أمام الدعوة الملحة لضبط القائمة النهائية لشهداء الثورة وجرحاها وحصر قيمة المنافع التي ستتعهد بها الدولة لعوائل الشهداء والجرحى، ناقشت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بالمجلس الوطني التأسيسي التي ترأسها النائبة سعاد عبد الرحيم في اجتماعها أمس مشروع قانون له صبغة استعجالية. ويتعلق هذا المشروع بتنقيح وإتمام المرسوم عدد 97 لسنة 2011 المؤرخ في 24 أكتوبر 2011 المتعلق بالتعويض لشهداء ثورة 14 جانفي 2011 ومصابيها.. كما صادقوا على مشروع قانون بتعلق بالترخيص للدولة في الاكتتاب في الزيادة في رأس مال الشركة التونسية للبنك وفي تفعيل ضمان الدولة لفائدة البنك بعنوان اقتراضات خارجية وعلى مشروع القانون المتعلق بتنقيح واتمام القانون عدد 46 لسنة 1995 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام للديوانة وخلافا لما هو مبرمج لم يقع نقاش مشروع القانون المتعلق بالهيئة العليا للانتخابات وتم تأجيل النظر فيه إلى ما بعد العطلة النيابية.
تعويض الشهداء والجرحى
وينص مشروع القانون المتعلق بالتعويض للشهداء والجرحى على أنه يقصد بشهداء الثورة ومصابيها الأشخاص الذين خاطروا بحياتهم من أجل تحقيق الثورة ونجاحها واستشهدوا أو أصيبوا بسقوط بدني من جراء ذلك ابتداء من 17 ديسمبر 2010 إلى 28 فيفري 2011. وخلال النقاش لاحظ بعض النواب أن كلمة المخاطرة ليست في محلها وفيها تقليل من شأن الشهداء.. خاصة الذين استشهدوا أمام منازلهم أو في بيوتهم.. وتساءلوا هل يمكن ان لا نعتبر هؤلاء شهداء في حين هناك من خاطروا بحياتهم من أجل السرقة والنهب.
وأثار الحديث عن المنافع المرصودة لأولى الحق من شهداء الثورة جدلا كبيرا إذ طالبت العديد من النائبات بعدم منح الجراية لزوجة شهيد تزوجت مرة أخرى، وتحويل تلك المنافع للأبناء لأنها أصبحت بزواجها غير مستحقة للجراية. وتساءلن هل في حالة زواج أرملة الشهيد، تقسم الجراية على الأبناء فقط أو على الأبناء ووالدي الشهيد. كما أشار عدد آخر من النواب إلى وجود ثغرة أخرى تتعلق بأنه في حالة وفاة القرين: هل تعود الجراية للأبناء أم تسحب؟ وإذا توفي الأب والأم أي جدي الأبناء هل ينتفع الأحفاد بجرايتهما؟
ويذكر أن مشروع القانون بين أن أولي الحق من شهداء الثورة المستحقين للمنافع هم القرين وأبناء الشهيد ووالديه ويبقى حق القرين قائما ما لم يتزوج ويبقى حق أبناء الشهيد في استحقاق المنافع قائما إلى حين بلوغهم سن 18 سنة او إلى نهاية مراحل تعلمهم على أن يتجاوزوا الخامسة والعشرين من عمرهم وتبقى البنت مستحقة لها إذا لم يتوفر لها كسب أو لم تجب نفقتها على زوجها ويستمر استحقاق الأبناء المعوقين العاجزين عن الكسب للمنافع بقطع النظر عن سنهم. وينص الفصل المتعلق بالمنافع المخولة لفائدة أولي الحق من شهداء الثورة على أن هذه المنافع تتمثل في جراية شهرية يضبط مقدارها بأمر وتوزع الجراية المستحقة لأبناء الشهدي ووالديه وقرينه على النحو التالي (10 بالمائة لكل واحد من الوالدين و40 بالمائة للقرين و40 بالمائة لأبناء الشهيد بالتساوي بينهم وفي صورة وفاة أحد الوالدين يتمتع من بقي منهما عل قيد الحياة بالنسبة المخصصة لقرينه وفي صورة وفاة قرين الشهيد يتمتع الأبناء بالنسبة المخصصة كما يتمتع القرين بالنسبة المخصصة للأبناء عند انفراده. وإضافة إلى الجراية الشهرية يتمتع كل منهم بالحق في مجانية العلاج والاقامة بالهياكل العمومية للصحة وبالمستشفى العسكري ما لم يكن منتفعا بتغطية اجتماعية وأيضا بالحق في مجانية التنقل بوسائل النقل العمومي والحق في مجانية العلاج والاقامة بالهياكل العمومية للصحة وبالمستشفى العسكري ما لم يكن متمتعا بالتغطية الاجتماعية. وتم التأكيد خلال النقاش على أن الدواء باهض الثمن ويجب التنصيص على مجانيته.
