يساهم قطاع كراء السيارات في النهوض بالاقتصاد التونسي والحدّ من البطالة، حيث يقدّر عدد وكالات كراء السيارات 490 وكالة تضمّ حوالي 19 ألف سيارة أي ما يعادل قيمة استثمار تقدّر ب 194 مليون دينار. لكنّ مداخيل هذا القطاع سجلّت تراجعا خاصة منذ اندلاع الثورة. في هذا الإطار، التقت «الأسبوعي» بالأسعد المستيري رئيس الغرفة الوطنية لوكالات كراء السيارات ليحدّثنا عن أهمّ مشاكل هذا القطاع والحلول الواجب إتباعها ليشهد حيويّة من جديد. سجلّ قطاع كراء السيارات منذ 14 جانفي تراجعا بنسبة 80 % على مستوى رأس المال وانخفاض مواطن الشغل مما تسبب في ارتفاع نسبة البطالة بالبلاد. وأكدّ الأسعد المستيري أنّ عديد الوكالات سجلّت خسائر بسبب سرقة بعض السيارات التي على ملكيتها وحرق أخرى نافيا وجود أيّة إحصائيات حول هذا الموضوع. « سرقة وحرق» وفسرّ محدّثنا هذه الخسائر باعتماد سيارات الكراء من قبل أزلام المخلوع أيام الثورة وتوظيفها لنشر البلبلة في البلاد، قائلا: «لقد أجرّ التجمع المنحلّ عددا كبيرا من السيارات أيام الثورة، ولم يجرأ أيّ صاحب وكالة كراء السيارات على رفض التأجير، فما من أحد اعتقد في البداية أنّ بن علي رحل فعلا ولن يعود». وأضاف قائلا: «إنّ توظيف سيارات الكراء في تهريب الأسلحة وترهيب المواطنين أيام الثورة حال دون ثقة معظم المواطنين في السيارات التي تحمل لافتات زرقاء مما دفعهم إلى تهميش هذه السيارات أحيانا وحرقها أحيانا أخرى دون مبالاة بوجود أشخاص أبرياء يتخّذون من تلك المهنة مصدر رزق لهم». وطالب رئيس الغرفة الجهات المعنية بالتعويض لأصحاب الوكالات المتضرّرة،قائلا: «مثلما فعلت الدولة عند التعويض للشركات المتضرّرة أيام الثورة، عليها أن تبادر وتسرع في التعويض للوكالات المتضررة، وفي ذلك دفع بالاقتصاد التونسي». وبالإضافة إلى الخسائر المنجرة عن السرقات وعمليات الحرق، أشار رئيس الغرفة الوطنية لوكالات كراء السيارات إلى مشاكل القطاع والمتمثّلة أساسا في شركات الإيجار المالي (Leasing) وشركات التأمين بالإضافة إلى الدخلاء. «استنزاف لأموالنا» تتجاوز قيمة التعامل مع شركات الإيجار المالي ال61 مليون دينار، في حين تبلغ القيمة الجملية للعقود مع شركات التأمين أكثر من 21 مليون دينار.واعتبر المستيري أنّ شركات الإيجار تستنزف أموال أصحاب الوكالات قائلا: «في فرنسا تقدّم الشركة الأم لبيع السيارات ضمانا على مدى 7 سنوات، لكنّ معظم شركات الإيجار في تونس تستغلّ تلك السنوات لحسابها وتقدّم ضمانا لا يتجاوز السنة الواحدة». وأمام ضغط شركات الإيجار على وكالات كراء السيارات لخلاص ديونها، دعا المستيري هذه الشركات إلى تفهمّ الوضعية الحرجة التي يمرّ بها أصحاب وكالات السيارات وتقديم تسهيلات لهم على مستوى الدفوعات كتمديد فترة الخلاص والتخفيض في قيمة المبلغ الشهري خاصة أن هناك وكالات تعيش أزمة خانقة بسبب خسارتها عددا كبيرا من السيارات. كما تطرقّ رئيس الغرفة خلال لقائنا معه إلى مشكل التأمين على السيارات مشيرا إلى عدم وجود آلية التأمين على كلّ الأضرار في تونس وإلى ارتفاع مبالغ التأمين. وقال في هذا الإطار: «بسبب ارتفاع مبلغ التأمين على السيارات، يجد عدد محدود من أصحاب الوكالات أنفسهم مضطرّين على تدليس وثائق تأمين يقدّمونها إلى المؤجّر الذي لا ينتبه لذلك، لتكون النتيجة أحيانا سلبية، لذلك لا بدّ من وجود حلّ جذري بين شركات التأمين وأصحاب الوكالات». التأجير الموازي التأجير الموازي لم يغب عن قطاع كراء السيارات، فرغم أنّ هذا القطاع يضمّ 490 وكالة كراء السيارات مقابل 198 فقط سنة 2003، فقد ساهم في التضييق على أهل القطاع. ويشار إلى أنّ الأشخاص الذين يتبّعون الكراء الموازي يملكون وكالات لا تحوي سوى 5 أو 6 سيارات رغم أنّ كراس الشروط يفرض امتلاك 25 سيارة على الأقل حتى يتسنى الحصول على ترخيص. في هذا الصدد، أعرب رئيس الغرفة الأسعد المستيري عن عدم رضاه من تجاوز القانون، قائلا: «يتسبّب هؤلاء في خسارتنا نظرا إلى عدم قانونيتهم واتباعهم منافسة غير شريفة، فهم يؤجّرون السيارة ب20 دينار خلال اليوم الواحد في حين أنّ الثمن اليومي لكراء سيارة يقدّر ب40 دينار». وأشار من جهة أخرى إلى وجود بعض أعوان الأمن الذين يتخّذون من هذه المهنة مصدر رزق لهم، قائلا: «هناك عدد من رجال الأمن الذين يؤجّرون السيارات ونجد هذه الممارسات خاصة في المطارات والمناطق السياحية، وذلك يتسبب في تضييق القطاع علينا. مشاكل عديدة يعاني منها قطاع كراء السيارات في تونس رغم أنّه بدأ يسجّل انتعاشة منذ الشهر الماضي يمكن أن تتحسنّ بمجردّ تعديل كراس الشروط وخلق حوار بين وزارة النقل وأصحاب المهنة، مثلما أكدّه رئيس الغرفة ل«الأسبوعي».