تم في إطار الفصل 30 من قانون المالية لسنة 2011 إحداث الموفق الجبائي ولجان تأطير أعمال المراقبة الجبائية وكذلك لجنة إعادة النظر في قرارات التوظيف الإجباري للأداء لتتولى إبداء الرأي في عرائض المطالبين بالضريبة المتعلقة بالتماس إعادة النظر في قرارات التوظيف الإجباري للأداء التي لم يصدر في شانها حكم قضائي في الأصل لانقضاء أجل الاعتراض عليها أو لرفض الاعتراض عليها من حيث الشكل. ويمكن لمصالح الجباية عرض قرارات التوظيف الإجباري للأداء على أنظار لجنة إعادة النظر في قرارات التوظيف الإجباري بمبادرة منها. ويمكن بناء على رأي اللجنة سحب أو تعديل قرار التوظيف الإجباري للأداء وذلك بمقرر من وزير المالية أو من المدير العام للآداءات بتفويض منه و يتم إعلام المطالب بالأداء بذلك. وتتركب لجنة إعادة النظر في قرارات التوظيف الإجباري للأداء من : - مستشار بالمحكمة الإدارية بصفة رئيس، - المستشار القانوني لوزارة المالية، - موظفين اثنين بوزارة المالية، - ممثلين اثنين عن هيئة الخبراء المحاسبين. إن تركيبة لجنة إعادة النظر في قرارات التوظيف الإجباري تجاوزت كل الحدود والأعراف و تركت الجميع في حيرة من أمرهم لاعتبارات عدة منها أن المسائل المعروضة عليها قانونية جبائية تقتضي بالضرورة أن يتواجد صلبها قاضيان وممثلان عن إدارة الأداءات و ممثلان عن المنظمات المهنية الأكثر تمثيلية التي وجب أن تتمتع بالحرية التامة في تعيين من يمثلها من ضمن الخبراء الجبائيين والقانونيين دون غيرهم مثلما هو الشأن بفرنسا أين تتمتع الغرف التجارية بتعيين من يمثلها من ضمن المحامين المستشارين الجبائيين صلب لجان المراضاة باعتبار أنه لا وجود لمثل هذه اللجنة البدعة بفرنسا. هل يعقل أن يتم إقصاء المنظمات المهنية لفائدة ممثلين عن هيئة الخبراء المحاسبين في الوقت الذي تتعلق فيه المسائل التي ستعرض على اللجنة بجوانب بالأساس قانونية جبائية و مهنية لها علاقة وطيدة بنشاط المطالب بالضريبة. وهل يعقل أن يتم تحكيم من مسك المحاسبة واشرف على مراقبتها في مسائل لا تدخل ضمن اختصاصه حسب التشريع الجاري به العمل مثلما أشارت إلى ذلك إدارة الأداءات صلب مذكراتها الداخلية وبالأخص عدد 30 لسنة 2007. أما بخصوص المسائل المحاسبية التي يمكن أن تكون، بصفة عرضية واستثنائية، محل إشكال فبإمكان اللجنة استشارة المجلس الوطني للمحاسبة. باعتبار خطورة القرارات التي ستتخذها اللجنة وتأثير ذلك على مصلحة جميع الأطراف و بالأخص الخزينة العامة يبقى تعيين قاضيين صلب التركيبة مسألة بديهية. فالموضوعية التي تمت الإشارة إليها صلب شرح الأسباب تبقى غير مضمونة في إطار التركيبة الواردة بمشروع القانون وهذا الاستنتاج لا يختلف حوله عاقلان. إن القوانين وجب أن تصاغ في كنف الحياد والموضوعية بعيدا عن المصالح والحسابات الشخصية الضيقة و الولاءات والمناشدة حتى نتفادى تضارب المصالح الذي عادة ما يؤدي إلى انزلاقات خطيرة من شانها الإضرار بمصالح كل الأطراف. هذا وقد نص الفصل 30 من قانون المالية لسنة 2011 الذي يدل على فساد الطريقة التي تصاغ بها القوانين حسب الرغبات المافيوية والفئوية على إمكانية أن يستعين المطالب بالضريبة بمن يختاره على غرار الفصول 39 و42 و60 من مجلة الحقوق و الإجراءات الجبائية أو أن ينيب عنه وكيلا عنه للغرض. يرى البعض من المتلبسين بلقب المحامي والمستشار الجبائي أن الجزء الأول من هذه الصياغة يسمح لمن هب ودب من السماسرة من مساعدة المطالب بالضريبة أمام تلك اللجنة التي لا نجد لها مثيلا بالتشاريع الأجنبية والتي تعد وصمة عار في تاريخ التشريع الجبائي التونسي. هل يعقل أن تتم مساعدة المطالب بالضريبة من قبل شخص لا تتوفر فيه الشروط ليقوم بمهام المحامي أو المستشار الجبائي. فإذا صح قول السماسرة الذي يمثل تكريسا للفوضى والسمسرة ونسفا للقوانين المهنية، فعلى المشرع أن يتدخل في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2012 لإبدال صياغة الفاسدين والتنصيص على إمكانية أن يستعين المطالب بالضريبة «بشخص من اختياره من بين المؤهلين قانونا». إن هذه اللجنة تشكل قضاء موازيا ووجودها يعد خرقا لمبدإ المساواة ومبدإ فصل السلطات حيث لا يعقل أن يتم النظر في قرارين في التوظيف الإجباري بطرق مختلفة، الأول أمام المحاكم الجبائية والثاني أمام لجنة إدارية. فتكريسا لمبدأ المساواة وحفاظا على مصالح كل الأطراف من خزينة عامة ومطالبين بالضريبة، وجب أن يتم النظر في قرارات التوظيف الإجباري أمام الدوائر الجبائية وليس أمام الإدارة التي تتحول إلى خصم وحكم. فاذا أراد المجلس التأسيسي تفادي الانحرافات الخطيرة وإسعاف البعض من المطالبين بالضريبة، فالحل يكمن في إضافة فقرة ثانية للفصل 51 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية في إطار قانون المالية 2012 يكون نصها كالتالي : «يمكن لإدارة الجباية إعادة تبليغ قرارات التوظيف الإجباري التي لم يصدر في شأنها حكم في الأصل لانقضاء أجل الإعتراض عليها المنصوص عليه بالفصل 55 من هذه المجلة أو لرفض الإعتراض عليها شكلا وذلك شريطة أن يقدم المطالب بالضريبة عريضة معللة في ذلك في أجل أقصاه موفى السنة الخامسة الموالية للسنة التي تم خلالها تبليغ القرار المشار إليه». ويتضح أن بعث هذه اللجنة يندرج ضمن إضفاء الشرعية على اللجنة الاستشارية المكلفة بالنظر في عرائض المطالبين بالضريبة التي أذن بإحداثها الرئيس المخلوع لتقوم بدور القضاء الموازي والتي وقفت ضدها الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين باعتبار أن وجودها يعد خرقا صارخا للفصل 34 من الدستور الذي نص بوضوح على أن كل ما يتعلق بالجباية وجب تنظيمه بنصوص تشريعية أو في شكل أوامر رئاسية في إطار تفويض من المشرع الجبائي. فالتوصيات الرئاسية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تبرر خرق الدستور وتحدث قضاء موازيا إن القرارات التي تم اتخاذها في إطار تلك اللجنة، التي تحولت إلى هيئة قضائية موازية، والمتعلقة بشطب أو تخفيض المبالغ الموظفة بقرارات في التوظيف الإجباري تحتم علينا توضيح مدى شرعيتها. الأسعد الذوادي