مع الشروق .. قمّة بكين ... وبداية تشكّل نظام دولي جديد    انطلاقا من غرة جوان: 43 د السعر الأقصى للكلغ الواحد من لحم الضأن    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي "أكوا باور"    توقيع مذكرة تفاهم تونسية سعودية لتطوير مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس    شهداء وجرحى في قصف لقوات الاحتلال على مدينة غزة..    بطاقتا إيداع بالسجن ضد أجنبيين تورّطا في تنظيم عمليات دخول أفارقة لتونس بطرق غير نظامية    بداية من اليوم: خدمة جديدة للمنخرطين بال'كنام' والحاصلين على الهوية الرقمية    صفاقس: إيقاف 21 افريقيا وصاحب منزل أثر معركة بالاسلحة البيضاء    جنيف: وزير الصحة يؤكد أهمية تعزيز قدرات الدول الإفريقية في مجال تصنيع اللّقاحات    عاجل/ هذا ما قرّرته 'الفيفا' بشأن المكتب الجامعي الحالي    وزارة الصناعة: توقيع اتفاقية تعاون بين أعضاء شبكة المؤسسات الأوروبية "EEN Tunisie"    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    كلاسيكو شوط بشوط وهدف قاتل    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    بالفيديو: بطل عالم تونسي ''يحرق'' من اليونان الى إيطاليا    مراسم استقبال رسمية على شرف رئيس الجمهورية وحرمه بمناسبة زيارة الدولة التي يؤديها إلى الصين (فيديو)    عاجل/ فرنسا: إحباط مخطّط لمهاجمة فعاليات كرة قدم خلال الأولمبياد    وزارة المرأة تحذّر مؤسسات الطفولة من استغلال الأطفال في 'الشعوذة الثقافية'    بن عروس: حجز أجهزة اتصالات الكترونيّة تستعمل في الغشّ في الامتحانات    بطاقة إيداع بالسجن ضدّ منذر الونيسي    مجلس نواب الشعب: جلسة استماع حول مقترح قانون الفنان والمهن الفنية    رئيس لجنة الفلاحة يؤكد إمكانية زراعة 100 ألف هكتار في الجنوب التونسي    المنتخب الوطني يشرع اليوم في التحضيرات إستعدادا لتصفيات كأس العالم 2026    النادي الصفاقسي في ضيافة الاتحاد الرياضي المنستيري    الرئيس الصيني يقيم استقبالا خاصا للرئيس قيس سعيّد    قبلي : تنظيم اجتماع تشاوري حول مستجدات القطاع الثقافي وآفاق المرحلة القادمة    وزير التعليم العالي: نحو التقليص من الشعب ذات الآفاق التشغيلية المحدودة    عاجل/ حريق ثاني في حقل قمح بجندوبة    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    منظمة الصحة العالمية تمنح وزير التعليم العالي التونسي ميدالية جائزة مكافحة التدخين لسنة 2024    صفاقس: وفاة امرأتين وإصابة 11 راكبا في اصطدام حافلة ليبية بشاحنة    تطاوين: البنك التونسي للتضامن يقرّ جملة من التمويلات الخصوصية لفائدة فلاحي الجهة    بمشاركة اكثر من 300 مؤسسة:تونس وتركيا تنظمان بإسطنبول أول منتدى للتعاون.    رولان غاروس: إسكندر المنصوري يتأهل الى الدور الثاني لمسابقة الزوجي    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    آخر مستجدات قضية عمر العبيدي..    الانتقال الطاقي: مشروع للضخ بقدرة 400 ميغاواط    انتخاب التونسي صالح الهمامي عضوا بلجنة المعايير الصحية لحيوانات اليابسة بالمنظمة العالمية للصحة الحيوانية    رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 34 عالميا    حادث مروع بين حافلة ليبية وشاحنة في صفاقس..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    بعد الظهر: أمطار ستشمل هذه المناطق    جبنيانة: الإطاحة بعصابة تساعد الأجانب على الإقامة غير الشرعية    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الأوروغوياني كافاني يعلن اعتزاله اللعب دوليا    عاجل/بعد سوسة: رجة أرضية ثانية بهذه المنطقة..    إلغاء بقية برنامج زيارة الصحفي وائل الدحدوح إلى تونس    تونس والجزائر توقعان اتفاقية للتهيئة السياحية في ظلّ مشاركة تونسية هامّة في صالون السياحة والأسفار بالجزائر    بنزرت: الرواية الحقيقية لوفاة طبيب على يدي ابنه    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    منبر الجمعة .. لا يدخل الجنة قاطع صلة الرحم !    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    شقيقة كيم: "بالونات القمامة" هدايا صادقة للكوريين الجنوبيين    محكمة موسكو تصدر قرارا بشأن المتهمين بهجوم "كروكوس" الإرهابي    مدينة الثقافة.. بيت الرواية يحتفي ب "أحبها بلا ذاكرة"    الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع .. فنانون من 11 بلدا يجوبون 10 ولايات    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الصباح" تنشر أساليب المخلوع في التلاعب بقضايا ضحايا التعذيب
خاص: جلهم من الإسلاميين.. وقُتلوا في مراكز الأمن ودهاليز الداخلية

! - إعداد: صابر المكشر - أطلق نظام الرئيس المخلوع -الذي حكم تونس بالحديد والنار من7 نوفمبر1987 بعد انقلاب على الزعيم الحبيب بورقيبة إلى يوم 14 جانفي2011 بعد أن أطاحت به ثورة شعب جائع..
