وزير الخارجية يبحث في العراق فتح خط جوي مباشر ومشاريع اتفاقيات في مجال النقل    أبحاث جارية مع الإعلامييْن برهان بسيس ومراد الزغيدي    تسجيل عودة قرابة 2500 أجنبيا من أفارقة جنوب الصحراء الى بلدانهم منذ بداية السنة (الحرس الوطني)    41 % هي نسبة شعور الشباب بالظلم    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    سوسة: أيّام تكوينية لفائدة شباب الادماج ببادرة من الجمعية التونسية لقرى الأطفال "أس أو أس"    تطاوين: إجماع على أهمية إحداث مركز أعلى للطاقة المتجددة بتطاوين خلال فعاليات ندوة الجنوب العلمية    سليانة: الأمطار الأخيرة ضعيفة ومتوسطة وأثرها على السدود ضعيف وغير ملاحظ (رئيس قسم المياه والتجهيز الريفي)    ماسك يوضح تأثير العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى على أقمار "ستارلينك"    قيادات فلسطينية وشخصيات تونسية في اجتماع عام تضامني مع الشعب الفلسطيني عشية المنتدى الاجتماعي مغرب-مشرق حول مستقبل فلسطين    الجمعية التونسية للفضاء: الشمس تطلق توهجات قوية باتجاه الأرض    النادي الافريقي: فك الارتباط مع المدرب منذر الكبير و تكليف كمال القلصي للاشراف مؤقتا على الفريق    النادي الافريقي - اصابة حادة لتوفيق الشريفي    بطولة الاردن المفتوحة للقولف - التونسي الياس البرهومي يحرز اللقب    فظيع : تاكسيست يحول وجهة طفل يجرده من ملابسه ويعتدى عليه بالفاحشة داخل سيارته !!    6 سنوات سجنا لقابض ببنك عمومي استولى على اكثر من نصف مليون د !!....    كيف قاومت بعض الدول الغش في الامتحانات وأين تونس من كل هذا ...؟؟!!.    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    تنظيم الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية من 14 إلى 21 ديسمبر 2024    مهرجان الطفولة بجرجيس عرس للطفولة واحياء للتراث    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس تشمل اغلبها اجانب (رئيس الجمعية التونسية لجراحة السمنة)    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    المهدية.. إفتتاح "الدورة المغاربية للرياضة العمالية والسياحة العائلية"    سليانة.. يحول مستودع لتخزين الغلال الى مستودع لتجميع محركات السيارات    الجامعة التونسية لكرة القدم تسجل عجزا ماليا قدره 5.6 مليون دينار    غدا الاحد.. انقطاع التيار الكهربائي بعدد من المناطق من ولاية المنستير    لويس إنريكي.. وجهة مبابي واضحة    عاجل : رفض الإفراج عن المدير العام الأسبق للمصالح المختصة بالداخلية    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    نيوزيلندا تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى    مدير عام المجمع الكيميائي : ''نقل الفسفاط يعدّ المشكل الحقيقي''    يوم تاريخي في الأمم المتحدة: فلسطين تنتصر.. العالم يتحرر    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    من الأعماق..الفنان الخالد بلقاسم بوقنة: عاش عزيزا متعففا ... ورحل في صمت !    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    البطولة العربية لألعاب القوى تحت 20 عاما : تونس ترفع رصيدها الى 5 ميداليات    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    38 مليار دينار ايرادات الضرائب.. الجباية تسعف المالية العمومية    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«السليقة» و«البركوكش» والطبيخة.. والأرنب والحجل والطابونة من العادات المتوارثة
