رغم ان الحسم لم يتم بعد في المسائل المتعلقة بمهام رئيس الجمهورية وصلاحياته داخل اللجان المختصة بالمجلس الوطني التأسيسي فقد بدأ عدد من المتابعين للشأن الوطني في تداول ومناقشة عدد من الاسماء التي قد تترشح لهذا المنصب. واذ ابدى البعض من الرؤساء المستقبلين لتونس رغبتهم في الترشح وحسم المسالة فان البعض الاخر مازال يخوض نقاشات ضمن الدوائر الضيقة لعلاقاته الحزبية والشخصية. وحسب استطلاعات الرأي التي أجرتها عديد من المراكز البحثية ووسائل الاعلام المختلفة فإن نسبة من التونسيين حسموا امرهم في انتخاباب هذا او ذاك انطلاقا من الرؤي الايديولوجية التي من شانها ان تحسم لطرف بعينه. ورغم أن موعد الانتخابات غير واضح في انتظار التوافق حوله بين مختلف الفاعليات السياسية في تونس فان الحدث في حد ذاته يعتبر لحظة فارقة في حياة التونسيين بالنظر الى انه ولأول سيتمكن التونسي من اختيار من يمثله كرئيس دون ضغط او تخويف.وبالعودة الى جملة التعليقات والمواقف فمن المنتظر ان يترشح نحو 13 شخصية وطنية لهذا السباق. عملت "الصباح" على رصد ابرز المترشحيين الممكن ان نجدهم في العملية الانتخابية في انتظار التحاق او تراجع اخرين وذلك وفقا للعبة اخرى لا تقل اهمية عن الاسماء الا وهي لعبة التحالفات (الحزبية). ومن بين ابرز الشخصيات الوطنية التي قد تعلن ترشحها للانتخابات الرئاسية القادمة نذكر: * الباجي قائد السبسي: (26نوفمبر1926(. يعتبر قائد السبسي من رموز المرحلة الحالية وقد أعرب الرجل عن نيته علنا في الترشح الى هذه الخطة ووجد تفاعلا كبيرا من قبل القواعد الحزبية. غير ان ما يعيق قائد السبسي هو عامل العمر اذا ما نظرنا الى الشروط الواردة في مسودة الدستور والتي تحدد سن الترشح ب75 سنة. * الطيب البكوش: ما يميز الرجل انه يملك قاعدة نقابية كبيرة سواء كانت داخل الحزب او خارجه هذا بالاضافة الى عامل السن حيث يمكّن القانون الانتخابي البكوش من خوض السباق زد على ذلك فان العاملين الجهوي والحقوقي من شأنهما ان يرجحا كفته في هذه المغامرة السياسية. * محسن مرزوق: رغم ان المسألة ليست بالمطروحة الى حد الآن داخل حركة نداء تونس فإن المتابعين للشان العام لا يستبعدون امكانية دخول مرزوق الى هذا السباق كمرشح للحركة بغض النظر عن امكانية التحالف الانتخابي بين النداء والجمهوري والمسار في اطار ما يعرف بالاتحاد من اجل تونس. ومن ابرز الخصائص التي يتمتع بها مرزوق اضافة الى عامل السن والثقافة، علاقات داخلية وخارجية عميقة قد تؤهله للعب أدوار متقدمة سياسيا وايجاد التوافق اللازم بين مختلف الفرقاء. واذ تبدو نقطة علاقاته الخارجية مضيئة فانها قد تكون منطلقا لتحريكها ضده ايضا من خلال "الحديث عن العمالة لهذا الطرف او ذلك". * احمد نجيب الشابي: من الصعب انكار المسيرة النضالية للشابي في ضرب وزعزعة اركان النظام السابق. بيد ان الشابي يبقى امام امتحان عسير أمام ذاته اذا علمنا ان خصومه كثيرا ما يصفونه بالفاشل فماذا لو استفاد الشابي اليوم من هذا الجزء من حياته واستثمره لفائدة المرحلة. في المقابل هو مدعو الى اثبات ان رغبته في الرئاسة لا تقف عند الطموح الذاتي بل تستند الى رؤية يتعين عليه بلورتها خاصة انه يوجد داخل الحزب الجمهوري من بامكانهم خوض التجربة والترشح لذات المنصب. * الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي: يبدو واضحا ان قضية ترأسه للمرحلة القادمة مسألة حوية له. صحيح ان استطلاعات الرأي لدى بعض الشرائح تقدمه على غيره من المترشحين المحتملين غير انه بات اليوم دون حزب حتى ان تحالفه التقليدي تبدو عليه علامات الانهيار. وما يحسب للرجل ايضا انه ظهر بصورة رجل الدولة والتوافق في الاونة الاخيرة الا ان ما يعاب عليه انه قبل منصبا دون صلاحيات. * مصطفى بن جعفر: اظهر بن جعفر من الهدوء واللياقة في التعامل مع جملة المسائل العالقة سواء داخل"التأسيسي" او خارجه ما يعطي انطباعا على هدوئه كرجل دولة. غير ان خصومه لا يرون في