الاقتصادية وقطع الطرق، وقد نبه إلى خطورة تداعياتها على مستقبل التنمية ببلادنا. كما استغل هذا المنبر في سبيل نشر الدعوة إلى الإقلاع عن هذه المظاهر الخطيرة حتى تتخطى بلادنا هذه المرحلة الانتقالية بسلام.
دعوة
ولم يهمل الإمام الخطيب لهذا المسجد كل ما هو متعلق بالسلوك الحضاري ومحاربة بعض المظاهر السلبية المتفشية في شريحة الشباب على غرار الاستهتار بقيم الدين الحنيف وتقليد الغرب، فضلا عن دعوته لهذه الشريحة الهامة من مجتمعنا إلى نبذ بعض المظاهر المتفشية لدى أغلبهم مثل المخدرات وتعاطي ما يعرف جهويا ب»القيشم» وكذلك «الزطلة «.
حضور محتشم للسياسة
ومن بين المواضيع التي درج على تناولها خطيب الجمعة بجامع سيدي يوسف بن أبي يعقوب ما يتعلق عادة بالقيم التي يجب أن تتعزز في مجتمعنا على غرار العلاقات الجيدة بين الأجوار وصلة القربى وتكريس معاني الدين الإسلامي الحنيف و بدرجة أقل بدا حضور المواضيع ذات العلاقة بالسياسة محتشما نسبيا ما عدا في بعض المناسبات القليلة التي حرض خلالها الإمام الخطيب بالمسجد المذكور على ضرورة تجاوز كل الخلافات ونبذ الحساسيات بين أطراف اللعبة السياسية وذلك حينما اشتدت حمى الحملة الانتخابية التي سبقت الاستحقاق السياسي الأول الذي عاشت على وقعه بلادنا عقب ثورة 14 جانفي.
رؤوف العياري

الإدريسي يدعو لحذف تسمية «السلفية الجهادية» عن الجماعة
تعددت الأسماء مثلما تعددت المواضيع المقدمة لرواد المساجد حيث قدم سليم الحاج صالح درسا في الإيمان بأحد مساجد المكنين وكذلك عزالدين عبرود الذي عرض درسه بعنوان «حب الوطن» بأحد جوامع المنستير وكذلك الخطيب الإدريسي بجامع منزل كامل الذي دعا إلى حذف التسميات عن السلفية والجهادية واعتبار أن الجميع مسلمون وهي الصفة التي يجب أن يلقبوا بها. اما الشيخ رمزي المصلي فكان احد دروسه حول عقيدة اهل السنة والجماعة ومحمد الشايب عن المحبة في الله.
تجاوزات
كانت التجاوزات حاضرة بقوة في مساجدنا بسبب مواضيع الدروس المقترحة والتي رفضها رواد بيوت الله على غرار ما حصل في مدينة المكنين لما قدم أسامة العتيبي وهو شيخ قدم من السعودية تمحور درسه حول الثورة في تونس، واعتبر ان جميع الثورات والمظاهرات التي قامت ولا تزال غير جائزة وعلى الشعب البقاء تحت سلطة الحاكم ولو كان ظالما وهو ما دفع بالحاضرين إلى طرده من الجامع قبل أن يكمل محاضرته وكذلك فعل مع غيره في مدن مجاورة في مشاهد فوضى مرفوضة.
نبيل بن حسين

«سلفيون» على المنابر بعد إنزال آخرين منها
تضم ولاية القيروان أكثر من 300 جامع ما يفوق 30 منها في مدينة القيروان، كانت على موعد مع تغيير أيمتها وخطباء الجمعة. وفي هذا الصدد فان الملاحظة التي يمكن الخروج بها بعد موجة إنزال الأيمة من على المنابر وفرض آخرين، غياب لأيمة منتمين إلى حزب النهضة حيث نجد هناك 8 خطباء يحسبون على التيار السلفي وواحدا يحسب على حزب التحرير والبقية أساتذة تربية وتفكير إسلامي أو معلمين أو أساتذة لمواد أخرى خاصة المنتدبين منهم بعد الثورة. أما عن خطبهم فقد تنوعت بين الدعوة الى الابتعاد عن الغلو والتطرف في الدين واستغلال الفسحة التي تعيشها المساجد بعد الثورة والرد على التعدي على حرمات الله والمقدسات مع التشديد على ضرورة ضبط النفس في التعامل مع اولئك الذين يريدون النيل من الدين.
رضا النهاري