عادات وتقاليد رمضانيّة مازال بعضها قائما (2/1):
نشر في الصباح يوم 03 - 08 - 2012

السبق و النفخ في الببوشة و تخزين التمور من عادات أهل الواحات
الملثوث و السويقة و العصيدة أكلات صحراوية تحضر في رمضان
يقترن عادة شهر رمضان المعظم في كل أرجاء العالم الإسلامي بعدة تقاليد وعادات اجتماعية لها علاقة بعدة مجالات أبرزها ماله علاقة بالأمور الدينية وكذلك المسائل الاجتماعية. التونسيون ومنذ قرون عديدة دأبوا على اتباع أساليب عيش محددة وخاصة في شهر الصيام ليقتدي بها الخلف من بعدهم. إلا أن هذه العادات تختلف باختلاف الجهات كما يمكن أن تكون متشابهة في بعض المناطق لكن مع تطور مستوى العيش لدى التونسي فان ما يمكن ملاحظته هو أنه تم في السنوات الأخيرة تسجيل اندثار عدد لا يستهان به من العادات والتقاليد وذلك يعود بالأساس لما شهده كما ذكرنا آنفا المجتمع التونسي من تطور. ولأن تلك التقاليد والموروثات الشعبية بدأت بالاندثار وربما حلت محلها تقاليد جديدة غير تلك التي يزخر بها مجتمعنا بفعل الثقافة والممارسات الدخيلة فضلا عن التطور التكنولوجي فإننا ومن منطلق التذكير بها واستعادة كل تلك الموروثات الشعبية بحثنا في عديد الولايات من الجمهورية عما تتميز به كل جهة من عادات سواء اندثرت أو بدأت في الاضمحلال وحاولنا رصدها وذلك من أجل استكشافها وإعادة إحيائها وإعطاء نبذة عنها لمن يجهلها من الأجيال الشابة التي لم تواكبها.
متابعة و تنسيق: سعيدة الميساوي
دهن المطبخ و«قزدرة» الأواني
تستأثر جهة قفصة كبقية الجهات ببعض التقاليد التي لئن اندثر بعضها ففي المقابل لا تزال تحافظ على البعض منها على غرار التحضيرات التي تقوم بها الأسرة قبل فترة من دخول الشهر الفضيل والتي تتمثل في دهن وتبييض المطبخ و" قصدرة" الأواني النحاسية التي كانت تستعمل بكثرة عند الطهي كما تجري ربة البيت بعض التعديلات على المطبخ واضفاء جملة من التحسينات وتغيير ديكور بيت الجلوس بحكم أهمية هذا الجزء من المنزل حيث يلتقي فيه الأهل والأصدقاء أثناء الزيارات طيلة شهر رمضان المعظم فضلا عن ترتيب البيت وذلك باستعانة الأم خاصة ببناتها..
وتظل ظاهرة " العولة " من ضمن العادات التي لا تزال قائمة الى حد الآن حيث تجتهد ربة البيت في تأمين أغلب حاجيات العائلة من المواد الغذائية الضرورية لمثل هذه المناسبة السنوية وذلك طبعا بعد ان تكون قد قدمت قائمة قد تطول أو تقصر حسب امكانيات العائلة المادية وفي طليعة هذه القائمة نذكر " الأفاح " أو التوابل بأنواعها فضلا عن بقية المستحضرات الأخرى التي نذكر منها "الفرماس" وهو المشماش المجفف بالملح حيث تعتمد عليه بشكل كبير ربات البيوت نظرا لعذوبة مذاقه الذي يتراوح بين الحلاوة والملوحة في آن واحد وهو منتشر كثيرا بجهة قفصة باعتباره من أبرز المنتوجات الفلاحية الرائجة بواحة قفصة وهو أمر يجعلنا نستوقف عند العادات الغذائية التي تتفرد بها مدينة قفصة التي نجدها في بعض المأكولات التي تستمد مكوناتها من منتوجات الواحة التاريخية وفي هذا الإطار نذكر " السليقة " وهي أكلة شبيهة بشربة الفريك غير أنها ترتكز على الذرة أو ما تعرف ب " المستورة " التي تعمد ربة البيت الى دقها بالمهراس قبل أن تضاف الى " الطنجرة " مع بقية المكونات الشبيهة بالشربة وذلك الى جانب احدى الأكلات المعروفة باسم " البركوكش " وهو نوع شبيه ب"المحمصة " غير أن حباته أكبر حجما من ذلك ومن خصوصيات هذه الأكلة أنها تطبخ باللحم والقديد والقرنيط الشائح والعادي ولحوم الطير مثل الحمام وكذلك لحم العلوش واللحم البقري .
