بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    هذه هي أسعار أضاحي العيد بالقصرين    عاجل : انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز أكساد    مساندة متواصلة للفئات الضعيفة.. قريبا انطلاق معالجة مطالب التمويل    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. قصّر يخربون مدرسة..وهذه التفاصيل..    وفد من الحماية المدنية في الجزائر لمتابعة نتائج اجتماع اللجنة المشتركة التقنية المنعقد في جانفي الماضي    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    صندوق النقد الدولي يدعو سلطات هذه البلاد الى تسريع الاصلاحات المالية    جندوبة: الحكم بالسجن وخطيّة ماليّة ضدّ ممثّل قانوني لجمعيّة تنمويّة    الرابطة الأولى: جولة القطع مع الرتابة في مواجهات مرحلة التتويج    قرعة كأس تونس 2024.    الحكم الشرعي لشراء أضحية العيد بالتداين..!    مفزع/ حوادث: 15 قتيل و500 جريح خلال يوم فقط..!!    الكاف..سيارة تنهي حياة كهل..    مدنين: القبض على مُتحيّل ينشط عبر''الفايسبوك''    المدير العام لبيداغوجيا التربية:الوزارة قامت بتكوين لجان لتقييم النتائج المدرسية بداية من السنة الدراسية القادمة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقّعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    بدرة قعلول : مخيمات ''مهاجرين غير شرعيين''تحولت الى كوارث بيئية    عمال المناولة بمطار تونس قرطاج يحتجون    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    البحيرة: إخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين من المهاجرين الأفارقة    أبل.. الأذواق والذكاء الاصطناعي يهددان العملاق الأميركي    عاجل/ يرأسها تيك توكور مشهور: الاطاحة بعصابة تستدرج الأطفال عبر "التيكتوك" وتغتصبهم..    خليل الجندوبي يتوّج بجائزة أفضل رياضي عربي    حفاظا على توازناته : بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة يرفع رأس ماله الى 69 مليون دينار    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    معهد الصحافة يقرر ايقاف التعاون نهائيا مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية بسبب دعمها للكيان الصهيوني    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    المنظمة الدولية للهجرة: مهاجرون في صفاقس سجلوا للعودة طوعيا إلى بلدانهم    نبيل عمار يستقبل البروفيسور عبد الرزاق بن عبد الله، عميد كلية علوم الكمبيوتر والهندسة بجامعة آيزو اليابانية    عاجل/ اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية بهذه الولاية..    حالة الطقس ليوم الجمعة 03 مارس 2024    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    وسط أجواء مشحونة: نقابة الصحفيين تقدم تقريرها السنوي حول الحريات الصحفية    الرابطة المحترفة الاولى : تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    تشيلسي يفوز 2-صفر على توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    البطولة الوطنية : تعيينات حُكّام مباريات الجولة الثانية إياب من مرحلة تفادي النزول    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    إصابة 8 جنود سوريين في غارة صهيونية على مشارف دمشق    أبناء مارادونا يطلبون نقل رفاته إلى ضريح في بوينس آيرس    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    مجاز الباب.. تفكيك وفاق إجرامي مختص في الإتجار بالآثار    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



10 أشهر في وزارة الثقافة.. عصابة الأربعة... الشعراء الحقيقيون... واللغة العربية المهدّدة
أحاديث الصباح :محمّد اليعلاوي يتحدث عن
نشر في الصباح يوم 01 - 03 - 2008

رجل عشق اللغة العربية.. فاستمات في الدفاع عنها.. نذر حياته لترجمة الابداعات الأدبية وأسّس تقليدا في ذلك.
هو دائم الحضور بالمتابعة والمناقشة وابداء الرأي الصريح في اللقاءات والمواعيد والتظاهرات التي لها صلة قريبة ومتينة وثابتة بالأدب قديمه وحديثه..
