في حين أرجع الخطاب الرسمي سبب المعضلة في انقطاع المياه الصالحة للشراب إلى الانقطاع الكهربائي الذي طرأ على مستوى محطة إنتاج مياه الشمال ب»بلي» و التي تعتبر أساسا المزوّد الأساسي لمنطقة الساحل و صفاقس و الذي انجر عنه نقص الكميات المنتجة و المخصصة لعاصمة الجنوب ليبلغ ال25.000م3 فإنّ الأطراف الاجتماعية والممثلة في النقابة الجهوية لأعوان المياه للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس ترى عكس ذلك و أنّ ما كان مفاجئا لأغلب التونسيين بمسألة انقطاع المياه لم يفاجئهم كطرف إجتماعي مفاوض لأنهم و مثلما أفاد الكاتب العام للنقابة الحبيب اليانقي كانوا على إطلاع قريب على أسبابه مؤكّدا أنهم نبّهوا إلى ذلك منذ سنين عبر المراسلات والبيانات والاحتجاجات العمالية و حذّروا من حدوثه و من تداعياته التي لا تليق بشعب قام بثورة الكرامة والحرية و العدالة الاجتماعية. هذا و يعيش الأهالي في ولاية صفاقس وكذلك في مختلف مناطق الجمهورية وضعا صعبا بخصوص مسألة انقطاع المياه. ففي عاصمة الجنوب بلغت المسألة ذروتها بمنطقة حي البحري و العين و قرمدة و طريق السلطنية و سيدي منصور إضافة إلى جنوب و أطراف المدينة ممّا دفع بعدد من المتساكنين في مطلع الأسبوع الفارط إلى الوقوف أمام الإدارة الجهوية لاستغلال و توزيع المياه بصفاقس احتجاجا منهم على انقطاع المياه تزامنا مع حرارة الطقس علاوة على أن هذا الاضطراب في توزيع المياه قد شمل كذلك ولاية المهدية بكل من ملولش و السواسي و شربان و هبيرة و أولاد الشامخ و الجم و بومرداس و الشابة و كذلك الرياض و مساكن من ولاية سوسة و بنبلة و الوردانين و الساحلين بالمنستير إضافة إلى قليبية و منزل تميم و الميدة من ولاية نابل. بيان نقابي ومطالبة بالتعويض وقد أصدرت النقابة الجهوية لأعوان المياه بصفاقس بيانا وصفت فيه غياب أي إرادة سياسية للقطع مع النهج الذي كان متبعا سابقا و الذي أوصل مؤسستهم إلى نتائج وصفوها بالكارثية و بأنهم صاروا يعيشون أزمة مالية خانقة و عجزا هيكليا يؤلم كل وطني و أنّ هناك عاملين أساسيين مفاجئين لا يمكن للشركة تفاديهما وهُما أولا التزايد الكثيف والمفاجئ لعدد المشتركين بعد الثورة و ما مارسته جل البلديات من مرونة غير مبررة وعشوائية في إسناد التراخيص الخاصة بإدخال الماء، وثانيا تصاعد توافد إخوتنا الليبيين و ما نتج عنهما من ارتفاع مهول في استهلاك للماء. كما نبّه البيان إلى أن هذه الأزمة المائية ليس لها حل سريع رغم التبريرات و التصريحات السياسية داعين الحكومة إلى المرور سريعا و مباشرة إلى الحل الوحيد العملي و هو تحمل الدولة مسؤوليتها في التعويض لشعبها عن هذه التكلفة والقيام باستثمارات لاستغلال الموارد المائية الكفيلة بتوفير الماء الصالح والكافي للشرب. الطرف الاجتماعي ينبه من أزمة بالصوناد وفي تصريح للصباح كشف الحبيب اليانقي الكاتب العام للنقابة الجهوية لأعوان المياه بصفاقس عن وجود أزمة حقيقية بهذا المرفق العمومي مرجعا ذلك إلى الاعتماد منذ عقدين على مناولة جل أنشطتها لفائدة السماسرة الذين استنزفوا الموارد المالية للشركة و صحّروها من مواردها البشرية حتى أصبحت غير قادرة على القيام بأبسط الخدمات لفائدة مشتركيها بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الماء مقابل ضعف تسعيرة بيعه حيث يبلغ معدل التكلفة 715 مليم اللتر المكعب مقابل معدل البيع 565 مليم اللتر المكعب علما أن هذه التسعيرة لم تحين منذ سنين مثلما أفاد نتيجة المطامع السياسية للنظام البائد الذي كان يُناور بها لفائدة حملاته الانتخابية علاوة على أنّ الشركة لها مستحقات مالية تبلغ المليارات من المليمات بذمة المؤسسات و الإدارات العمومية أي بذمة الدولة ذاتها.