وهناك " الطبيخة " التي تتكون أساسا من " القرع " والحمص والفول، ترتكز مكوناتها الأساسية على المنتوجات الواحية بما يثبت مكانة الواحة في حياة متساكني قفصة ودورها الإيجابي في نمو عدة عادات غذائية لا تزال المرأة القفصية تجتهد في المحافظة عليها من خلال المأكولات التي تسعى الى اعدادها على مائدة الإفطار ..
الختان والخطوبة في العشر الأواخر
من ناحية أخرى لا يزال متساكنو مدينة قفصة يحافظون على بعض العادات الحميدة خاصة خلال العشر ليالي الأخيرة من ذلك ليلة 27 حيث يسهر البعض على تنظيف المقابر وتبييض القبور بالجير واقامة الفوانيس للإضاءة ليلا ؛ ومن العادات المرتبطة بهذه الليلة (ليلة القدر) أن الرجال يذهبون للترحم في النهارعلى أن تذهب النسوة بعد الإفطار؛ كما تقام حفلات ختان الأطفال ويجرى ذلك بزاوية سيدي علي بالراشد بالنسبة لمتساكني المدينة العربي أو ما تسمى بمنطقة ما بين الصمعتين فيما يتم ختان أطفال حي الدوالي بجامع سيدي منصور بن دالية كما تعد العشر الأواخر فرصة لأهالي قفصة الى اعلان الخطوبة و تتعدد الزيارات خلال السهرات بين العائلات و الأهالي و في الأثناء تجد الأطفال يلهون بالألعاب منها ما هو حديث و منها ما هو سائر نحو الإندثار على غرار " الغميضة " و" الحيلة بالطلسان " و " دنفري " ثم يأتي دور الحلويات التي تسهر على اعدادها المرأة القفصية ككل عام لتستقبل به عيد الفطر المبارك ..
رؤوف العياري
كحل العيون للنساء.. و أكلة «البورزقان»
الكاف التي تعاقبت عليها الحضارات والتي لها موروث تاريخي و حضاري كبير و عرفت بعادات و تقاليد على مر الأزمان عايشها أهاليها في مختلف الفصول و بشتى الألوان و لكن خلال السنوات الأخيرة البعض منها أصبح متروكا وفي زخم متطلبات العيش و تقلبات الزمن تم تناسيها.
و لم نجد أفضل من رشيد بوعلاق الخبير في هذا المجال للحديث عن ذلك خصوصا أنه بصدد الإعداد لكتابه " رحلة في الذاكرة " حول التراث الكافي على مر الأزمان و معه نبشنا في الذاكرة عن العادات و التقاليد التي هي في طريقها للاندثار والنسيان فأفادنا أنه في الكاف أثناء شهر رمضان تقوم الفتاة الكافية بتكحيل عينها ونفش آخر شعر رأسها تبركا بهذا اليوم الذي كانت كل العائلات الكافية تعد فيه الاكلة المشهورة "البرزقان" رغم اندثار عدة عادات و تقاليد تم تناسيها و لعل من أهمها "طبال السحور" و "مدفع الآذان" و "فوانيس"الحومة العربي و سهرات بو سعدية.إلخ
عبد العزيز الشارني
«البرغل» و«البركوكش» و«الرغيدة» أكلات مازالت حاضرة
أدى تطور ظروف الحياة وتحسن مستوى العيش وظهور نمط استهلاكي جديد إلى التخلي عن الكثير من العادات المرتبطة بشهر رمضان كانت تمثل سابقا الميزة الأساسية لحياة العائلات في هذا الشهر الكريم من أبرزها ما له علاقة بالجانب الغذائي..