مروره السريع على حد تعبيره في وزارة الثقافة كمشرف أول عليها خلال فترة السبعينات يرى فيه احراجا عند الحديث عن الفترة.. اتهمه خصومه في فترة سابقة بأنه مناهض للحداثة والتحديث.. ورغم ذلك فقد اعتبر أن هذا «الاتهام» هو نتيجة سوء فهم لما يؤمن به من ثوابت ومواقف اولها وأهمها دفاعه المستمر عن اللغة العربية التي اصبحت اليوم أكثر من أي وقت مضى مهددة انطلاقا من هذه السهولة التي اصبح يتعامل فيها مع لغة الضاد .
محمد اليعلاوي الباحث والمحقق والمترجم.قال عنه ابو القاسم محمد كرو «اليعلاوي هو من القلائل جدا الذين كان تعليمهم كله مدرسيا.. ومع ذلك لم يفرق بين هذا مدرسي وهذا زيتوني.. فالجميع عنده وعند النزهاء هم تونسيو ن.. واعمالهم وتاريخهم واخلاصهم لتونس.. هو المعيار الصحيح.. اي معيار النزاهة والحب والعمل..!!
فسواء تعلم او تخرج التونسي اي تونسي في باريس او موسكو او بغداد او في بيروت ودمشق والقاهرة.. فهو دائما تونسي.. من أجل تونس يتعلم ومن اجلها يتغرب ثم يعود اليها ويعمل لها بعلمه وبيده ولسانه عملا بالحديث المأثور:
«الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها اخذها».
والمأثور الآخر:
«اطلبوا العلم ولو في الصين»!؟
** يرى بعض النقاد أن الدكتور محمد اليعلاوي لا تكمن قيمته في غزارة انتاجه وضخامة منشوراته بل في ما تحمله من ثوابت فكرية..
فهل تحدد لنا هذه الثوابت؟
لا أعتبر ان لي رسالة اوجهها الى المواطنين وليست لي مواقف فلسفية او فكرية مضبوطة معنية.. ولئن كان لي ان استظهر بشيء من الصفات فحبي الدائم للوطن ودفاعي عن الحق مهما كلفني ذلك من سوء فهم عند بعض الأطراف.
** كنت عرضة لسوء فهم مواقفك؟
سوء فهم بعض مواقفي حين تحمّلت بعض المسؤوليات الجامعية او السياسية.. وعن مواقفي الثابتة التي اعتز بها دفاعي المستمر عن اللغة العربية والحضارة العربية الاسلامية وهذا ايضا جرّ لي بعض الانتقادات من الدعاة الى نوع من الحداثة المتسرعة الزائفة.
** أواصل مع آراء بعض النقاد ويستوقفني هنا موقف الناقدة فوزية الزاوق الصفّار التي ترى في الدكتور محمد اليعلاوي مثقفا موسوعيا؟
الموسوعية في الوقت الراهن شبه مستحيلة.. لا يمكن لأي انسان ان يلمّ بجميع العلوم والمعارف والتقنيات التي تتقاسم هذا الكون ولعل هذا الحكم اللطيف من هذه الزميلة ناتج عن كوني مثل الكثير من أهل جيلي أملك ثقافة مزدوجة بين عربية وفرنسية وبعض اللغات الاخرى.
على أن اهتماماتي لم تعد الميدان الذي اشتغلت فيه طيلة خمسين عاما وهو الدراسات العربية في اللغة والأدب والتاريخ وايضا الترجمة من العربية الى الفرنسية وبالعكس او من الايطالية الى الفرنسية ولكني لن أكتب شيئا في الفنون التشكيلية ولا المسرح والموسيقى.. ولو فعلت لكنت موسوعيا.