تحذير للعلمانيين واتحاد الشغل
تشهد جهة قابس حاليا سيطرة واحتكارا لأيمة محسوبين على النهضة على المنابر رغم نفيهم الانتماء او علاقتهم بالحركة، لكن خطبهم ورسائلهم المضمنة فيها لا يختلف في فهمها عاقلان ويستمد هؤلاء الخطباء شرعيتهم أو حتى حمايتهم من أنصار الحزب الذين يتواجدون بكثافة في هذه المساجد ويساندونهم ويدافعون عنهم.
ورغم أن عملية صعود هؤلاء الأيمة على المنابر كانت عبر طرق حضارية ولم ترافقها أيّة مشاكل حيث خير أيمة النظام السابق الانسحاب من تلقاء أنفسهم وفي أقصى الحالات يقع إبلاغهم رفض رواد المساجد تصدرهم للمنابر، حتى أن احد الخطباء وضعت له ورقة كتبت عليها كلمة «ديقاج» في حذائه، وبالفعل فقد قرر الاستجابة لرغبة المصلين دون أيّة إثارة للمشاكل.
مواضيع
أما عن المواضيع المطروحة فان هؤلاء الأيمة فهي تختلف من إمام إلى آخر بين من يركز على الجانب العقائدي والعبادات وبين من يربط ذلك بالشأن السياسي منطلقا من الأحداث التي تعيش على وقعها بلادنا، ومن بين ابرز الخطب في هذا المجال هي التي يلقيها الإمام الخطيب بجامع زريق والتي هي بمثابة خطاب سياسي موجه ضد طرف معين -رغم نفي الإمام لوجود أي رابط أو انتماء للنهضة لكنه يتفاعل ويتأثر في خطبه بما يجري على الساحة السياسية- فتراه يهاجم تارة العلمانيين وطورا اللائيكيين. كما لم يغفل عن تحذير الاتحاد العام التونسي للشغل من الانخراط في العمل السياسي. لكن ما يحسب لهذا الخطيب هو عدم انخراطه في التجريح او ذكر الاسماء بصفة مباشرة.
سلفيون في الموعد
أما الطرف الثاني الذي اعتلى المنابر يوم الجمعة هم بعض منتسبي السلفية العلمية ولعل الجامع الأبرز الذي يشتهرون به في قابس هو مسجد تبلبو حيث يتجمع جميع أنصار هذا التيار، والتي تتركز على تبليغ اسس وادبيات التيار السلفي العلمي لكن دون أن يفصل عن مهاجمة التيارات الاخوانية والصوفية وخاصة السلفية الجهادية التي يمكن اعتبارها التيار الوحيد الذي لم يتمكن من وضع يده على احد مساجد قابس حيث يتعرض لعملية إقصاء كبرى من قبل أيمة المساجد الذين يرفضون إقامة الدروس الدينية متعللين بضرورة انخراط هؤلاء السلفيين الجهاديين في لجنة أيمة الخطباء حتى يتمكنوا من إلقاء الخطب والدروس في مساجد قابس وهو أمر يرفضه السلفيون الجهاديون.
وبالرجوع إلى ما ذكرناه سابقا يمكن اعتبار الوضع داخل مساجد مدينة قابس بصفة عامة هادئا وليس هناك خطب تحريضية تدعو للفرقة او العنف ولو أن بعض الخطباء في حاجة لمراجعة خطبهم وعدم احتكار المساجد على تيار معين.
ياسين بوعبد الله