وقد كادت تنقرض شربة الشعير التي يتم إعدادها من السنابل الخضراء بعد "تشويطها " بالنار ليصبح لحباتها مذاق خاص ثم يقع رحيها بالرحى العربي فتعطي شربة لذيذة جدا لا تغيب عن مائدة رمضان من أول أيامه إلى آخرها و نفس الشيء بالنسبة ل" البرغل " الذي يتم اعداده من حبات القمح عند بداية موسم الحصاد و تدخره العائلات لأشهر طويلة فيكون احدى الوجبات الرئيسية و خاصة في ايام الشتاء الباردة وموائد رمضان .. كما بدأت اكلة "البركوكش " تغيب بشكل شبه كلي عن المطابخ مع رحيل اغلب العجائز اللائي كن يحسن اعدادها وطبخها وهي عبارة عن كسكسي غليظ يقع طبخه بطريقة خاصة تعتمد على تنوع البهارات و خاصة الحارة منها تجعله ينافس الشربة كأول طبق يقدم في رمضان واصبح حضور " طاجين الجبن بالمعدنوس " التقليدي نادرا جدا وبالنسبة للخبز العربي " الكسرة " الذي كانت كل عائلة تعده بنفسها على الطاجين او بواسطة الطابونة فانه اصبح من الماضي تقريبا لولا وجود بعض الاسر الفقيرة التي ما تزال تبيعه في مدخل السوق البلدية كمورد رزق لها .. اما في السحور فقد كانت العديد من العائلات تعتمد على ما يسمى ب "الرغيدة " وهو الكسكسي المطبوخ بالحليب والخضر وخاصة الفلفل والبصل ليكون وجبة متكاملة تساعد الصائم على تحمل يوم الصيام المتعب .. هذه العادات الغذائية عوضتها الآن المأكولات "العصرية " التي اصبحت ربات البيوت الشابات تتفنن في اعدادها بالاعتماد على ما تشاهدنه في مختلف برامج الطبخ التلفزية فتحول " البريك " و شربة الشعير الجاهزة " او " لسان عصفور " و " طاجين الملسوقة " و " سلاطة البلانكيت " و " السلاطة المشوية " و " الكعابر " و " المصلي " بأنواعه المأكولات المفضلة لجيل اليوم .. في حين اصبح " المسفوف " السحور المحبذ له.
و بعيدا عن المائدة فان التقليد الابرز و احد مميزات هذا الشهر المعظم و هو " مدفع رمضان " الذي كانت البلدية تعتمده للإعلان عن وقت الافطار و هو عبارة عن "فوشيكة " من الحجم الكبير يتم اطلاقها من فوهة مصنوعة من الفولاذ فلم يعد موجودا وهو ما افقد رمضان اهم علاماته.
