قرر 76 عضوا من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، من بينهم 4 أعضاء ينتمون لحزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات وعدد من نواب حزب المؤتمر من اجل الجمهورية ومن الكتلة الديمقراطية وكتلة العريضة الشعبية وكتلة الوفاء للثورة أول أمس تقديم لائحة لحجب الثقة عن حكومة حمادي الجبالي وذلك على خلفية ملف البغدادي المحمودي رئيس الوزراء الليبي السابق وتسليمه لليبيا وتنازع السلطات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. والجدير بالذكر أن المصادقة على لائحة اللوم تقتضي وفق النظام الداخلي للمجلس التأسيسي توفر أغلبية ب 50 بالمائة زائد 1 من مجموع أعضاء المجلس. وفي هذا الاطار ذكر الاستاذ امين محفوظ ل «الصباح» أن لائحة سحب الثقة أو حجبها تتم في الانظمة البرلمانية على الحكومة كاملة وفق مبدأ التضامن بينها. لكن المشكل في تونس أن واضع القوانين لم يفهم كيف وضعها ولا كيف يطبقها حيث اننا في تونس يمكن حجب الثقة على الحكومة ككل أو حتى على وزير واحد وهذا يتنافى مع مبادئ النظام البرلماني. وقال الاستاذ محفوظ أن مسالة سحب الثقة تطرح المسؤولية السياسية للحكومة وليست المسؤولية القانونية. بمعنى ان الحكومة يمكن ان تتخذ قرارا صحيحا من الناحية القانونية لكنه خاطئ سياسيا. وفي هذه الحالة تحاسب على خطئها السياسي. وفي هذا الاطار تندرج قضية الحال حيث ان تسليم المحمودي لا يناقش قانونيا بل يناقش سياسيا والمعارضة اعتبرت الحكومة مخطئة سياسيا لذلك قررت سحب الثقة منها. الحكومة حمت نفسها اليوم بقرار قضائي وهو قرار التسليم الصادر عن دائرة الاتهام لكن تناست ان القرار غير ملزم وبإمكان الحكومة عدم تطبيقه. وبالتالي فان القرار وصف بالخطأ السياسي باعتباره يتعارض مع مبادئ حقوق الانسان ومع المبادئ النبيلة التي قامت عليها الثورة. فالحكومة الليبية اليوم غير منتخبة وعاجزة حتى عن تأمين نفسها وعجزت حتى عن استلام سيف الاسلام القذافي من قبيلة الزنتان كما أن مسؤولين دوليين تابعين لمحكمة الجزاء الدولية تم احتجازهم مؤخرا في ليبيا وكل الظروف كانت تشير الى ان الوضع لا يتحمل تسليم المحمودي الى ليبيا في ظل مؤشرات واضحة على عدم محاكمته محاكمة عادلة. وبخصوص الاجراءات القانونية لحجب الثقة وتبعاتها ذكر الاستاذ امين محفوظ أن طلب حجب الثقة يجب أن يكون معللا بمعنى ذكر سبب الطلب وهو ملف البغدادي المحمودي, ويجب أن يكون الطلب موقعا من قبل ثلث اعضاء المجلس أي 71 عضوا على الأقل. وهو شرط قد تحقق. ويعرض طلب الحجب للنقاش من قبل المجلس والاستماع الى رئيس الحكومة. ولا يتم سحب الثقة أي اسقاط الحكومة الا بمصادقة ال 50 زائد 1 أي 109 أعضاء. وبعد اسقاط الحكومة يدخل رئيس الدولة في مشاورات لتعيين رئيس جديد للحكومة يتولى اختيار أعضاء حكومته وفق مقتضيات الفصل 19 من قانون التنظيم المؤقت للسلطات. لكن المشكل هنا وحسب الاستاذ محفوظ أنه وفي الانظمة الديمقراطية لا يكون رئيس الحكومة المقبل من بين حزب رئيس الحكومة المقال.. وهذا الامر غير متوفر في تشريعنا الذي تعامل معه واضعوه بمنطق الغنيمة. باعتبار ان الرئيس المؤقت مجبر على اختيار رئيس حكومة جديد من النهضة بوصفها الحزب الاول في الانتخابات وكان من المفروض ان يتم انتخاب رئيس الحكومة وفق الاغلبية وليس حسب مراتب نتائج الانتخابات. وهذا ما يؤكد الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية. ويذكر أنالفصل 19 من قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية ينص على : يمكن التصويت على لائحة لوم للحكومة او لاحد الوزراء بعد طلب معلل يقدم لرئيس المجلس الوطني التأسيسي من ثلث الاعضاء على الاقل. ويشترط لسحب الثقة موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس.وفي صورة عدم تحقق الأغلبية المذكورة لا يمكن أن تعاد لائحة اللوم ضد الحكومة أو طلب سحب الثقة من نفس الوزير إلا بعد ثلاثة أشهر.وفي صورة سحب الثقة من الحكومة فإنها تعتبر مستقيلة ويكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر بتشكيل حكومة جديدة تتقدم للحصول على ثقة المجلس الوطني التأسيسي في نفس الآجال وبنفس الاجراءات المنصوص عليها بالفصل الرابع عشر من هذا القانون (..) و عند حصول شغور في منصب رئيس الحكومة لعجز تام أو لوفاة يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في المجلس الوطني التأسيسي للقيام بمهام رئيس الحكومة طبقا لأحكام الفصل الرابع عشر من هذا القانون. أما الفصل 118 من النظام الداخلي للمجلس التأسيسي فينص على : "إذا تبيّن للمجلس أنّ الحكومة خالفت برنامج عملها المُعلن يمكن معارضتها في مواصلة تحمّل مسؤوليّاتها و ذلك بالتّصويت على لائحة لوم. وتقدم لائحة اللوم إلى رئيس المجلس الوطني التأسيسي في شكل مشروع معلّل وممضى من طرف ثلث أعضاء المجلس على الأقل وتحال على مكتب المجلس الذي يتولّى إعداد تقرير حول مشروع اللائحة في أجل أقصاه أسبوع. يدعو رئيس المجلس الجلسة العامة للانعقاد بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا في أجل أقصاه أسبوعان بداية من تاريخ تقديم مشروع اللائحة وذلك لمناقشته واتّخاذ قرار في شأنه، ويعلم رئيس الجمهورية بقرار المجلس. تنطبق نفس الأحكام عندما يتعلق الأمر بحجب الثقة عن أحد أعضاء الحكومة.