أخطاء الإخوان وحزب «السلفيين» جعلت المصريين مخيرين بين العسكر و«أصحاب اللحى» «المشير حسين الطنطاوي القائد العام للقوات المسلحة هو الرئيس الجديد لمصر منذ اعلان سقوط الجنرال محمد حسني مبارك يوم 11 فيفري من عام 2011 ..» هذا التقييم « الساخر» تسمعه في «الكواليس» في مصر منذ الايام الاولى لنجاح ثورة الشعب المصري في اجبار مبارك على « التنحي عن رئاسة الجمهورية « على حد تعبير عضده الايمن السياسي والامني السابق اللواء عمر سلميان .. عاد هذا التقييم للسطح قبل ايام مع اعلان المجلس العسكري الاعلى ان رئيسه حسين الطنطاوي اصدر «اعلانا دستوريا مكملا» منحه سلطات عليا تجمع بين صلاحيات رئيس الجهورية والقائد العام للقوات المسلحة والبرلمان (مجلس الشعب) الذي وقع حله مثلما كان متوقعا بين الدورتين الانتخابيتين لإحداث فراغ دستوري وسياسي .. ثلث الوطن العربي؟ وبالرغم من تنظيم الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في ظروف امنية عادية فقد برزت بعدها مباشرة بوادر أزمة خطيرة جدا يمكن أن تجهض نهائيا أحلام الشعب المصري الذي تغنى طوال العام ونصف الماضيين بثورته التاريخية وبالربيع العربي ..وبانهيار «نظام الفساد والاستبداد» في «قلب العروبة»..في البلد الذي يشكل لوحده أكثر من ثلث سكان الوطن العربي ..بعد ان تجاوز عدد ابنائه ال90 مليونا .. ولا يخفى أن مصر كانت ولا تزال «العاصمة الرمزية» للشعوب العربية والاسلامية ثقافيا وسياسيا وفنيا وعلميا ..بل ان جل التيارات السياسية الدينية واليسارية والقومية انطلقت نواتها في «مصر الكنانة».. وبالرغم من كل ما قيل عن مصر وساستها ونخبها فقد ظلت بلد المصلحين محمد عبده وقاسم امين وطه حسن وحسن البنا وجمال عبد الناصر وخالد محي الدين وعبد الباسط عبد الصمد وام كلثوم وسيد قطب وخالد الاسلامبولي وحسنين هيكل وحسن حنفي ورفعت السعيد ...الخ بلد دون رأس لقد برزت ردود فعل متباينة على نتائج الانتخابات الرئيسية ..ونسب كل شق لنفسه الفوز بالاغلبية ..وبدات المعارك الاعلامية والسياسية بين «الشيخ» محمد مرسي مرشح «الاخوان المسلمين» والجنرال احمد شفيق رئيس الحكومة خلال الاسابيع الاخيرة من حكم مبارك..؟ الحصيلة أن مصر توشك أن تتطور بسرعة الى وضعية مماثلة لتلك التي عرفتها عدة دول من افريقيا جنوبي الصحراء التي يتصارع فيها «شقان» شرعية صناديق الاقتراع ..مع ما يعنيه ذلك من احتمال جر البلاد الى صراعات دامية قد تكون طويلة المدى تتداخل فيها الاوراق والمصالح الداخلية والاقليمية والدولية .. بقاء مصر «دون رئيس شرعي» قد لا يمثل تحديا أمنيا فقط ..بالرغم من تحكم المؤسستين العسكرية والامنية في أهم أوراق اللعبة ..بالاعتماد على نفس «لوبيات» المال السياسي المصرية والخليجية والاجنبية التي كانت مهيمنة في العقد الماضي .. الانقلاب على البرلمان وقد لا يكون « الفراغ الدستوري » المشكل الرئيسي بعد «حل البرلمان المنتخب» ( او «الانقلاب عليه») بعد اول عملية استفتاء شعبية مصرية لا تسيل فيها دماء ولا يشكك احدد في مصداقيتها ..رغم بعض التجاوزات .. كل هذه المخاطر قد يحد منها «عودة» المؤسسة العسكرية ورئيسها الى لعب دور «الرئاسة الفعلية» لمصر التي تعترض قيادات اسرائيل والسعودية وجل الانظمة العربية على «سقوطها» بايدي المعارضة وترفض كليا «سقوطها» بايدي التنظيمات الدينية المتشددة وقيادات التيار السلفي («حزب النور») والاخوان المسلمين ..وتحديدا بايدي الجناح «المحافظ» و«التقليدي» في جماعة الاخوان .. سيفهم المعارضون السابقون وينهم قادة الاخوان والحزب الناصري والتيارات العروبية والاسلامية والليبيرالية المعتدلة حجم الاخطاء السياسية القاتلة التي تورطوا فيها منذ سقوط مبارك وخاصة منذ الانتخابات البرلمانية .. وكان على راس تلك الاخطاء مضايقة «الاقليات المسيحية» و«ترهيب «العلمانيين واستبعاد «الليبيراليين» و«الحداثيين» والعلمانيين المعتدلين «داخل التيارات الاسلامية والعروبية والديمقراطية» (مثل حزب الوسط والقيادات الشابة والمستنيرة في الاخوان والمرشحين حمدين صباحي وابو الفتوح وعمرو موسى ..الخ).. الاقصاء والاقصاء المضاد لعبت كثير من زعامات «الاحزاب السلفية» و«الاخوانية» ورقة «اقصاء الاخر» ..وتناسوا بسرعة ما تعرضوا له من اضطهاد خلال 80 عاما ، فاخافوا النخب الثقافية والسياسية والمالية المصرية فساهموا عن قصد او عن غير قصد في جر بلدهم ( وربما كامل المنطقة) الى مسار خطير جدا معاد للتغيير والاصلاح والثورات السلمية .. ان استبدال الاقصاء باقصاء مضاد لا يمكن إلا أن يؤدي الى مسلسلات من العنف والصراعات غير السلمية ..التي قد تعيد الى الاذهان «عشرية الارهاب» في الجزائر..التي كانت حصيلتها حسب الرئيس بوتفليقة واعضاده اكثر من ربع مليون قتيل ومفقود ومعاق .. كما قد يعيد بعض «اللاعبين» المصريين والاجانب انتاج «عشرية الاقتتال الطائفي المسخر لخدمة الاستعمار الجديد» حسب سيناريوهات العراق وافغانستان والصومال .. فعسى ان ينتصر العقلانيون مجددا في مصر وبين صناع القرار العربي والدولي لتجنب دفع مصر الى خيارات اسوأ ..أقلها بؤسا :فراغ دستوري في قصر الرئاسة وصراعات دموية خارجه .. وحذار من مزيد اللعب بالنار.. ولو كان المبرر «ضمان أمن اسرائيل» ومصالح «الاشقاء السعودين والخليجيين» و«الاصدقاء الغربيين والامريكان» في مصر.. وحذار من مزيد دفع الشعوب العربية والاسلامية الى « ورطة» الاختيار بين حلين احلاهما مر: النظم العسكرية والقمعية واصحاب «اللحى»..