يوسف امين
غدا الجزء الثاني من هذا التحقيق

السبق والنفخ في الببوشة.. و تخزين التمور في «الخوابي» لرمضان
إن أهم ما كان يميزربوع الجريد في شهر رمضان المبارك تمسكها ببعض العادات والتقاليد ولعل أبرزها الاعتماد على صوت المدفع عند الإفطار وهي واحدة من ضمن الوسائل التقليدية الأخرى التي كان يعتمدها الأهالي للإعلان عن موعد الإفطار وكذلك القرع على الطبول والنفخ في الببوشة أو القرن إلا أن صوت المدفع "خرس" منذ أعوام وأما بقية العادات الأخرى فقد اندثرت تماما ولعل مصير بعض العادات القديمة الأخرى المتعلقة بالألعاب ووسائل الترفيه التي كانت تتزامن مع شهر الصيام قد شهدت نفس الوضع وهي التي كانت تعتمد للتسلية و لتمضية الوقت نذكر على سبيل المثال لعبة "الخربقة" وكذلك لعبة "السبق" وهذه الأخيرة هي عبارة عن مجموعة أعواد من عصي النخيل وهذه اللعبة لها قوانينها وعادة ما تتجمع النسوة في السقيفة لممارستها حيث يعلو ضحكهن وصراخهن وكلما كان عدد النسوة أكثر كلما كانت المنافسة أشد لكن تطور نمط العيش وتنوع وسائل الترفيه العصرية جعلت هذه اللعبة تفقد مكانتها على أهميتها مجاراة لموضة العصر ولم تعد تمارس إلا بنفطة أو دقاش والتي يطلقون عليها اسم "الربيحة"
بين الأودية والحمامات الاستشفائية
وبعيدا عن الألعاب والوسائل الترفيهية التي كانت تمثل أبرز عادات ربوع الجريد طيلة شهر رمضان كان البعض يفضل الذهاب إلى الحمام ورأس العين أو إلى الحمامات الاستشفائية بحامة الجريد وهو أمر قد يستغربه البعض خاصة في فصل الصيف الحار لكن هذه المياه الطبيعية الساخنة تمنح الصائم شعورا بالانتعاش والارتواء لكن المياه نضبت فعدل الجميع عن ارتياد هذه الأماكن.
طرق تقليدية لخزن التمور لرمضان... انقرضت
وقد دأب أهالي الجريد قديما على عادة خزن التمور بطرق تقليدية لاستهلاكها طيلة شهررمضان المعظم ؛ ومنها حشو "الخابية" وهي جرة كبيرة تبنى في زاوية من إحدى الحجرات وتملأ بالتمور وقد تعددت طرق خزن التمور أيضا من ذلك حشو الشكوة وتسمى البطانة وهي من جلد الماعز إلا أن النمط المعماري الجديد جعل الأهالي يتخلون عن هذه العادات والتقاليد مما أدى إلى اندثار الخابية خاصة.
ومع تباعد موسم جني التمور عن رمضان فقد أجبر الأهالي على العودة إلى خزن التمور وخاصة في "الأسطل البلاستيكية" أو علب الحليب لتحفظ في الثلاجة في ظل اندثار الخابية والبطانة..
الهادي زريك
«بوطبيلة» و مدفع الإفطار و لحم الأرنب و الحجل في الطابونة
لئن حافظت جهة المهديّة على عادات تعيد للذّاكرة أزمان رمضان المعظّم بعبقها وأريجها الفائح عبر ما يقع تحضيره من أكلات تفوح للصّائم، فانّ "المدفع" حذو البرج الفاطمي مازال يؤدّي دوره إيذانا بحلول وقت الإفطار بالتّنسيق بين مطلق القذيفة والجامع الكبير الذي يروي للتّاريخ صولة الفاطميّين في المهديّة وما جاورها من ضواحي بحريّة تأكل من البرّ و البحر وتصنّف أشهى أكلات لا تزال عديد العائلات تتقنها أيّما إتقان وتعدّ العدّة لشهررمضان المعظّم من خلال التحضير له فرحا وتحسّبا وحيطة.
اليوم الأوّل واختلاف بين لحم الضأن والسمك
في جولة خاصّة في الأوساط القرويّة اشتدّ الوقع على ما توفّر من مطاحن لإحضار أنواع من " المخضور" المعدّ للشّربة و" البرغل " المستخدم في عديد الأكلات شأن إحضار" العصبان" في النّصف الثّاني من رمضان تزامنا مع احتفاليّات خطوبة أو "عشاء الموتى" والأختام القرآنيّة، لتعدّ ربّات البيوت مختلف مستلزمات المطبخ وإخراج أواني خاصّة بالأكلات معدّة للغرض بدءا بالعدّ العكسيّ لحلول شهر يقرأ له ألف حساب تدبيرا وتخطيطا مسبقا، دون تغاض عن أيّ شاردة أو واردة.
