رأى سعيد المشيشي كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالاصلاح أن الاصلاح الهيكلي للمنظومة الامنية لا يمكن ان ينطلق الان، وأن ملفات الفساد لا يتم فتحها الا بعد الحصول على ضمانات المحاكمة العادلة. ونفى المشيشي أمس خلال ندوة اقليمية لجمعية اصلاح المؤسسات والتي تهتم باصلاح المنظومة الامنية، وجود مادة التثقيف الديني في برامج التكوين الامني وبين ان ما روجه الاعلام ليس له اي جانب من الصحة.. وقال :"كان يجدر ان يتثبت الاعلاميون من الخبر قبل نشره." من جانبه أوضح لزهر العكرمي عضو المكتب السياسي لحزب نداء تونس وكاتب دولة سابق مكلف بالاصلاح في وزارة الداخلية، أن اصلاح المنظومة الامنية يتطلب ارادة سياسية واضحة وليس له اية علاقة بالجانب الفني أو التقني وقال:" الهيكل الامني من المفروض ان يكون في خدمة الديمقراطية." حيادية الوزير ووزارة الداخلية.. بدورها اعتبرت نائبة المجلس الوطني التاسيسي نادية شعبان في تصريح ل" الصباح" على هامش الندوة أن "من غير المنطقي ان يتم اصلاح المنظومة الامنية وعملية التشخيص لم تتم بعد أو لا تخضع للموضوعية. " وأضافت: "لقد انعدمت الثقة تماما بوزارة الداخلية ولذلك فمن الضروري اعادة الثقة بها، وبالعاملين فيها." ولا يكون هذا حسب رأيها مع وجود "وزير للداخلية غير محايد يمثل حزبا سياسيا بعينه.. فقرار الاصلاح داخل وزارة الداخلية يجب ان يتبناه الجميع وتشارك فيه كل القوى السياسية وقوى المجتمع المدني.. اصلاح مبني على ارضية حوار مع توفر اقصى ما يمكن من الشفافية، من يعين من وكيف يعين.. وقطع جذري مع الماضي .. " وبيّن عماد بلحاج خليفة الناطق الرسمي للاتحاد الوطني لنقابات الامن الوطني في السياق ذاته أن حيادية سلطة الاشراف أمر ضروري للغاية بالنسبة لاصلاح المنظومة الامنية.. فلولا أن الامنيين يعملون اليوم وفق عقيدة خدمة المواطن والولاء للوطن..فتواصل اعتمادهم بيد الحزب الحاكم..". التعليمات.. وأشار بلحاج خليفة الى ان اصلاح المنظومة الامنية غير ممكن في حال لم يتم اصلاح المنظومة التشريعية للقطاع وتحييد الآلة الامنية بالغاء التعليمات..". وقال فيصل الزديري كاتب عام نقابة مصالح الصحة لقوات الامن الداخلي إن"وجود فساد داخل المؤسسة الامنية امر مؤكد، وكل النقابيين الذين سعوا الى كشف بعض ملفاته تعرضوا للايقاف او العقاب بالابعاد.." حسب قوله. وبين الزديري ان قائمة الموقوفين من النقابيين الامنيين طويلة والسبب في نظره "عدم وجود مجلة للامن الجمهوري تحدد حدود تدخل رجل السياسي في المنظومة الامنية وتحمي رجل الامن من خطر التعليمات."وراى ان "تواصل العمل بقانون اساسي مبني على التعليمات وتواصل سياسة تجويع كل امني يحاول الكشف عن ملفات فساد.. يمكن ان يفتح المجال امام عقد صفقات من جديد بين الامن والسلطة وتعود فيه الآلة الامنية الى سالف عهدها". التكوين على حقوق الانسان ذكر عبد الستار موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ان تغيير ذهنية المواطن ورجل الامن من الامور المستعجلة في الوقت الحالي كما ان تكوين الامنيين على منظومة حقوق الانسان يمثل ارضية الاصلاح. من ناحيته رأى كاتب عام نقابة مصالح الصحة لقوات الامن الداخلي ان الوضع التكويني للآلة الامنية ليس كارثيا بالصفة التي بها تناوله.. بل يشكو من محدودية تناول منظومة حقوق الانسان وهي مسألة يجب تداركها.. التجربة الجورجية في مداخلتها اكدت الوزيرة السابقة للداخلية الجورجية خلال الفترة الانتقالية "ايكا زكالدز" على اهمية الارادة السياسية واكتساب كل الصلاحية لاتخاذ القرارات المناسبة وذكرت انها مثلا قامت بالاستماع الى حوالي 20 ألف عون امني اثناء مرحلة الاصلاح كما قامت باعفاء عدد هام من الامنيين مما ولد انقادات كبيرة للوزارة.. ومن أهم الامور التي تم انجازها تغيير الثقافات الدارجة في القطاع الامني من رشوة وعنف، ويشمل تغييرها الامني والمواطن على حد السواء.. الى جانب بناء النظام المبني على المساءلة من قبل جهات متعددة لرجال الامن مساءلة تكون نتائجها معروفة للجميع تتضمن على مستوى عال من الشفافية.. وتتحول بفضلها خدمات رجل الامن من خدمات موجهة الى السلطة الى خدمات موجهة الى المواطن تقوم على احترام حقوق الانسان. وتقول وزيرة الداخلية الجورجية أن جورجيا قد اثبتت من تجربتها ان الرشوة والفساد ليست ظاهرة أو ثقافة والامني يمكن ان يتطور وقد حققت منظومة الاصلاح التي اعتمدتها خلال ال10 سنوات الاخيرة ثقة في الامن وصلت الى حدود ال 84 بالمائة، الى جانب الغاء ظاهرة التعذيب. وشددت الوزيرة في الاطار على اهمية المحاسبة في اطار الشفافية فان لم يتوفر ذلك لا يمكن في رايها ان يقع اصلاح المنظومة الامنية.