رغم الإجراءات التي تمّ اتخاذها للتقليل من ظاهرة التهريب وللحد منها، إن استطاعوا لذلك سبيلا، فإن النشاط قد تكثف وارتفعت وتيرته على الشريط الحدودي بل وشمل كل المواد والسلع الاستهلاكية وغير القانونية. وفي هذا الصدد تحدثت الصحافة الجزائرية عن مباشرة الأمن الجزائري في تحقيقات معمقة في شبكة دولية تنشط في مجال سرقة المركبات من دول الاتحاد الأوروبي تحديدا من ألمانيا وهولاندا وتهريبها وبيعها في الجزائروتونس، تضمّ نحو 10 أفراد بينهم جزائريون وتونسيون ومغاربة، إضافة إلى مغتربين في فرنسا وبلجيكا. وأكد الإعلام الجزائري أن هذه الشبكة تعتمد طرقا وتقنيات متطورة جدا في نشاطها الإجرامي، من خلال تعطيل نظام تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية، الذي تستعمله الدول الأوروبية في المركبات ضمن محاربة السرقة. وللتهريب صنوف من خلال عمليات التهريب التي تمّ ضبطها خلال الأشهر الأخيرة، فإن المهربين لا يتوانون عن تهريب أي نوع من السلع سواء كانت استهلاكية كالخضر والغلال والوقود أو غير قانونية مثل الأسلحة والمخدرات بأنواعها. ولعل ما تناقلته وسائل الإعلام الجزائرية مؤخرا عن دخول لكميات كبيرة من أحشاء المواشي إلى التراب الجزائري قادمة من تونس عبر شبكات التهريب التي وجدت في هذا النوع من السلع المهربة أموالا كثيرة خاصة بعد تنامي الطلب الجزائري عليها خاصة من أصحاب محلات الجزارة، الذين يعتمدون عليها في صناعة «المرقاز». أما عن الطريقة التي تمّ من خلالها المحافظة على هذه السلع فإن المهربين يضيفون إليها بعض الأملاح حتى لا تتعرض إلى التلف وذلك بعد تنظيفها ولكي لا تنبعث منها الروائح الكريهة. وأكدت الصحف الجزائرية أن سعر هذه البضاعة قد وصل إلى 900 دينار جزائري (أي ما يعادل 18 دينارا تونسيا) للكيلوغرام الواحد. خراطيش مهرّبة وفي نفس السياق، قضت المحكمة الجزائرية بالحكم على جزائريين ب3 سنوات سجنا وغرامة مالية ب6 ملايين دينار بتهمة تكوين جمعية أشرار والمتاجرة بالذخيرة من الصنف الخامس بدون رخصة، وجنحة التهريب باستعمال وسيلة النقل والتعدد، بعد أن ضبط بحوزتهما مجموعة من الصناديق المخصصة للخضر مملوءة بالخراطيش فاق عددها 4 آلاف خرطوشة، والتي حصلوا عليها عن طريق تهريبها من تونس إلى الجزائر. وقد أكد أحد المتهمين أن تونسيا وراء تهريب هذه الصناديق كان يتصل به لما تتوفر لديه كمية من الخراطيش. لقد كثف الجانبان التونسيوالجزائري من الدوريات على الشريط الحدودي بين البلدين للحيلولة دون وقوع عمليات التهريب التي ازدادت حدتها بعد الثورة، لكن ورغم الجهود المكثفة تبقى كل السلع مصدرا للتهريب بالنسبة لعصابات ومافيا التهريب المتنقلة عبر الدولتين، فأيّة حلول غير الحل الأمني والعسكري سيكون البديل للتخفيف من وطأة هذه الظاهرة التي إن تواصلت بنفس الحدّة ستكون لها عواقب وخيمة على اقتصاد البلدين.