| كيف ستتصرّف الدّولة فيما تمّت مصادرته؟ | إستثناء الملابس الداخليّة و ألبومات الصّور والحقوق المرتبطة بذات الأشخاص من المصادرة ينصّ المرسوم عدد 13 لسنة 2011 المؤرخ في 14 مارس 2011 على مصادرة أموال وممتلكات منقولة وعقارية والحقوق المكتسبة بعد 7 نوفمبر 1987 والراجعة الى بن علي وزوجته وبقية الأشخاص المبينين بقائمة أسماء ملحقة بهذا المرسوم وغيرهم ممن قد يثبت حصولهم على أموال منقولة او عقارية او حقوق نتيجة علاقتهم باؤلئك الأشخاص. ولا تمس المصادرة المقررة بمقتضى هذا المرسوم من حقوق الدائنين في المطالبة بالوفاء بديونهم المترتبة قبل 14 جانفي 2011 على أن يتم ذلك وفق الإجراءات المحددة بإحكام هذا المرسوم. و في هذا السياق حددت الهياكل المعنية الأملاك المصادرة باختلاف أنواعها ولا تزال بصدد اكتشاف ومصادرة الجديد منها. ولمزيد إلقاء الضوء على هذا الملف اتصلت "الصباح الأسبوعي" بلجنتي المصادرة والتصرف في الأملاك المصادرة بالإضافة إلى خبير في الاقتصاد للحديث أكثر عن قيمة ما تمت مصادرته وأثره في الاقتصاد التونسي وحقيقة 1200 مليار قيمة الأموال المصادرة في قانون الميزانية التكميلي. أكدت لجنة المصادرة أن ما تمت مصادرته من أملاك 114 شخصا المنصوص عليهم في القامة الملحقة بالمرسوم المذكور آنفا إلى حد كتابة هذه الأسطر قد بلغت 353 شركة في مختلف الأنشطة الاقتصادية (سياحة وخدمات ..) ، و372 عقارا (أراض فلاحية وعقارات ومبان..) - فيما لا تزال اللجنة تتعاطى مع عقارات أخرى وهو ما أكده لنا رئيسها نجيب هنانة و 380 مليون دينار كمنقولات (أموال ومحافظ مالية وودائع..)، و188 سيارة من بينها سيارات فاخرة يصل سعر بعضها إلى مليارين أو ثلاثة، وتجدر الإشارة إلى أن ما تمت مصادرته غير مبرمج في ما تم الحديث عنه وبرمجت قيمته المالية ب1200 مليار في الميزانية التكميلية. بصدد المصادرة يقول القاضي نجيب هنانة رئيس لجنة المصادرة :"إن ما تم ذكره يصب في خانة المكاسب المصادرة التابعة للأشخاص المصادرين وعددهم 114 من المكاسب المعلومة، لكن اللجنة بصدد الكشف عن عقارات مسجلة أو غير مسجلة أو شركات وهمية أو قانونية أو شركات واجهة أو أشخاص واسطة. كما ان حجم المكاسب المنشورة التي تمت مصادرتها لم نستطع تحديده الآن لأن ذلك يختلف حسب درجة الفساد لكن الثابت أنهم موجودون. لقد غيرنا منهجية وإستراتيجية عملنا للكشف عن بقية الأملاك وذلك عبر العمل على القيام الأعمال التحقيقية ذات الصلة مع تقصي المعلومة من خلال أجهزة الدولة القائمة واستعمال وسائلها الخاصة المتاحة قانونا مع التنسيق مع السلطة القضائية. لقد طبقنا استثناءات قانونية كاستثناء الميراث (لم تصادر اللجنة ما ورثه زين العابدين بن علي من أبيه من أشجار زيتون في حمام سوسة).كما استثنينا - وذلك عملا بالمواثيق الدولية التي صادقت عليها بلادنا أو القانون التونسي وعملا بالفصل 308 من مجلة المرافعات التجارية الملابس الداخلية والبومات الصور وكذلك الحقوق المرتبطة بذات الأشخاص كالتامين على حوادث المرور. نحن الآن بصدد النظر في توفير حد ادني معيشي لهؤلاء خاصة للأبناء القصر، ويقع التعاطي مع ذلك حالة بحالة بالتنسيق مع لحنة التصرف". فصل ثان .. ذكر المرسوم عدد 13 في فصله الثاني الأشخاص المنتفعين بصفة غير مشروعة وقانونية من قربهم من قائمة 114 ، وهم ممن قد يثبت حصولهم على أموال منقولة او عقارية او حقوق نتيجة علاقتهم ببن علي وبقية القائمة الملحقة بالمرسوم. ويشدد هنانة على ان هؤلاء الأشخاص لم يقع تحديدهم بعد ويتساءل عن هويتهم وعن المقاييس التي سيقع اعتمادها لتحديدهم.