"استحواذ صندوق الاستثمار "روايال لوكسمبورغ" على 13 بالمائة من رأس مال البنك التونسي في ظل غياب مسألة الشفافية وعدم احترام خصائص الحكم الرشيد وعدم العمل بقانون المشتريات العامة هو أمر غير طبيعي بالمرة وغير متداول في عالم المال، بل لا يتفق مع ما نعيشه من انتقال ديمقراطي وما نصبو إليه من ازدهار في شتى القطاعات ..". ذلك ما بيّنه الخبير الاقتصادي معز الجودي ل"الصباح" مؤكّدا على أهمية ملف المصادرة وانعكاساته على المجال الاقتصادي والسياسي فالاجتماعي. وقد بيّن محدثنا في ذات السياق وفي إطار تقديم موضوع بيع أسهم من القطاعات الاستراتيجية، أنه من خلال دراسة أولى "مثل ملف المصادرة ما بين 20 و22 بالمائة من الناتج القومي الخام وهي نسبة مرتفعة نظرا لقيمة المؤسسات التي وقعت مصادرتها وهو ما يجرنا بالضرورة إلى حسن التصرف في هذه الممتلكات خاصة بعد استرجاعها من العائلات المالكة في عهد النظام السابق". أما موضوع البنك التونسي فقد أكد محدثنا أن عملية التفويت في نسبة13 بالمائة من رأس ماله "تبدو غريبة وغير منطقية بل تستدعي جملة من التساؤلات..لا سيما أن عملية التفويت أعلن عنها في شهر أوت الماضي وفي شهر سبتمبر وقع التصويت.." ممارسات يرى معز الجودي أنها تمثل "عملية خطيرة تفتقد القواعد والأساسيات لتقييم مثل هذه المؤسسات العريقة، ذلك أن عملية التقييم عادة ما تصل إلى ستة وثمانية أشهر " وهنا يوجه محدثنا سؤاله إلى الحكومة "متى قمتم بعملية التقييم وماهي الأسس التي اعتمدتموها؟". ثم إنّ مجلة الصفقات العمومية حسب الخبير الاقتصادي تنص على ضرورة تعيين مختصين في المحاسبة فضلا عن رسم استراتيجية جديدة للمؤسسة من طرف الحكومة ومراقبة البنك المركزي لكل الحيثيات التي تتعلق بشفافية ومصداقية العمل. عجالة أم عدم كفاءة؟ الخطير في عملية التفويت في 13بالمائة من أسهم البنك التونسي حسب معز الجودي هم أنّ هذا البنك سيطبق عليه "franchissement de seuil" أي أن "صندوق الاستثمار روايال لوكسمبورغ سيصبح له تأثير على القرارات". والأخطر من ذلك وفق ما جاء به الخبيرأن طلب العروض عامة يتطلب شروطا تقنية وشروطا مالية وهو ما ليس متوفرا في هذه العملية إذ "من الأرجح أن لا تقبل الحكومة هذه الصفقة لأننا بحاجة إلى هيكل صاحب خبرة واسعة نكون متأكدين من مواصفاته ومن فرضية تستر البعض وراء صندوق الاستثمار، فمن يستطيع أن ينكر أن وراء هذه العملية عصابة الطرابلسية أو صخر الماطري أو مافيا ايطالية.. سعيا إلى تبييض الأموال وضمان الأرباح ثم الانسحاب؟.." أمام كل هذه الاحتمالات تساءل محدثناعن دور محافظ البنك المركزي ووزارة المالية في هذه المسألة الهامة وفي ملف المصادرة عامة قائلا "أ من أجل 207 مليار نسلم هيكل بنكي ضخم في ظل الضبابية المطلقة والحال أن مجمع بولينا وسليم الرياحي.. قدموا عروضا محترمة والحكومة على دراية كبيرة بعلاقاتهم الخارجية ومصادر أموالهم ..ما أتمناه أن الحكومة تسرعت في أخذ هذا القرار وليس لسوء نية..وإني أخشى على تونس حالة إفلاس نتيجة المصادرة لأهم المؤسسات مثل ما وقع في ايزلندا في إطار تعاملها مع صناديق ضريبية.."