هدوئه الا دليلا على ضعفه وان بن جعفر قد استثمر كبرياءه وطموحه السياسي في مطرقة المجلس التي ذوبت شخصيته لتمنحه شخصية اخرى لم يعرفها عنه اصدقاءه ورفاق دربه. واذ يبدو بن جعفر من بين الشخصيات التي ستترشح للرئاسة الا ان ارضية العمل الحزبي المشترك ضمن الائتلاف الحاكم وقانون اللعبة الانتخابية قد يتحكما ويحسما مسألة ترشحه. ومن ابرز ما يتداول ان بن جعفر قد يكون مرشح حركة النهضة وهو ما سينهي دور المرزوقي في المرحلة القادمة. * حمة الهمامي: يتابع الكثير من الملاحظين الانتقال الايجابي من المنطق الايديولوجي الى المنطق السياسي لحزب العمال فطريقة خطابه تجد تعاطفا مع الاوساط التونسية المهمشة والمفقرة لانه كثيرا ما يعبر عن خوالجهم والحديث عن همومهم. ويبدو ان شعبيته آخذة في الارتفاع سيما في صفوف المرأة التونسية نظرا لما يبديه الرجل من احترام وحب وتقدير لزوجته. وما يعيبه البعض عن الهمامي خطابه الغارق في الشعبوية رغم ادراك الرجل ان من اسباب تراجع اليسار التونسي هو طبيعة خطابه البعيدة احيانا عن الواقع السياسي المعاش للتونسيين. * الهاشمي الحامدي: شخصية لافتة في المشهد السياسي، فبقدر ما يميل خصومه الى اعتباره "ظاهرة فلكلورية" فقد استطاع ان يثبت من خلال تجربة العريضة الشعبية ان لديه معرفة مفصلة عن الحياة اليومية في تونس رغم وجوده في بريطانيا. ولا ينكر احد شبكة علاقات الرجل التي تمتد من لندن الى السعودية والممتدة حتى داخل البلاد. واذا كانت شخصية الحامدي المرحة ركنا من اركان النجاح للسياسيين احيانا، فإن ما يعاب عليه اصراره على العمل بشكل فردي والترشح فضائيا لمنصب رئيس الجمهورية عبر "قناة المستقلة". * سليم الرياحي: لا يستبعد إمكانية ترشح الرياحي للمنصب. يعتبر عدد من المتابعين للشأن العام ان هذه الخطوة قد تكون محسوبة جدا من قبل الرجل خاصة انه يظهر ثقة بنفسه وقدراته حيث بإمكانه القيام بأي عمل أو مهمة، سواء كان يمتلك المعرفة و الخبرة اللازمة لذلك اولا. ولا يخشى الجديد والغريب والغير معتاد والدليل على ذلك انه خاض اول تجربة سياسية له الاتحاد الوطني الحر دون ان تكون له دراية معمقة بالساحة الوطنية. وفي قراءتهم لشخصيته يرى البعض الاخر ان الرجل لديه مستوى معتدل من سرعة التفكير وسرعة رد الفعل اللحظي ولا يستطيع أن يتعامل مع المواقف المختلفة بنجاح وهو تحت ضغط أو في عجلة من أمره، فهو يحتاج للوقت والمساحة الكافية حتى يتأكد من إتخاذه القرار أو الإختيار الصائب. * عبد الفتاح مورو: لا يختلف اثنان في القدرات الخطابية وبحضور البديهة لمورو كما لايختلف احد على اعتباره من الوجوه المطمئنة بالنسبة لحركة النهضة. غير ان هذا يعد غير كاف خاصة مع غياب رؤية اتصالية واضحة جعلته يبدو كشخصية مستهلكة اضافة الى ان مواقفه لم تستقر بوضوح في عدد من المسائل. * حمادي الجبالي: يؤكد كثيرون من إطارات الدولة على ان الرجل تحركه كثير من النوايا الطيبة وانه من اشد الراغبين في تجاوز المرحلة الصعبة بأقل ما يمكن من التكاليف والانعكاسات السلبية. مروره على رأس الحكومة سيساعده على فهم دواليب الدولة زد على ذلك علاقاته الممتدة حتى مع رجال اعمال وسياسة محسوبين على الفترة الماضية أي قبل 14 جانفي وهو ما يمثل رسالة طمأنة بالنسبة للكثيرين . وفي المقابل فان الجبالي لا يحظى بالاجماع داخل الحركة وتحمله قطاعات واسعة من الرأي العام الاداء المهتز للحكومة لانه لم يحسم في شان بعض الوزراء الذين اثبتوا فشلهم في عديد الملفات. * راشد الغنوشي: رغم تاكيده على عدم الترشح لاي منصب، فإن الكثير من الملاحظين لا يسقطون فرضية ترشحه. ويمكن للغنوشي ان يرتقي الى مستوى نلسن منديلا من الناحية الرمزية لو تبنى عقلية المصالحة وتمسك بالشعار المرفوع خلال الحملة الانتخابية "اذهبوا فانتم الطلقاء". كما يعتبر البعض أن الغنوشي قد عرف تراجعا على مستوى شعبيته بسبب تذبذب مواقفه من ناحية ودفاعه المستميت عن صهره وزير الخارجية بطريقة بعيدة عن الحياد.