** بحكم تمكنك من اللغة الفرنسية الى جانب الايطالية.. وانت من المدافعين بشدة عن اللغة العربية.. وجهت اهتماماتك الى الترجمة.. فما هي منهجيتك في هذا الشأن؟ بمعنى آخر هل لك منهجية محددة في تعاطيك مع الترجمة؟
اقول في هذا الاتجاه انه بخصوص الترجمة التقنية الفنية مثل ترجمة كتب الطب والهندسة والفلاحة والتكنولوجيا المتقدمة كما يقولون.. هناك منهجية ضرورية تبدأ بالاطلاع على القواميس المختصة وهكذا يترجم الطبيب كتب الطب والمهندس المعماري كتب التراث المعماري.
اما الترجمة للأثر الثقافي الأدبي مثلا او المسرحي فانها لا تتطلب منهجية مخصوصة سوى التوق الفردي والاطلاع الذاتي والمعرفة المدققة بخصوصيات اللغة المنقولة والمنقول اليها مع أن هذا الاطلاع الواجب لا يمنع من اللجوء الى قواميس مخصوصة في دقائق اللغة.
مثل اللغة الفرنسية لها قواميس مختصة منها القاموس الاشتقاقي الذي يرجع بالكلمة الى اصلها اللاتيني او اليوناني او العربي احيانا ويضبط تاريخها.. ولها كذلك قواميس تقريبية تذكيرية تسمح للباحث بان يعثر على اللفظة القريبة من الفكرة التي يريد التعبير عنها.
** هل من توضيح أكثر؟
هناك فرق في العربية مثلا بين السبات والاغفاء والرُقاد فمثل هذه القواميس تسمح للباحث وللمبدع باكتشاف الكلمة الاقرب الى الفكرة، فلا يستعمل الماء فقط حين يريد الزُلال والفُرات ولا يستعمل الضرب فقط حين يريد اللطم واللكم.. وهذا النوع من القوامس مفقود في عربيتنا الحديثة وان كان موجودا في القديم مثل «فقه اللغة» للثعالبي و«الغريب المصنّف» لابي عبيد.
ثم من المنهجية الواجبة في الترجمة يقابل المترجم ترجمته بعد الفراغ منها بالأصل الذي انتقل منه وذلك بقراءة نصّه الجديد بصوت عال حتى يتيقن من فصاحته وخلوه من الغلط وقبول الاسماع له من حيث الجرس والايقاع.
** تقرأ ما تترجمه بصوت عال؟
بالفعل أقرأ على زملاء لي ما أقوم بترجمته.
** بعض القراءات الآحادية تعتبر أن الترجمة هي «خيانة للنص الأصلي»؟
هذه مقولة معروفة في الايطالية: يقولون «المترجم.. رجل خوّان».. والترجمة صعبة اذا طلبنا الوفاء الى الفكرة والعبارة معا فلا بد ان نضحي بشيء من هذين الاساسيين: المضمون والشكل وتظهر هذه الصعوبة خاصة في ترجمة الشعر وموقف الجاحظ وأبي حيان في هذا الموضوع معروف.
وبما أن 2008 هي السنة الوطنية للترجمة فلا بد في نظري تجنّب عقبتين هامتين.
** كيف تحدّد العقبتين؟
أولا علينا ان نقدم للغير اي للعالم العربي في الحقيقة من منتوجنا الابداعي ما هم به أدرى أي ان نقدم لهم القضايا والمشاكل الوجودية الانسانية الفلسفية الاجتماعية التي نقلناها عنهم فنرد اليهم بضاعتهم فلا فائدة في نظري أن نقدم لهم وجودية «أبي هريرة في احاديث المسعدي» فانهم سيقولون هذه نعرفها عند سارتر وألبار كامي وغيرهما.
والعقبة الثانية: ان نتجنّب ترجمة ما يوافق هواهم بخصوص ثقافتنا وتقاليدنا وعاداتنتاديننا كالالحاح على عبودية المرأة بالنسبة الى الرجل وكبت المجتمع لحريات المرأة خصوصا وسيطرة الأحكام المنسوبة خطأ الى الدين على سلوك الفرد.. فهذه منقولات يؤمن بها الغرب ويرددها صباحا مساء ويرفع من شأن الكتّاب العرب الذين يصفونها ويرددونها ويتقربون بها الى الجمهور الغربي فيرفع من شأنهم في وسائل الاعلام ويسند اليهم الجوائز كالطاهر بن جلون وفاطمة المرنيسي.
