بعد مخاض عسير أعلن أول أمس عن فوز محمد مرسي مرشح «الاخوان المسلمين» بمقعد الرئاسة في قصر عابدين الجمهوري اثر منافسة شرسة مع أحمد شفيق المرشح المستقل المحسوب على «الفلول» وعلى نظام حسني مبارك. وبعد غلق ملف الانتخابات، سيدخل شفيق وحزبه والموالون له معركة الصلاحيات بعد أن جرد المجلس العسكري قبل الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئيس الجديد من جل صلاحياته واحتفظ بها لنفسه ليدخل مرسي قصر عابدين كضيف شرف مجرد من الصلاحيات.فرغم أن نسب النتيجة كانت متقاربة جدا بين مرسي وشفيق، فان المؤشرات كانت اغلبها تصب لفائدة فوز مرشح الاخوان المسلمين لذلك وحسب الخبراء سارع المجلس العسكري باتخاذ قرار حل مجلس الشعب حتى لا تنحصر السلطات التشريعية والتنفيذية بيد الاخوان المسلمين وكذلك الحد من صلاحيات الرئيس وفق الإعلان الدستوري المكمل الذي وضع صلاحيات إصدار القوانين وتشكيل الجمعية التأسيسية واستقلال المؤسسة العسكرية بين ايدي المجلس العسكري لحين استكمال كتابة الدستور الجديد وبداية العمل به. في الوقت الحاضر فاز مرسي وكسب معركته نهائيا مع شفيق او بالأحرى معركته مع فلول النظام السابق لكن الفوز بالمعركة مع العسكر التي يمثلها شفيق كذلك لم تحسم بعد.. بل أن العسكر فائز لحدّ الآن بالنقاط باحتفاظه بجل الصلاحيات الرئيسية وتركه البعض منها لساكن قصر عابدين الجديد الذي ستقتصر مهامه على تشكيل الحكومة ومتابعة أعمالها دون غيرها من المهام. بل حتى هذه المهام منقوصة باعتبار أن تشكيل الحكومة لا يشمل حقيبة وزير الدفاع ورئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. كما جرد الرئيس من صلاحية إصدار القوانين والتشريعات والتي ستكون في يد المجلس العسكري إلى جانب عدم أحقية الرئيس في إعلان الحرب والسلم دون موافقة المجلس العسكري . الاعلان الدستوري المكمّل، جعل من مرسي اليوم رئيسا شكليا مجردا من كامل الصلاحيات ليبقي المجلس العسكري السلطات التنفيذية بين يديه اضافة إلى السلطة لتشريعية التي استرجعها من مجلس الشعب. وباعتبار أن الرئيس الجديد يفتقد للصلاحيات التشريعية، فانه لن يستطيع سحب وابطال أو تعديل الاعلان الدستوري المكمل. كما أن مرسي سيجد نفسه في مواجهة مع الشعب المصري باعتباره لن يستطيع تطبيق الوعود الانتخابية التي أعلنها نظرا لافتقاره لكل الصلاحيات وهو ما سيحد من مصداقيته ويفقد ثقة الشعب فيه. وان كان مرسي وحزبه وجماعته وأنصاره قد احتفلوا أمس رسميا بالفوز، فان ميدان التحرير حافظ على اشتعاله وثورته معتبرا الفوز غير مكتمل مطالبا العسكر بتسليم السلطة لأول رئيس مدني لمصر.. ويمكن القول اليوم أن تواصل الاضطراب وعدم استقرار الامن رغم الانتخابات ربما يفتح المجال نحو سيناريوهات اخرى لتبقى فرضية الانقلاب العسكري قائمة وفرضية استقالة مرسي واردة. اما التوافق والسير بالبلاد نحو ما تنتظر من تنمية واستقرار فهو مستبعد.. والمؤمل أن لا تطول المعارك في مصر أكثر ليمر الجميع نحو ما فيه خير بلادهم وازدهارها.