ويرى البعض أنّ لحم الضّأن أو الماعز خاصّة لقلّة شحومه هو سيّد الطّاولة في أوّل ليلة من رمضان المعظّم، إذ يعمد العديدون في الجهة إلى اقتناء رأس منها واقتسام اللّحم فيما بينهم ك"قسّامة "، ويذهب شقّ آخر إلى أنّ السّمك هو أصل الغذاء لملوحته ولضرورة الإكثار من شرب الماء لمقاومة يوم حارّ، ولطبيعة المنطقة البحريّة التي ينتمي إليها، خاصّة وللمرأة هنا دور كبير في حسن التّدبير وهي التي لا تبخل على مدار الشّهر في إحضار خبز الطّابونة سواء من دقيق القمح أو من الشّعير، وعادة ما يمثّل هذا مورد رزق للبعض ببيع الخبز قصد مجابهة مصاريف طارئة وتوفير مادّة أساسيّة بأيسر السّبل.
أرنب أو حجل أو سمك في "الطّابونة"
طبيعة الطّقس الحارّ فضلا عن أن عديد العائلات تقطن وتستغلّ أراضي فلاحية زرعت بأنواع عدة من غلال الصّيف مثل الخوخ أو البطّيخ وما شابههما ، فانّ حلول الأرنب البرّي في هجرتها نحو السّواحل مع ارتفاع درجات الحرارة وبحثها عن مصادر الماء من تلك الغلال عبر حاسّة الشمّ، وكذا الشّأن بالنّسبة لأسراب الحجل ، يعمد البعض إلى اقتناصها بطريقة أو بأخرى وطهيها بطريقة تشبه طهي نوع من الأسماك مثل "الكرشو" أو شبيهه ممّا يتوفّر في هذا الموسم ،بوضعه في آنية عادة ما تكون فخّاريّة وغلقها بعد أن تخمد نار " الطّابونة" التي أعدّ فيها الخبز، مع مستلزمات الأكلة من "أفاويه وطماطم وفلفل وبطاطا وبصل وثوم ، وشيّ مستلزمات الهريسة العربي.
بيد أنّ إعداد اللّحم [ضأن أو ماعز] بهذه الطّريقة غير محبّذ للبعض ممّن يفضّل "الكسكسي الأصفر" المخصّص للأعراس باستعمال " الكركم" والزّعفران والبيض والحمّص ، ممّا يستوجب توفّر اللّبن العربي أو بديل له كالجبنة التي تحضر بهرش مادّة من " الخرشف "Chardon ومزجها بحليب الشّاة أو العنز وتركها زمن القيلولة لتتماسك ولتحفظ بعدها في آنية في مكان بارد[عادة ما يكون البئر هو الثلاّجة] وتقدّم بعد الأكل.
رجيش" و "البازين بالأرنب "
تشتهر منطقة " رجّيش " بإنتاجها لأنواع جيّدة من حبوب " الدّرع "، ويتّخذ من دقيقه " الصّحلب" عند السّحور أو " البازين " وهو مثل الثّريد لكن مع " المرق" المطهيّ بأنواع من السّمك قد يكون غير متوفّر خلال الموسم الحالي [قاروص] أو بالأرنب . وتمثّل الأكلة ميزة المنطقة دون سائر المناطق في الجهة، هذا طبعا مع ما يوفّره البحر من مختلف الأسماك الغالية والمتوسّطة الثّمن، وليتفنّن "المهادويّة" عموما في تصنيف مأكولات صارت تقدّم في نزل الجهة كموروث غذائيّ وتأصّل في حذق استغلال منتجات البحر عبر التّصبير لأنواع مثل النشوبة و السّردينة والتّنّ بعد التّمليح لتباع على مدار شهر رمضان المعظّم في أسواق الجهة والمهديّة خاصّة مع " الملسوقة " والخبز العربي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.