تساؤلات كثيرة طرحت حول مصير رجال الاعمال (460 وهو رقم تناقلته وسائل الاعلام) الممنوعين من السفر منذ اشهر في ظل موقف للحكومة لم تتضح معالمه بعد، حيث وجدت نفسها بين ضرورة محاسبة المفسدين ان ثبت تورطهم وبذلك تنتهج مسار العدالة الانتقالية وتحقق هدفا من اهداف الثورة وإجراء صلح معهم وإعادة إدماجهم في الدورة الاقتصادية للبلاد خدمة لمصلحة الجميع خاصة في ظل الظرف الصعب الذي يمرّ به اقتصادنا. وعلى وقع هذه الثنائية (المحاسبة والصلح) يبقى السؤال المطروح أيّ طريق ستسلك حكومة حمادي الجبالي في تعاملها مع المورطين من رجال الاعمال؟ وهل سيتحمل اقتصادنا أشهرا أخرى بعد 14 شهرا التي مضت حول المسألة لاتخاذ موقف واضح؟ وهل يمكن للمحاسبة ان تؤثر سلبا على سير عجلة الاقتصاد؟ محاسبة بدوره اكد منير بن صخرية المكلف بملف العدالة الانتقالية في الاتحاد ل»الأسبوعي» على ان منظمة الاعراف مع رجل الاعمال «النظيف». كما انها مع محاسبة من ثبت تورطه في الفساد وكسب اموال طائلة بدون موجب حق وذلك مع المحافظة على الدورة الاقتصادية، حيث يقول: » لابد من إيجاد حلول تكفل لنا الحفاظ على الثورة ولوضع حد لكل تجاوز وللانتهاكات ونهب الاموال مستقبلا لان مبدأ العدالة الانتقالية تقتضي المحاسبة وايجاد حلول كفيلة لوضع حد نهائي لأيّ تجاوز في قادم الايام. وفي هذا الصدد سنسعى الى تنظيم اجتماع يضم رجال الاعمال والمحامين واعضاء الحكومة لمناقشة هذا الموضوع. أعتقد شخصيا وانه على رجال الاعمال المورطين ان يبادروا بطلب الصلح ثم يصرحوا بالاموال المنهوبة ويقع احتسابها في شكل قرض سيقومون بسداده على مدة معينة. لا نريد ايقاف المؤسسات الاقتصادية لكن علينا جميعا ان نعي بضرورة اعادة كل شيء الى مساره الصحيح، كما أن تونس لن تتوقف على هؤلاء الاشخاص ففي المحاسبة والحفاظ على الدورة الاقصادية ودفعها الى الامام رسالة الى العالم على ما نحن قادرون على فعله«. الكل سواء يقول كمال الدين بن حسن مساعد المدعي العام بالمصالح العدلية بإدارة الشؤون الجزائية بوزارة العدل ل»الأسبوعي«: » الكل سواء امام القانون فلا وجود لاجراءات خاصة برجال الاعمال اذا ثبت تورطهم، فالقضاء مستقل ولا وجود لاي متابعة خاصة من قبل وزارة العدل او تعليمات من الوزير او قضاة او اطارات الوزارة بخصوص هذه القضية. كما ان لا وجود لاي احصائية لدينا تعنى بعدد قضايا الفساد المالي«. بعهدة حاكم التحقيق ويضيف محدثنا بشان تحجير السفر عن عدد من رجال الاعمال: » يعود قرار المنع من السفر لحاكم التحقيق، في المقابل فان من يرى ممن شمله قرار المنع بأنه قرار جائر في حقه فما عليه الا أن يرفع قضية ليتمكن من السفر بصورة استثنائية خاصة وأن هناك بعضا منهم متعودون في هذه الفترة على السفر لحضور ندوات ولقاءات اقتصادية ويمكنهم الحصول على التأشيرة بصفة استثنائية ولكن عليهم اعتماد وثائق وحجج قانونية«. موقف.. اما الحكومة والتي يرى البعض انها بين مطرقة المحاسبة وسندان الحاجة الى مساعدة رجال الاعمال في هذا الظرف بالذات فان موقفها وكما يرى خبراء ومتتبعون يرنو الى التسوية، ولعل ما جاء على لسان مسؤوليها خير دليل على ذلك، اذ اكد الجبالي في زيارة رسمية الى بلجيكيا أين التقى الجالية التونسية هناك أن حكومته لا تسعى الى الانتقام من أحد خاصة رجال الأعمال لان مصلحة البلاد أقوى من أيّة تصفية حسابات. اما الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو فقد شدد بدوره في أحد الحوارات الاذاعية على ان مصلحة تونس فوق كل اعتبار ووعد بضرورة الاسراع في البت في هذا الملف الهام المتعلق بالاقتصاد. وفي انتظار البت النهائي في هذه القضية يبقى السؤال مطروحا هل نحن سائرون فعلا نحو تسوية بين الحكومة ورجال الاعمال الذين ثبت تورطهم أم هناك صيغة يمكن من خلالها المحاسبة والحفاظ على الأموال والمكتسبات ومواطن عمل الناس؟