عرض المخرج رضا الباهي صباح أمس في قاعة المونديال بالعاصمة، أحدث أفلامه السينمائية "ديما براندو"، الذي يطرح قضية العلاقة بين الغرب والشرق من حيث استغلال الطرف الأول لخيرات الشعوب العربية وإيهامها بالحياة المترفة والمريحة البعيدة كل البعد عن واقعها اليومي وذلك من خلال قصة الشاب أنيس الذي صدق شبهه بالممثل العالمي "مارلون براندو" إثر لقائه بفريق تصوير أمريكي في قريته وأصبح الحلم بهوليود ممكنا بالنسبة إليه بعد أن خضع لرغبات ممثل شاذ وتنازل عن حبيبته لشيخ مكنها من 5 آلاف دينار وهو الثمن الذي مكن الشاب أنيس من ملاحقة حلمه الأمريكي.. حكاية هذه التنازلات انتهت بموت البطل وضبابية مستقبل فتاته واستمرار أهل القرية في بؤسهم وفقرهم مع استمرار اغتصاب الزوار الأجانب لأرضهم وآثارهم وتدنيسها من خلال سلوكياتهم التي لا تحترم أهل المكان. "ديما براندو" لرضا الباهي لا يمكن اعتباره من أفضل إنجازات هذا المخرج مقارنة ب"شمس الضباع" و"العتبات الممنوعة" و"صندوق عجب"، ولعّل ما مرّ به الفيلم من عقبات كان وراء ظهور هذه النسخة التي نال فيها الجانب التوثيقي مساحة أبرز من المشاهد الروائية فضاعت الحكاية في زخم ذكريات رضا الباهي مع "براندو" في بيته ب"لوس أنجلوس" وبحثه عن مصادر الدعم ثم موت النجم مارلون براندو الذي غير مجرى أحداث العمل كليا ومع ذلك تمسك رضا الباهي بالسيناريو الأول حتى وإن تعطل تنفيذ مشروعه أكثر من مرّة. الحلم الأمريكي المبتور ولئن اعتبر صاحب الشريط وكما ذكر من خلال مشاهده أن تسجيلاته الصوتية مع "براندو" ستظل دوما ضمن مجوهرات العائلة رغم أن هذه المسألة لا تهم المتفرج الذي جاء ليشاهد فيلما عن براندو لم يظهر خلاله الممثل الأمريكي الراحل ولو مرّة في لقاء مباشر مع رضا الباهي. المشاهد ربما يتوقع من الفيلم أن يركز على تفاصيل حكاية "أنيس" (أنيس الرعاش) الذي يلاحق الحلم الأمريكي و"زينة"(سهير بن عمارة) بطلي الفيلم لكن الفيلم بقي متأرجحا بين الوثائقي والروائي. وأرجع المخرج رضا الباهي تحويل وجهة الفيلم عن الفكرة الأصلية إلى الأسباب الانتاجية من جهة وإلى شغفه بشخصية مارلون براندو من جهة ثانية. رضا الباهي المخرج التونسي يكنّ تقديرا كبيرا وواضحا إلى ذاك النجم الذي لم تأخذه الشهرة بعيدا عن هموم السود في أمريكا والأقلية من الهنود الحمر إضافة إلى موقفه الداعم للقضية الفلسطينية وقد فضل حسب قوله مواصلة تجربة شريط "براندو" وفاء لهذه الشخصية على أن يجهض الفكرة ويشتغل على تجربة سينمائية جديدة. من جهة أخرى حافظ رضا الباهي في شريطه "ديما براندو" على المستوى التقني العالي وجمالية الصورة التي تميز جل أعماله لكن اداء الممثلين وأغلبهم من نجوم التلفزيون لم يخدم كثيرا فكرة رضا الباهي وقد شارك في هذا الفيلم بالخصوص كل من الراحل سفيان الشعري والممثل لطفي العبدلي. يذكر أن شريط رضا الباهي توج بجائزة أفضل إنتاج في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة للدورة الخامسة لمهرجان أبو ظبي السينمائي.