** بادرت باصدار كتاب اعتبر أنموذجا في الترجمة.. كيف تقدم للقارئ هذا الكتاب الذي اعتبره الوحيد من نوعه في تونس وحتى في العالم العربي؟
أول كتاب نشرته بفضل الحاج الحبيب اللمسي صاحب دار الغرب الاسلامي في بيروت هو مجموع نصوص عربية وفرنسية مترجمة بين اللغتين في جانب عربي على اليمين مترجم من الفرنسية وجانب فرنسي على اليسار مترجم من العربية بعنوان «مائة نص عربي ومائة نص فرنسي في ترجمة متقابلة.
ومصدره هو دروس في الترجمة المشتركة بين اللغتين اجريتها مع طلبتي في كلية الآداب ودار المعلمين العليا وقد صدّرت هذا المجموع في جانبيه اليميني واليساري بملاحظات حول منهجية الترجمة وأحكام النحو والصرف والبلاغة في اللغتين وقد لقي هذا الكتاب رواجا عند الطلبة والأساتذة.
** ما يلفت الانتباه الألفاط الدخيلة على اللغة العربية التي أصبحت متداولة بشكل كبير على غرار «يفركس، يركش...» كيف تنظر الى هذه المسألة؟
من المصائب التي تتعرض لها اللغة العربية في هذا البلد الذي ينص الدستور على ان لغته هي العربية طغيان الاسفاف والتخليط والابتذال على برامح بعض القنوات الاذاعية.
فعندنا اذاعة تسمى اذاعة «موش نورمال» لانها تخلط بين الدخيل والفصيح المهجور.. ولو اكتفت هذه القناة باللغة العامية الدارجة التي تكون مقبولة، محبوبة مفهومة.. واضحة مثل لغة المرحوم عبد العزيز العروي في القديم والأديب أحمد العموري حاليا لبلّغت رسالتها.
وقناة أخرى يقال لها «الاذاعة الثقافية» تطغى فيها اللغة العامية على الجانب التعليمي الذي ينتظر من اذاعة ثقافية علاوة على طغيان الجانب الترفيهي اعني الغناء السيّار الذي يقطع حديث الضيف الذي تستقدمه هذه القناة فقبل أن يفتح فاه تقدم له المذيعة النغم.
** حتى وان كان هذا من الطرب الأصيل؟
اذا شرع الضيف في الحديث عن فنّه ومهنته تقاطعه المذيعة بنغم آخر بدعوى ان السامع لا يتحمل حديثا ثقافيا يتجاوز 5 دقائق بدون نغم وطرب.
** ألا تستجيب نفسك لهذا الطرب؟
نعم وأحبّه وأميل اليه وأسجّله احيانا على شرط أن يكون هكذا مقحما في برنامج ثقافي أدبي.
** من الاشكاليات التي برزت على السطح بخصوص الاطروحات الجامعية اشكالية اعدادها وتقديمها بالفرنسية لا بالعربية.. رغم أن مواضيعها ومضامينها عربية بالأساس؟.
وقع سوء تفاهم بين الجامعة والجمهور في اوائل الانتاج الجامعي بخصوص الأطروحات الجامعية: كيف تؤلف بالفرنسية لا بالعربية؟ والجواب أن الاطروحات الجامعية كانت تقدم في جامعات فرنسية أمام لجان فرنسية باللغة الفرنسية طبعا كما كانت الاطروحات في الآدب الانقليزي والألماني امام لجان فرنسية باللغة الفرنسية ايضا.. فهذه تقاليد الجامعة الفرنسية الى اليوم.
