تنديد بتواصل إنتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا --- جاء في تقرير منظمة العفو الدولية تحت عنوان «ليبيا: قبضة الميليشيات عصية على سيادة القانون»، الذي وقع تقديم بعض نتائجه أمس خلال تظاهرة نظمها فرع تونس حول «حقوق اللاجئين والقضاء في تونس ووضعية الحقوق الإنسانية في ليبيا»، أنّ «ليبيا قد تواجه خطر تكرار نفس الانتهاكات التي أدت إلى ثورة 17 فبراير ما لم يجعل من يفوزون بالانتخابات المقررة لهذا الأسبوع مسألة إرساء سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان أولى أولوياتهم». وقالت المنظمة إن « الانتهاكات الجارية بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب الذي يصل حد الموت، والإفلات من العقاب عن أعمال القتل غير المشروعة والإخفاء القسري، تلقي بظلالها على أول انتخابات في البلاد على الصعيد الوطني منذ سقوط نظام القذافي». وقالت ديانا الطحاوي باحثة أردنية في المنظمة، في مداخلة لها عبر «السكايب»، أن التقرير استند «إلى زيارة تقص للحقائق قامت بها منظمة العفو الدولية إلى ليبيا في شهر ماي المنقضي وشملت إجراء أبحاث في مدن بنغازي والكفرة وجبل نفوسة وسبها وطرابلس والزاوية ومحيط هذه المدن» مع السعي إلى «زيارة 19 مركز اعتقال في غرب وجنوب وشرق ليبيا بما في ذلك سجون رسمية ومراكز اعتقال تشرف عليها مليشيات مسلحة وهيئات أمنية وعسكرية شبه رسمية». مسلسل الانتهاكات وقد ورد في ورقة تقديم التقرير الأولي فيما يخص الانتهاكات ضد المعتقلين والوفيات في الحجز أن المليشيات «مازالت تقبض على الأشخاص وتحتجزهم في مراكز اعتقال سرية أو غير رسمية، وبالرغم من بعض التقدم الذي تحقق نحو وضع مراكز الاحتجاز تحت سيطرة السلطة المركزية فيُقدر أنه ثمة 4 ألاف شخص معتقلين في مراكز لا تطالها أيدي السلطات المركزية حتى أن البعض منهم محتجزين بلا تهمة منذ أكثر من سنة». كما أكد التقرير أن لدى منظمة العفو الدولية معلومات مفصلة عن ما لا يقل عن 20 حالة وفاة في الحجز نتيجة للتعذيب على أيدي المليشيات منذ أواخر أوت 2011. أما فيما يخص المصادمات المسلحة والتهجير القسري فقد انتقد التقرير «بشدة تقاعس السلطات عن تسوية أوضاع مجتمعات بأكملها هُجّرت قسرا أثناء النزاع المسلح السنة الماضية، ولم تتمكن بعد من العودة إلى ديارها التي قامت المليشيات المسلحة بنهبها وحرقها، فسكان مدينة تاورغاء كلهم والذين يقدر عددهم بنحو 30 ألف ليبي مازالو ممنوعين من العودة إلى منازلهم». كما انتقد التقرير «مواصلة السلطات الليبية التقليل من نطاق انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي المليشيات ومن مدى فظاعة أنماطها مدعية بأنها أعمال فردية ينبغي رؤيتها في سياق الانتهاكات التي عاناها الليبيون تحت حكم القذافي». وقد عابت الباحثة ديانا الطحاوي على «السلطات الانتقالية الليبية تبنيها في شهر ماي المنقضي تشريعا يمنح الثوار الحصانة من المقاضاة عما ارتكبوه من تصرفات عسكرية ومدنية بهدف إنجاح الثورة أو حمايتها»معتبرة ذلك» ترسيخا لثقافة الإفلات من العقاب» مؤكدة أنه «لا وجود لعدالة انتقالية بل هناك تصرفات انتقامية». حقوق اللاجئين وفي جانب آخر من التظاهرة وفي إطار تكريس مبادئ حقوق الإنسان، تطرق نبيل بختي ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى حقوق اللاجئين القانونية مبينا مراحل تجربة اللجوء في الجنوب التونسي إبان اندلاع ثورة ليبيا واضعا التجربة في سياقها التاريخي والظرفي مؤكدا على أن قضية اللاجئين وإيوائهم وإعادة استيطانهم ليست بالمسألة الهينة والسهلة من حيث القوانين والتشريعات وإجراءات الترحيل التي تتعلق في جانب كبير منها بالدول المستقبلة للاجئين والقابلة بدرجة أولى إيواء اللاجئين الذي تعتبر غير ملزمة لأي طرف سوا كانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أو الدول المتعهدة باستقبالهم. وحتى يتسنى التخفيف من العبء الذي يمر به الجنوب التونسي وخاصة منطقة بن قردان الحاضنة لمخيم الشوشة، وأيضا في إطار السعي إلى إيجاد الحلول، أكد نبيل بختي أن «السلطات التونسية تعهدت منذ انطلاق الأزمة بالجنوب التونسي بإيجاد التشريع القانوني اللازم لحماية اللاجئين مما ترتب عن ذلك القيام بعدة جلسات عمل ودورات تكوين وتأطير وندوات لإعداد هذا المشروع على خلفية الاتفاقية التي أُبرمت بين الطرفين في 18 جوان 2011». القانون الدولي في شأن آخر واحتفالا بالذكرى الأولى على مصادقة تونس على نظام روما الأساسي في شهر أوت 2011 الذي أسفر عن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، أكدت الأستاذة نزيهة ذويب المحامية في مداخلتها حول «التزامات تونس بمقتضى الاعتراف بنظام روما الأساسي» أن انضمام تونس إلى هذا النظام، إلى جانب ثلاثة دول عربية، يملي عليها عدة التزامات أهمها العمل على ملائمة القانون الوطني كدولة طرف مع نظام المحكمة الجنائية الدولية من حيث القوانين التي تنظم اختصاصها والقواعد التي تنظم عملها من ذلك تكريس معايير المحكمة العادلة إلى جانب حماية الضحايا والشهود على حد السواء بالإضافة إلى تكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب» واستطردت الأستاذة ذويب أنّ « الأولوية تبقى للقضاء الوطني للنظر في المحاكمات وتفعيل القانون وبالتالي فإن عملية الملائمة بين المنظومة القانونية المحلية والدولية تشترط إصلاح المنظومة القضائية برمتها في إطار تحقيق العدالة الانتقالية».أما الإلزام الثاني المترتب عن انضمام تونس إلى نظام روما الأساسي هو «واجب تعاون الدولة الطرف مع المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها المركز القانوني الدولي الذي يلجأ اليه الأشخاص في حال تعطل المسار القضائي الوطني ذلك أن الأشخاص الخاضعين لمحاكمة المحكمة الجنائية الدولية ليسوا بالأشخاص العاديين». وقد أكدت الأستاذة نزيهة ذويب على ضرورة «عدم الخلط في قضية السيادة وبين طبيعة أعمال المحكمة الجنائية الدولية وعلى الدول الأطراف أن تتجاوز هذا الخلط باعتبار أن الانضمام إلى هذا الجهاز لا يمس بالسيادة في شيء فالانضمام في حد ذاته يُعدّ عملا سياديا باعتبار حرية الاختيار، كما أن تدخل المحكمة الجنائية يعتبر تدخلا مكملا لا أصليا إلا في حالات سقوط المنظومة القضائية الوطنية وعدم قدرتها على معالجة قضاياها بنفسها».