وفي هذا الإطار حددت لجنة المصادرة 4 شروط لتحديد قائمة المنتفعين من غير القائمة المذكورة آنفا (قائمة 114) وهي تتمثل في، أولا ضرورة ان يكون لهم علاقة بالأشخاص المصادرين (شخصية وموضوعية وتستمد من القرابة والمصاهرة وعلاقة النفوذ والجاه)، ثانيا على الأشخاص الذين ستصادر أملاكهم ان يكونوا قد استفادوا شخصيا من تلك العلاقة أي استثرى على حساب المجموعة الوطنية اعتمادا على علاقته ببن علي وأصهاره،ثالثا يجب ان تكون تلك الاستفادة مبناها الفساد ، وأخيرا وجب ثبوت العلاقة السببية بين الشروط الثلاثة السابقة بناء على تكوين ملف من الناحية الفنية والقانونية وذلك بالاعتماد على النصوص القانونية ذات الصلة، وفي هذه الشروط ضمانا لحقوق الدولة دون تجن على الناس او تحامل عليهم. وتجدر الإشارة إلى انه سيتم تمكين الأشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط الأربعة من حق الدفاع عن أنفسهم. كما انه وبعد تكوين ملفات وبعد التثبت منها سيتم إحالتها على لجنة المصادرة الجماعية للتثبت في قابلية مصادرة أملاكهم من عدمها. وبخصوص الطعن في قرار لجنة المصادرة بشان هؤلاء الأشخاص يقول نجيب هنانة:"بخصوص الطعن في قراراتنا اعتقد شخصيا أن القرار المتخذ بمصادرة أملاك قائمة 114 يبقى سياديا غير قابل للطعن ما عدى الميراث لأنه مسألة تقديرية تنكب اللجنة على دراستها وتوفير الشروط القانونية المستوجبة فيه وبالتالي فان القرار حينئذ يبقى قابلا للطعن في حدود تلك المسألة القانونية. أما الأشخاص الآخرين (المشار إليهم في الفصل الثاني من المرسوم عدد13) فان قرار لجنة المصادرة يبقى قابلا للطعن لدى المحاكم تحديدا إلى القضاء العدلي وذلك ضمانا للحياد وعدم ظلم أي طرف". تفويت.. بدوره يقول عبد الحميد الغانمي عضو بلجنة التصرف في الأملاك المصادرة التابعة لوزارة المالية في حديثه على التفويت:"حددت الأملاك التي تم وضعها على طاولة التفويت إلى حد الآن في شركة النقل واسهم من شركة تونيزيانا ومساهمات في البنك التونسي والمدرسة الدولية بقرطاج واسمنت قرطاج. كما انه سيتم التفويت في أراض وعقارات وقد أصدرنا عرضا في جويلية الفارط 4 او 5 عقارات ولم يصلنا أي عرض في الغرض وسنعيد إصداره من جديد. كما سينظم معرضا في القريب العاجل لعرض منقولات ولوحات زيتية وكهرومنزلية وغيرهما من الأشياء بقصر سيدي ظريف سيتم التفويت فيها. وبشان السيارات التي تم بيعها فقد بلغت قيمتها الجملية قرابة 90 ألف دينار وهي سيارات عادية من نوع 'فيات'و'قولف'وايسيزي'وغيرها، وقد أعلنا عن طلب عروض ل26 سيارة وشاحنة صغيرة الحجم. وتجدر الإشارة إلى أن عملية التفويت في الأملاك لن تكون قانونية إلا بعد موافقة رئيس الحكومة ويبقى دورنا هو اقتراح ما يمكن التفويت فيه". منافع منتظرة بعد تحديد القيمة الإجمالية للأملاك المصادرة وعن كيفية الاستفادة منها يقول الخبير الاقتصادي والمالي فيصل دربال:"قبل الحديث عن كيفية الاستفادة من الأملاك المصادرة لا بد من التأكيد على ضرورة المداخيل غير القانونية والشرعية ( وهو ما لم يأت عليه المرسوم عدد13 ) إلى جانب المنقولات والعقارات وغيرهما.اما الأمر الآخر والذي لا يقل أهمية يتمثل في كون عائدات ما تمت مصادرته بعد التفويت فيه بشكل قانوني سيمكن الدولة من مداخيل إضافية ستخفف من عبء الجباية على الأشخاص والشركات". كما أكد خبراء آخرون على أن الأموال المتأتية من التفويت في الأملاك المصادرة وهي أرقام كبيرة ستسمح للدولة بالتخفيف في الاداءات والتقليص من التضخم المالي للمواطنين وبالتالي عدم اثقال كاهل رجال الأعمال من الجباية والاداءات . كما ستفتح هذه الأموال أبواب خيارات عديدة أمام الحكومة تتعلق حتى بوضع ميزانية اكبر من حيث الحجم من ميزانية هذه السنة. لم تتحدث حتى جهة عن القيمة التقديرية لما تمت مصادرته وهو امر طبيعي لان الاملاك المصادرة خاصة العقارات او الشركات تبقى اسهمها في ارتفاع، لكن ما يجب التنصيص عليه هو كيفية التصرف في هذه الاملاك التي هي في الأساس افتكت من الشعب بطرق غير قانونية وعادت اليه. حقيقة اخرى لا يمكن لاي عاقل ان ينكرها تتمثل في ان قيمة الاملاك المصادرة كبيرة جدا وجب حسن التصرف فيها ليتم من خلالها الرفع في المستوى المعيشي للشعب والتقليص من الارتفاع في الاسعار الذي يعيش على وقعه.