في إطار إعداد البرنامج الثاني لدعم النشاط الاقتصادي "المزمع تمويله من قبل البنك العالمي والبنك الإفريقي للتنمية والاتحاد الأوروبي" نظمت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي لقاء إعلاميا صباح أمس بأحد النزل بالعاصمة افتتحه رياض بالطيب وزير الاستثمار والتعاون الدولي ليعقبه سليم بسباس وزير المالية بالنيابة فمحافظ البنك المركزي الشاذلي العياري إلى جانب ممثلين عن القطاع الخاص والإدارة وعدد من ممثلي المجتمع المدني. بين وزير الاستثمار والتعاون الدولي رياض بالطيب مدى تأثير الأزمة الاقتصادية الأخيرة-فضلا عن تداعيات ثورة14جانفي- على الاقتصاد الوطني التونسي. وهو ما جعل الحكومة الحالية على حد تعبيره- تحرص على تغيير صياغة استراتيجية الوضع الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة. إلى جانب وضع برنامج إصلاحي ينطلق من تشخيص النقائص التي يشهدها القطاع الاقتصادي وهو برنامج جاء نتيجة استشارات موسعة من طرف الكفاءات سواء على الصعيد المحلي أو العالمي.
تطوير السوق المالية
وزير المالية بالنيابة سليم بسباس أشار في مداخلة ثانية إلى مدى ضرورة تطوير السوق المالية المحلية، مشيرا إلى أن السوق المالية والمصرفية تقوم بدور كبير في دعم النشاط الاقتصادي من خلال تجاوز الصعوبات ورسم مناهج عمل حديثة تقطع مع الاستراتيجية السابقة. وبين بسباس أنه بداية من 2013 يمكن الاطلاع على ميزانية الدولة واعتماد مبدأ الشفافية كسبيل لتفادي الفساد المالي بكل أنواعه، إضافة إلى أنه سيتم مراجعة وتنقيح قانون عدد49 لسنة2003 المؤرخ في 27جوان الذي يتعلق بعمليات الشراء مع التعهد بإعادة البيع للأوراق المالية والأوراق التجارية والمنشور التطبيقي للبنك المركزي لتسهيل منح نسب الفائدة وتنشيط السوق الثانوية ، مبينا في ذات السياق أهمية العلاقات بين وزارة المالية والبنك المركزي في التعاطي مع كل هذه المستجدات.
إصلاحات تنتظر الجهاز المالي
بين محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري في إطار الإصلاحات المزمع إدخالها في المدى القريب والنهوض بالاقتصاد الوطني أنه يجب التعجيل بإصلاحات كبيرة على مستوى التصرف المالي بالأساس وهو أمر يتطلب حسب رأيه "توفير الأمن ودعم التنمية الاقتصادية على أسس صحيحة وعلى مدى طويل". وأشار في نفس السياق إلى مدى أهمية تعاون كافة الهياكل المعنية بالجهاز المالي والذي لا يمثل البنوك فحسب بل يشمل وزارة المالية والتأمين وغيرها من الهياكل التي من شأنها أن تؤمن تطوير التنمية الاقتصادية. فالجهاز المالي وفق ما جاء به الشاذلي العياري في مداخلته، جهاز متشعب إقراضي ينبغي إعادة صياغة القوانين فيه وتكثيف المراقبة حول مواطن ملفات الفساد السابقة لا سيما وزارة المالية التي تعتبر حسب رأيه جزءا لا يتجزأ من مهام البنك المركزي. وأشار العياري إلى أن الإصلاح البنكي عامة يجب أن يدخل تحت غطاء "الحوكمة الرشيدة"، ولخص مكونات هذه الحوكمة في عدة عناصر أهمها رسملة البنوك Capitalisation والتي تبقى-إلى جانب المؤسسات الانتاجية- في غاية الأهمية. وقال "الدولة بصدد تنفيذ هذا المشروع ومن المؤكد أن يعطي مفعوله في المدى القريب". وأشار الشاذلي العياري إلى ضرورة إنشاء إدارة المخاطر Système De Risques ومحاولة النسج على منوال البلدان المتقدمة لأن العمل المصرفي "معرض للمخاطر لأن كل عملية اقتراض تمثل خطرا وبالتالي يجب توفير الاحتياطيات اللازمة تحسبا لتلك المخاطر". وعملية تمكين البنوك من تفادي المخاطر Gestion De Risquesمستقبلا هي بصدد التنفيذ وذلك بالتعاون مع أخصائيين فرنسيين ويابانيين وأمريكيين لرسم خطى جديدة نحو الإصلاح المالي والنهوض بالاقتصاد.
رقابة تخضع لنصوص قانونية
من وظائف البنك المركزي حسب محافظه الرقابة الدقيقة لكل ملفات البنوك كما البنوك الخاصة الأجنبية لأن "الساحة المالية مرتبطة ببعضها البعض" .وأثبت الشاذلي العياري أن تقوية عملية الرقابة من بين البرامج المقترحة لتفادي التجاوزات بشتى أنواعها. "الاستبناك" Bancalisation كذلك هي من المقترحات المبرمجة تتمثل في نشر ثقافة البنوك عند المواطنين والتعامل مع البنوك عبر الهاتف على غرار العديد من البلدان المتقدمة.
المديونية "المسمومة"
وتحدث محافظ البنك المركزي على المديونية "المسمومة" والتي تتمثل في عجز البنك المركزي عن إنقاذ البنوك التي تتخلد عندها ديون كبيرة وبالتالي يجب دراسة هذا الموضوع جيدا ومحاولة تفاديه، وكشف أنه أعطى الضوء الأخضر بالنسبة للصيرفة الإسلامية في تونس "بغض النظر عن الوازع الديني فهي أي الصيرفة الإسلامية- تعد من مكونات الجهاز المالي وعاملا رئيسيا لانفتاح اقتصادي كبير".