دعوة إلى القصاص.. غاب التحريض
تحدث خطباء الجمعة في جهة جندوبة خاصة الشبان منهم في خطبهم عن العديد من المواضيع طغى عليها حماس الشباب حول المحتوى فأثاروا بذلك حماسة بعض الحاضرين وترى هذا الامام او ذاك وكانه في حرب رفعت فيها راية «القصاص» من المسيئين الى المقدسات.
وفي الاسبوع قبل الماضي كان هناك شبه اتفاق بين المساجد يوم الجمعة بالجهة حول التنصيص على المطالبة باعتماد الشريعة الاسلامية المصدر الاساسي في التشريع وفي وضع قوانين الدستور المرتقب، وفي هذا الصدد طالب أيمة مسجد الرحمة وجامع بلال والمساجد الاخرى والتي سيطر عليها «السلفيون» بهذا التمشي (اي الشريعة الاسلامية هي مصدر التشريع)، اما الاستثناء الوحيد في مدينة جندوبة فكان كالعادة جامع الفتح الذي تحدث خطيبه على مكارم الاخلاق.
ان ما يمكن تأكيده وحسب ما ذكره أيمة ل»الأسبوعي» على غرار الامام الشاب انيس العياري فان مظاهر التحريض قد غابت في الاسابيع الاخيرة عن المنابر بالجهة لتكون المواضيع حول الاخلاق والقيم الانسانية كالتكافل والتآزر وغيرهما.
رفيق العيادي

النصح والتوجيه بدل التكفير
شهدت أغلب مساجد مدينة صفاقس وضواحيها القريبة والبعيدة تجاذبات عديدة وحراكا بعد الثّورة، لم يكن معهودا من قبل من ذلك مثلا أنّه في خطبة الجمعة الموافق للتّاسع من مارس الحالي دعا أغلب أيّمة الجوامع إن لم نقل جميعهم بمدينة صفاقس وضواحيها المصلّين إلى المشاركة في مسيرة يوم العاشر من نفس الشهر للمطالبة باعتماد الشريعة في وضع الدستور. وقد كان ذلك في جامع «النّور» بطريق العين والعديد من المساجد الأخرى وهو ما رفضه الكثيرون ممّن اعتادوا ارتياد هذا الجامع وغيره، وهذا يتنافى والدور الحقيقي لإمام الجمعة الذي يتمثّل في الدعوة إلى التحلّي بالقيم السمحة والأخلاق الفاضلة وتفسير بعض المسائل الفقهية لتسليط الضوء على بعض الجوانب من أركان الدين الإسلامي الحنيف، فالجوامع والمساجد جعلت للعبادة، لا للسياسة والدعوة إلى الانخراط في تيار سياسي معيّن سواء، لذا فإنّ أيمّة المساجد مطالبون بالنصح وتوجيه المصلين وإنارة سبيلهم في جوانب دينية بقيت غامضة لديهم، وعليهم أن يتركوا السياسة لأهلها ويهتمّوا بالدّين أو ليتركوا الإمامة لغيرهم ويشتغلوا بالسياسة، عوض تكفير الآخرين بدل دعوتهم إلى التفكير في أمور دينهم ودنياهم، ففي خطبة الجمعة التي سبقت رأس السنة الإدارية وصف إمام جامع سيدي اللخمي أكبر جوامع المدينة كلّ من يقتني مرطبات ليلة رأس العام بالآثم، فالأيّمة أمثال هؤلاء يحتاجون إلى دورات تدريبية وتكوينية لا لتقديم إملاءات له، وإنّما لإنارة السّبيل أمامه لكي يتحسّس طريقه الصّحيحة بدل اتّباع طريق ينأى به عن الدّين وينحرف به ليسلك طريق السياسة والغوغائية التي لا تؤدّي بنا إلاّ إلى منزلقات خطرة يعسر الخروج منها.
محمد القبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.