هل يتمّ غدا الحسم في مسألة الزّيادة في الأجور؟ أعلن حمادي الجبالي رئيس الحكومة الانتقالية عن اعتزام وفود وزارية القيام بزيارات ميدانية إلى مختلف الولايات في الأيام العشرة القادمة، وذلك في تصريح صحفي على هامش الندوة الثلاثية حول إطلاق مشروع النهوض بالحوار الاجتماعي الذي انتظم أمس بضاحية قمرت. وأبدى الجبالي استغرابه من التصريحات الأخيرة المتعلقة بالتلويح بسنة بيضاء في ما يخص الزيادات في الأجور، وقال: «انه عنوان وخطاب لم أفهمه والحكومة اقترحت برنامج عمل وطلبت من كل الشركاء المشاركة في إعطاء رأيها في هذا البرنامج الذي أكدنا فيه أن تونس الثورة تقوم على أولويات مثل الشغل والجهات المحرومة ومقاومة الفقر وتأتي مسالة الزيادات في الأجور بعد ذلك ولم نغفل عن الزيادات ولم نتكلم عن سنة بيضاء ولا سوداء». وأضاف :« ان تركة 750 ألف عاطل عن العمل هي ليست سياسة الحكومة الحالية بل سياسة خمسين سنة، والاعتصامات مشروعة ولكن نرجو أن لا تكون معطّلا جديدا للإنتاج». تشخيص وفي افتتاحه للندوة التي التأمت تحت شعار»الحوار الاجتماعي لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة» أفاد الجبالي أن هذه الفرصة جمعت ممثلين عن الحكومة وعن عدد من المنظمات الاجتماعية للنقاش والتحاور لإعداد تشخيص للوضع الاجتماعي والاقتصادي ورسم محاور عقد اجتماعي للفترة القادمة. كما أكد عزم الحكومة والقوى الوطنية إعداد أرضية ملائمة لإنجاح المسار الانتقالي وتحقيق أهداف الثورة. الزيادة في الأجور ومن جانبه قال حسين العباسي الأمين العام الاتحاد العام التونسي للشغل في تصريح صحفي أن الاتحاد «لن يقبل بسنة بيضاء وسوف يكون للأجراء نصيب من الزيادات في الأجور لتقليص التدهور المتواصل جراء ارتفاع الأسعار ونتيجة غياب آليات الرقابة»...وقال إن الحلّ «يكمن في تفهم جميع الأطراف بأنه أصبح ضروري العودة إلى الحوار والتراجع عن القول ان تكون سنة 2012 سنة بيضاء». وأعلن العباسي عن جلسة حوار ستعقد غدا السبت بين الحكومة والاتحاد لإعطاء دفع جديد للحوار مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي للبلاد. وعن رفض التشاور مع الحكومة أوضح انه لا يمكن التفاوض حول الزيادات في الأجور لمدة ثلاث سنوات بل إن التفاوض سيكون مقتصرا على سنة واحدة باعتبار أنها حكومة مؤقتة ستنتهي مهمتها بانتهاء كتابة الدستور. وبالنسبة للزيادات في القطاع الخاص أشار العباسي إلى وجود لجنة مشتركة بين منظمة الأعراف والاتحاد العام التونسي للشغل للنظر في عديد من المواضيع ومنها الزيادة في الأجور وهي من المواضيع العاجلة. «دسترة «حقوق الشغالين وكان العباسي قد ابرز في كلمته انّ مسار الانتقال الديمقراطي لا يكتمل إلا بربط الإصلاحات الاقتصادية بإصلاحات اجتماعية تكرّس لمفهوم العمل اللائق وعلى احترام المبادئ الأساسية المنصوص عليها في معايير العمل الدولية. وقال : «هذا ما يدفعنا إلى الحرص على تنزيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية بالدستور الجديد كالحقّ في العمل وفي الدخل اللائق والحقّ في الحماية ضدّ المرض والعجز والشيخوخة وفي تحسين المسار المهني عبر التكوين والتعلّم مدى الحياة والحقّ في التأمين ضدّ التسريح الجماعي وحرية التفاوض والتعبير». وذكرّ العباسي بدعوة الاتحاد إلى إحداث صندوق للتأمين على فقدان مواطن الشغل لأسباب اقتصادية وفنّية معتبرا انه حان الوقت لتجسيده على ارض الواقع، كما طالب مراجعة السياسة الجبائية. وجدد تمسك الاتحاد بالحوار الاجتماعي لارساء عقد اجتماعي جديد بين أطراف الإنتاج الثلاثة باعتبار المسؤولية الاجتماعية المشتركة وللاعتقاد أن إرساء هذا العقد الاجتماعي هو خطوة هامة في اتجاه التوصّل إلى صياغة ميثاق مجتمعي جديد بين مختلف مكونات المجتمع. ثلاثة أسس وعن مسالة صياغة عقد اجتماعي قالت وداد بوشماوي رئيسة منظمة الأعراف إن تجاوز الإشكاليات والتحديات التي تمرّ بها البلاد اليوم لا يكون إلا بالحوار الهادي والتفاوض المسؤول ويضع الحوار مصلحة الوطن فوق كلّ اعتبار ويحفظ حقوق كلّ الأطراف. وأكدت بوشماوي على ان يكون ما يؤسس له الشركاء الاجتماعيين والحكومة اليوم مبني على ثلاثة أسس رئيسية وهي الحوار واحترام القانون ونجاعة الإدارة والمؤسسات. توصيات وفي تقديمه لموضوع الندوة أشار خليل الزاوية وزير الشؤون الاجتماعية إنها تندرج في اطار متابعة توصيات الندوة الثلاثية حول الحوار الاجتماعي التي انعقدت ببروكسال في سبتمبر 2011 وذلك من أجل دعم مؤسسات وقدرات الناشطين في مجال الحوار الاجتماعي بدول المغرب العربي بإشراف مكتب العمل الدولي وبدعم مالي وفنّي من الحكومة البلجيكية. وقال الزاوية ان الملتقى فرصة ستسمح بتشخيص الواقع الاقتصادي والاجتماعي في تونس وفي وضع اسس ومحاور عقد اجتماعي للسنوات المقبلة من شانه ان يكرّس التزام الأطراف المتداخلة بالعمل سويا على تجسيد الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية اللازمة لضمان السلم والاستقرار الاجتماعيين. الحوار الثلاثي يذكر ان الندوة حضرها موسى عمرو مدير قسم العلاقات المهنية بمنظمة العمل الدولية الذي أشار إلى تبني المكتب للميثاق الوطني للشغل مذكرا بان الحوار الثلاثي حول الحوار الاجتماعي في قلب عمل المكتب الدولي للشغل. وأبدى عمرو استعداد المكتب الدولي للشغل لدعم التجربة التونسية والى إقامة عقد اجتماعي ثلاثي يعود بالنفع على المؤسسة والشغالين.وأفادت مونيكا دي كونيكا وزيرة التشغيل بالحكومة البجيكية ان نجاعة الحوار الاجتماعي يعود إلى مصداقية الشركاء الاجتماعيين مهما كان موضوع المفاوضات. يذكر أيضا أن لقاءا صحفيا سيعقد اليوم للكشف عن أبرز ما توصلت إليه مختلف الأطراف المشاركة في الحوار الاجتماعي.