ربما من بين مزايا القمة السادسة عشرة لدول عدم الانحياز التي ستنعقد في العاصمة الإيرانيةطهران في الفترة ما بين 29 الى 31 أوت الجاري أنها ستحول منطقيا على الأقل دون شن أي عدوان عسكري إسرائيلي على طهران على امتداد السنوات الثلاث القادمة التي ستتولى فيها إيران الرئاسة الدورية للحركة... فإسرائيل التي لم تتجرأ على مهاجمة إيران وهي واقعة تحت حصار اقتصادي وفي شبه عزلة دبلوماسية دولية لا نظنها ستفعل في فترة وظرف تتولى فيهما هذه الأخيرة الرئاسة الدورية لحركة عدم الانحياز بما يعنيه ذلك من رمزية... على أن أكثر ما ستتجه إليه أنظار المراقبين على امتداد الأيام الثلاثة التي ستتواصل فيها أشغال القمة هو معرفة ما إذا كانت إيران ستتوفق فعلا في حسن استغلال «المناسبة» سياسيا من أجل التسويق لصورتها كدولة مسؤولة وحريصة على الأمن والسلام العالميين وليس»دولة مارقة» و»داعمة للإرهاب» كما تقول عنها وتصفها الولاياتالمتحدةالأمريكية وربيبتها إسرائيل... والواقع أن ملفين اثنين سيتحدد على ضوئهما مدى نجاح طهران في استغلال «فرصة» احتضانها لأشغال القمة السادسة عشرة لدول عدم الانحياز من عدمه... الملف الأول يخص برنامجها النووي المثير للجدل.. أما الثاني فيخص موقفها من المأساة السورية... بالنسبة للملف الأول (برنامجها النووي) ستكون إيران مطالبة مرة أخرى بالبرهنة للمجموعة الدولية التي يمثلها في القمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون على سلمية مشروعها النووي وذلك لا فقط من خلال الزيارات التفقدية للمراكز النووية التي ستنظمها للوفود المشاركة على هامش القمة كما أعلن عن ذلك أمس وزير خارجيتها علي اكبر صالحي وإنما خاصة من خلال تأكيد التزامها المطلق بالمعاهدات الدولية ذات الصلة من جهة وكذلك ولم لا توسيع دائرة تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من جهة أخرى ... أما عن ملف الأزمة السورية فيبدو أن إيران عازمة على «تصحيح» موقفها من هذه المأساة... نقول هذا لا فقط لأن وزير خارجيتها أعلن ان لدى طهران «اقتراحا» لتسوية النزاع في سوريا ستعلن عنه خلال قمة دول عدم الانحياز وإنما أيضا لأنها إن لم تفعل ستجد نفسها في تناقض مع مبادئ حركة عدم الانحياز ذاتها اعتبارا للطبيعة التحررية للحركة من جهة واعتبارا أيضا للصبغة الإصلاحية المدنية لانتفاضة الشعب السوري البطل ضد الديكتاتورية من جهة أخرى إن استضافة إيران للقمة السادسة عشرة لدول عدم الانحياز يمثل بالفعل فرصة هامة يمكن لطهران أن تجعل منها مدخلا عمليا ل»تطبيع» علاقاتها مع المجموعة الدولية وأيضا لرفع «الالتباس» الحاصل لدى قطاع عريض من الشعوب العربية حول موقفها من الأزمة السورية...