وبينت النائبة يمينة الزغلامي رئيسة لجنة شهداء الثورة وجرحاها أن هناك من جرحى الثورة من لم يتمكنوا من استرجاع المصاريف إلى الآن رغم إعلام وزارة الصحة بالأمر.. وشددت على ضرورة إيجاد حل لهذا المشكل كما أكدت على ضرورة حسن اختيار أعضاء لجنة شهداء الثورة ومصابيها الذين سيتولون إعداد القائمة النهائية لشهداء الثورة وجرحاها. وطالبت النائبة خيرة صغيري بإجراء جلسة استماع للهاشمي جغام رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
الحوض المنجمي
وطالب النائب حسن الرضواني بإدراج أسماء شهداء الحوض المنجمي وجرحاهم في قائمة الشهداء ولاحظ وجود ارتباك في المجلس التأسيسي عند طرح هذه المسألة.. فأهالي الرديف على حد قوله ينتظرون هل سيقع ادراج أسماء شهداء أبنائهم وجرحاهم أم لا؟ ونبه النائب إلى أن الموضوع على غاية من الأهمية. وفي المقابل بينت نائبة من كتلة حركة النهضة أن الثورة انطلقت يوم 17 ديسمبر واذا أريد العودة لأحداث الرديف فهذا يتطلب ادراج اسماء شهداء النهضة من ضحايا التعذيب وفي نفس السياق بين النائب محمود قويعة أن شهداء الوطن ليسوا فقط شهداء الحوض المنجمي لذلك لا يجب الانتقاء وحذر من منطق خطير يسود البلاد هذه الأيام مفسرا أنه عند الحديث عن تعويضات مستحقي العفو التشريعي تتعالى الأصوات للتعبير عن أن هذه التعويضات ستثقل كاهل الاقتصاد لكن عند الحديث عن الجرايات التي ستصرف لعوائل الشهداء والجرحى يسود الصمت.
وردا على قويعة بين النائب عبد العزيز القطي أن الحوض المنجمي هو الذي مهد للثورة التونسية ولاحظ أن الشهداء الذين ماتوا بالتعذيب يمكن أن يشملهم التعويض في أطر أخرى.
وقال :"لولا شهداء 14 جانفي ما كان بالإمكان الحديث عن تعويض من تعذبوا في السجون لذلك يجب منح الأولوية لتعويض شهداء 14 جانفي وجرحاهم قبل أي طرف آخر"..
أما النائبة يمينة الزغلامي فطالبت بإلحاح برفع التوصية المتعلقة بشهداء الحوض المنجمي للجلسة العامة.
وتجدر الاشارة في هذا السياق إلى أن مشروع القانون ضبط المدة التي على أساسها سيتم ضبط اسماء الشهداء والجرحى وتمت الاشارة إلى أنه تم التمديد فيها لتصبح بين 17 ديسمبر 2010 إلى 28 فيفري 2011 بعد أن كانت من 17 ديسمبر إلى 19 فيفري 2011 إذ تم الأخذ بعين الاعتبار اعتصام القصبة.
القائمة النهائية
نص مشروع القانون على أن إعداد القائمة النهائية لشهداء الثورة ومصابيها تقوم به لجنة تحدث لدى الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية تسمى لجنة شهداء الثورة ومصابيها.
وتتركب هذه اللجنة من 13 عضوا يتم تعيينهم بقرار من رئيس الحكومة كالآتي (رئيس الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية رئيس وممثل عن رئاسة الجمهورية عضو وممثل عن رئاسة الحكومة عضو وممثل عن وزارة العدل عضو وممثل عن وزارة الدفاع الوطني عضو وممثل عن وزارة الداخلية عضو وممثل عن وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية عضو وممثل عن وزارة الشؤون الاجتماعية عضو وممثل عن وزارة المالية عضو وممثل عن وزارة الصحة عضو وممثل عن اللجنة المكلفة بالشهداء والجرحى بالمجلس الوطني التأسيسي يختاره رئيس المجلس الوطني التأسيسي عضو وممثل عن اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق في التجاوزات المسجلة خلال الفترة الممتدة من 17 ديسمبر 2010 إلى حين زوال موجبها مقرر وشخصيتان تمثلان الجمعيات الناشطة في مجال حقوق الانسان يختارهما رئيس اللجنة عضوان.