وكان من الممكن أن نطبق هذه القاعدة على اطروحاتنا فتناقش بالعربية امام لجان تونسية محضة ولكن الاطار الجامعي التونسي كان ضئيلا بل مفقودا.
فلذلك التجأ المترشحون الى اللجان الفرنسية والى اللغة الفرنسية وحين تكوّن الاطار الجامعي التونسي أمكن تشكيل لجان مناقشة تونسية بحتة صارت الاطروحات تقدم بالعربية حتى اننا احتفلنا في كلية الآداب بأول اطروحة جامعية تونسية باللغة العربية في يوم مشهود حضره المرحوم الهادي نويرة وهو الوزير الاول آنذاك.
** والحل الذي تقدمه بخصوص الأطروحات التي تم اعدادها في السابق باللغة الفرنسية رغم تناولها لقضايا واشكاليات عربية؟
الحل اليوم بخصوص الاطروحات المقدمة بلغة أجنبية ان يعربها اصحابها كما فعلت انا في رسالتي عن «ابن هاني» وكما يفعل غيري والمطلوب من جامعتنا أن تقرّ مبدأ تقديم الاطروحات باللغة العربية أمام لجان تونسية او على الاقل باللغة الاجنبية التي تتعلق بها الاطروحة فلا يعقل ان تقدم أطروحة من استاذ يدرس الألمانية في جامعة تونسية باللغة الفرنسية فإمّا بالألمانية او العربية.
** أشرفت خلال فترة السبعينات على دواليب وزارة الثقافة.. ماذا بقي في ذاكرتك في هذا الاتجاه؟
الحديث عن مروري السريع بوزارة الثقافة (10 اشهر) محرج نوعا ما، فلذلك اكرر مقولة جبران خليل جبران «ذاك عهد من حياتي قد مضى» أعني لا أحبّذ الرجوع الى ذاك العهد على أنّي أذكر بعض حسناتي ان صح التعبير.. اني رفعت مقدار منحة بعض المبدعين الذين كانوا مهمشين واقترحت على الحكومة ان تحدث صندوق تقاعد لأهل الثقافة المبدعين الذين لا ينتسبون الى اطار اداري وقد بادر رئيس الدولة زين العابدين بن علي بتوجه رائد في هذا الاتجاه من خلال انشاء «رخصة المبدع».. وافخر باستقدامي لفرقة دريد لحام في مسرحية «على نخبك يا وطن» واستقدام السرك الصيني والفضل يعود والحق يقال الى الدكتور صالح المهدي الذي طوّر فرقة الفنون الشعبية والموسيقى التونسية فجعل منها خير واجهة لبلادنا في العالم المغاربي والعربي.. وقد ازمعت تشجيع النشر باحداث مركز تعرض فيه الكتب التونسية وتباع وتدرس ولكن عمري كان قصيرا ودور النشر الرسمية الثلاث قد قبرت جميعا او كادت.
** في برنامج تلفزيوني كشفت عما اسميتهم ب«عصابة الاربعة» التي حاربتك وأنت وزيرا للثقافة.. فما هي حقيقة هذه «العصابة» وكيف تعاملت معها؟
«عصابة الأربعة» من المسرحيين التونسيين»: هذه عبارة للتندّر وصفنا بها بعض المنشطين المسرحيين في السبعينات كانوا يطالبون وزارة الثقافة بالامدادات المالية المتجددة الطائلة دون ان يقدموا عملا مسرحيا مقبولا مرموقا مثلما كانت تفعل الجمعيتان المرحومتان «الكوكب التمثيلي» و«الاتحاد المسرحي» قبل الاستقلال.