وخلال نقاش تركيبة لجنة شهداء الثورة ومصابيها التي ستحدث صلب الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية أكد النائب محمد البراهمي على ضرورة التنصيص على أن تكون الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية عضوين في اللجنة وبينت النائبة كلثوم بدر الدين أن الرابطة انسحبت وذكرت نائبة أخرى أن التنصيص على الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان هو اقصاء لغيرها من الجمعيات المناضلة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان وفي نفس السياق بين النائب محمود قويعة أن التنصيص على الرابطة ومنظمة العفو الدولية يمكن أن يثير حساسية في الساحة الحقوقية فلما لا تكون جمعية حرية وانصاف أو المجلس الأعلى للحريات. ولاحظت النائبة سعاد عبد الرحيم ان هناك جمعيات وظفت ملف شهداء الثورة وجرحاها في إطار المزايدة السياسية ولم تفعل أي شيء للشهداء وترى النائبة سنية تومية أنه ليس من الضروري تعيين ممثلين اثنين على المجتمع المدني وكان الأحرى اختيار ممثل فقط وقالت :"سنفتح على أنفسنا بابا يصعب غلقه"، وفي المقابل عبرت النائبة سعاد عبد الرحيم عن رغبتها في أن يكون عدد ممثلي المجتمع المدني أكبر مما هو مقترح في مشروع القانون بهدف تعديل الكفة. ورفعت اللجنة في نهاية نقاش التركيبة توصية بأن تتركب اللجنة من ممثل عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وممثل آخر عن منظمة العفو الدولية.
نسبة السقوط
وتم التنصيص ضمن مشروع التعديل على النسبة التي على أساسها تقبل مطالب الإدراج بسجلات الجرحى والشهداء قصد تمكين اللجان المختصة من تحديد نسبة السقوط وتم الاخذ بعين الاعتبار نسبة 6 بالمائة لتكون معيارا يمكن الاعتماد عليه وذلك بدلا عن 10 بالمائة سقوط الواردة بالمرسوم عدد 3 لسنة 1972 المتضمن لضبط نظام الجرايات العسكرية للسقوط. وتم في مشروع القانون اقتراح اعتماد النظام القانوني للجرايات العسكرية للسقوط كمرجع للجنة عند تحديد التعويضات المستحقة. وعبر عدد من النواب عن ارتياحهم للنزول بهذه النسبة حتى يشمل الادراج بسجلات الجرحى والشهداء أكبر عدد من المستحقين.
الشركة التونسية للبنك
بعد نقاش موجز تم التأكيد خلاله على محاسبة المديرين الذين تداولوا على الشركة التونسية للبنك ممن يثبت تورطهم في الفساد وافقت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية مع تحفظ وحيد للنائب إياد الدهماني، على مشروع قانون بتعلق بالترخيص للدولة في الاكتتاب في الزيادة في رأس مال الشركة التونسية للبنك وفي تفعيل ضمان الدولة لفائدة البنك بعنوان اقتراضات خارجية..
وطبقا لهذا المشروع يرخص لوزير المالية القائم في حق الدولة في الاكتتاب في الزيادة في رأس مال الشركة التونسية للبنك وذلك في حدود واحد وأربعين مليون دينار. كما يرخص لوزير المالية بتفعيل ضمان الدولة لفائدة الشركة التونسية للبنك بمبلغ مائة وسبعة عشر مليون دينار بعنوان اقتراضات خارجية مضمونة من قبل الدولة. ويفرد المبلغ المتأتي من عملية تفعيل ضمان الدولة ضمن الأموال الذاتية للشركة التونسية للبنك تحت بند خاص بعنوان اعتماد باسم الدولة يكون غير قابل للإرجاع حتى يستعيد البنك توازنه المالي. وتحدد بمقتضى اتفاقية تبرم بين وزير المالية والشركة التونسية للبنك شروط واجراءات تطبيق ذلك. ويذكر أن لجنة المالية نظرت بدورها الأسبوع الماضي في نفس المشروع وصادقت عليه.