اما هؤلاء فكانوا أربعة وكانوا كالباحثين الذين يبحثون دوما دون ان يجدوا.. والعبارة منقولة عن تسمية صينية تبعت وفاة زعيمهم ماوتسي تونغ، فقد تألفت مجموعة من اتباع فقيدهم «ماو» حول أرملته وكانوا ثلاثة معها فسميت مجموعتهم في الصين ب«عصابة الاربعة» ولم تنجح في دعوتها للرجوع الى ما يسمى عندهم ب«الثورة الثقافية» وموقفي هذا سبّب لي بعض الحزازات فألصقت بي تهمة «معارضة الحداثة والتجديد».
** ما هي تركيبة هذه «العصابة»؟
أذكر الفاضل الجعايبي وجليلة بكّار.. والثالث والرابع نسيت اسميهما.
** وكيف هي نظرتك اليوم كمتفرّج لهذه «العصابة»؟
أحبّذ ما ينجحون في صنعه وأتحفظ ازاء ما لا ينجحون فيه، بل دافعت عنهم مثلا في ترجمتهم مسرحيا ل«حدّث أبو هريرة» لمحمود المسعدي.. فقد هاجمتهم الصحافة وانتصرت لنظرتهم لهذا الاثر وأقررت مشروعية تناولهم له بالمنظار الذي يروق لهم.
كذلك بلغتني اصداء طيبة عن روايتهم «خمسون» وأرجو لهم اطراد النجاح اذا ما واصلوا على نهج النقد الاجتماعي والسياسي فالمطلوب من المبدع ان يتحلى دائما بالضمير النقدي البناء ولا يسرع الى التهليل والتكبير مع المهلّلين المكبّرين.
** ما هي الكتب التي تغري الدكتور محمد اليعلاوي بالقراءة والمتابعة؟
أقرأ الأدب القديم وهو اختصاصي ولكن أشعر الآن وانا متقاعد عن العمل بافتقاري الى مسايرة الادب الابداعي التونسي المعاصر فأقرأ ما فاتني عند صدوره واشارك في النوادي الادبية والجمعيات الثقافية لأعلم وأتعلّم وفي الاسبوع الماضي حضرت ندوة بالنادي الثقافي ابو القاسم الشابي بالوردية حول رواية «ملفات مليحة» لعبد القادر بلحاج نصر وكان تبادل الآراء في شأنها مفيد جدا.
** ذكرت الأدب المنثور.. ولم تذكر الشعر؟ وخاصة المنشور اليوم
لا تحدثني عن الشعر اليوم لان الشعراء الحقيقيين مسكوت عنهم فلا حديث عن أحمد اللغماني مثلا.. والشعراء الذين يشغلون اليوم البطحاء الثقافية هم من أهل قصيدة النثر او الشعر الحر وشعر التفعيلة.. ولا شعر في نظري الا الخليلي الموزون.. المقفى الذي يطرق قضايا انسانية عامة وطنية او خصوصية.
** لكن فترة السبعينات عرفت عديد المدارس الشعرية التي لا زال لها تأثيرها بشكل او بآخر في المدونة الشعرية التونسية الى الآن؟
المدارس التي ظهرت مع المأسوف عليها مجلة الفكر في السبعينات قد انجلت شأنها شأن التيارات الفكرية التي لا تخلد.. تدوم مدة ثم تعوّضها اخرى..
فلذلك أتمسك بالشعر العربي الاصيل المقفّى الموزون كما بقي شعر الجاهليين او شعر ابن الفارض والمتنبي اما الحركات السريعة فهباء منثورا.
** أي الموسيقات التي تشد الدكتور محمد اليعلاوي؟
أستمع للموسيقى الكلاسيكية الغربية ولا سيما موسيقى القرن الثامن عشر في النمسا وايطاليا وفرنسا.. أحبّ موسيقى المسرح المغنّى.. الغناء المغاربي (المغرب والجزائر وتونس في اشخاص معينين).. أحب الغناء التقليدي في اقطارنا الثلاثة كالمالوف التونسي والغرناطي في الجزائر ومثيله في المغرب الشقيق.. وأحب كثيرا الغناء العربي القديم الذي يسمى اليوم غناء الطرب المتمثل في المرحوم صالح عبد الحي وورقة عبد الحامولي كالحسن الحامولي ومن تونس أحب الصالحي والعرضاوي و«السوقة» في اصوات محبوبة لديّ كصليحة.
** الآن وأنت متقاعد بعد مسيرة عمل متميزة وثرية بالعطاء الابداعي على أكثر من مستوى.. هل يوجد همّ ثقافي وفكري يشغل بالك؟
من القضايا المزمنة في البلاد قضية النشر.. والنشر الابداعي خاصة.. فالتكاليف كثيرة مما يضطر المبدع الى النشر على الحساب الخاص وتوزيع متعثر بصفة مهولة.. فقد يوجد الكتاب في العاصمة ولا يوجد في المدن الكبرى وحتى النشر الجامعي من اطروحات ورسائل دكتوراه وأبحاث فهو متعثر ايضا لان العرض على القارئ في المكتبات التجارية منعدم، ولأن القارئ تقلص.
حوار: محسن بن أحمد
محطات في مسيرة اليعلاوي
محمد بن الصادق اليعلاوي من مواليد 15/1/1929 بجندوبة
** الدراسة:
الابتدائية بمسقط الرأس جندوبة، الثانوية بالمدرسة الصادقية بعاصمة تونس والعالية بجامعة السوربون بباريس متحصل على
التبريز في اللغة والآداب العربية، باريس 1958.
ودكتوراه الدولة برسالة عن ابن هانئ، باريس 1973.
** يتقن العربية والفرنسية ثم الايطالية
أستاذ بمعهد سوسة بالمنستير (1958-1964) ثم بالصادقية (1966-1968) ثم بكلية الاداب الى التقاعد.
المسؤوليات:
عميد كلية الآداب بتونس (1973-1978).
وزير الشؤون الثقافية: (1978-1979).
عضو بمجلس الأمة بمجلس النواب (1979 و1989).
عضو بمجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي (1989-19-94).
عضو اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديموقراطي.
المساهمات الثقافية
عضو بهيئة مجلة «حوليات الجامعة التونسية» (1972-1974) ورئيس تحريرها (1986-1989).
عضو بهئية مجلة «كراسات تونسية» (1972-1981).
خبير وقتي بالمنظمة العربية مكلف باعداد مؤتمر وزراء الثقافة العرب.
حضر بالرياض الاحتفال بمائوية المملكة بدعوة من السفارة بتونس.
الأعمال المنشورة
* ابن هانئ الأندلسي، رسالة دكتوراه، طبعت بتونس سنة 1976 بالفرنسية ثم ببيروت سنة 1985 بالعربية.
* الادب بافريقية في العهد الفاطمي، دراسة وتحقيق، بيروت 1986.
* ترجمة مائة نص عربي ومائة نص فرنسي الى الفرنسية والعربية بيروت 1988.
* اشتات اخرى (أدب ونقد ومساهمات في الحياة القومية. بيروت 2001).
* أشتات ثالثة تحت الطبع.
نصوص محققة
كتاب المجالس والمسايرات للقاضي النعمان المتوفى سنة 363/964 تونس 1978 (بالاشتراك) طبعة جديدة منقحة، بيروت 1997.
تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب (قسم من عيون الاخبار للداعي ادريس عماد الدين المتوفى سنة 872/1468) بيروت 1985.
كتاب المقفّى الكبير للمقريزي المتوفى سنة 845/1441، ثمانية اجزاء، بيروت 1991.
ديوان الشيخ ابراهيم الرياحي المتوفى سنة 1266/1850، بيروت 1990 (بالاشتراك)
ديوان ابن هانئ المغربي الاندلسي المتوفى سنة 362/973، بيروت 1994.
تونس وقناصل سردانيا لاوغوستو غاليكو، مترجم بالفرنسية عن الايطالية، بيروت 1992.
فصول متنوعة في المجلات والصحف التونسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.