باحث عن حريته وكرامته- منذ بداية تسعينات القرن الماضي جهاز أمن الدولة أو"البوليس السياسي" لتعقب معارضيه وخاصة المنتسبين منهم للتيار السياسي الديني في تلك الفترة ومطاردتهم وتعذيبهم في إطار خطة ممنهجة لاستئصال قياديي ومنخرطي حركة الاتجاه الإسلامي وحتى المتعاطفين معها وهو ما خلف ضحايا بالجملة بينهم من مات تحت التعذيب في دهاليز وزارة الداخلية أو في المقرات الأمنية وبينهم من مات في السجون أو خارجها بسبب الإهمال، غير أن نظام المخلوع كان يتستر باستمرار على هذه الجرائم الفظيعة ويغلق ملفاتها ويترك القتلة أحرارا..
وقد نشرت جمعية حرية وإنصاف بتونس سابقا قائمة لعدد من ضحايا القمع البوليسي للنظام البائد وهم عبد الرؤوف العريبي(قتل يوم 11 ماي1991 في دهاليز وزارة الداخلية) وفتحي الخياري(قتل يوم 5 أوت1991 في زنزانات بوشوشة) وفيصل بركات(قتل يوم 8 أكتوبر1991 بمركز الحرس الوطني بنابل ثم ألقيت جثته في الطريق العام بأحواز مسقط رأسه منزل بوزلفة للتضليل) ورشيد الشماخي(قتل يوم24 أكتوبر1991 بمركز الحرس الوطني بنابل) وعامر دقاش(قتل 11 جوان1991 بدهاليز وزارة الداخلية) وعبد العزيز المحواشي(قتل يوم 30 أفريل1991 بدهاليز وزارة الداخلية) وعبد الواحد عبيدلي(قتل يوم 30 جوان1991 بمنطقة الأمن بسوسة) وفتحي الوحيشي(قتل يوم 26 نوفمبر1996 بقابس) وكمال المطماطي(قتل يوم 8 أكتوبر1991 بمنطقة الأمن بقابس دون أن تسلم جثته إلى اليوم لعائلته) ولطفي قلاع(قتل يوم6 مارس1994 بمنطقة الأمن بجربة مباشرة إثر عودته من فرنسا) ومبروك الزمزمي (قتل في شهر فيفري 1991) ونور الدين العلايمي( قتل يوم10 سبتمبر1991) وإسماعيل خميرة(10-11-1994) وعزالدين بن عائشة( 15-02- 1994) والشاذلي بن حريز (1994) ورضا البقجاوي (توفي عام 1994) وسحنون الجوهري(25-01-1995) وجميل وردة (1997) ومبروك الزرن ( 6-*5-1997) وعبد القادر الصويعي (1995)، كما توفي إثر إضرابات عن الطعام في السجون كل من علي المزوغي(1997) ورضا الخميري(1997) وعبد الوهاب بوصاع(2002) فيما توفي تحت التعذيب بالسجن المدني9 أفريل بتونس المولدي بن عمر(جانفي 1992).
التعذيب الذي مارسه "بوليس" المخلوع بكل وحشية أدى إلى إصابة البعض من المساجين السياسيين بالاختلال الذهني والاضطراب النفسي اللذين قادا بعضهم إلى الانتحار على غرار محمد علي فداي(ألقى بنفسه من أعلى سور القصبة ببنزرت سنة1997)وعبد الرزاق بربرية(انتحر شنقا بمحل سكناه ببنزرت سنة 1997) ولطفي العميري الذي حرم بالقوة من اجتياز امتحان دراسي (انتحر شنقا في ضيعة فلاحية بسيدي الظاهر من ولاية نابل سنة1997)، كما أدى الإهمال ومخلفات التعذيب إلى وفاة عدد آخر من مساجين الرأي جلهم من التيار الإسلامي... فقد تفنن"البوليس السياسي" لنظام المخلوع في تعقب ومطاردة واختطاف وتعذيب المعارضين وخاصة من كانت لهم"توجهات سياسية دينية" والمنتمون لحركة الاتجاه الإسلامي كما تفنن المخلوع نفسه قبل أن يصعد إلى سدة الحكم في قنص كل من يشكل خطرا على النظام انذاك.. ثم بصعوده إلى الحكم كان يتابع باستمرار وبدقة كل تطورات هذه القضايا وخاصة التي تم تدويلها وتناولتها منظمات حقوقية عالمية، في محاولة منه لطمس الحقائق والتمويه أمام الرأي العام الدولي على أن تونس تحترم حقوق الإنسان قصد عدم صدور أية إدانة دولية ضد تونس، وقد تحصلت"الصباح" على مجموعة من الوثائق تحمل جلها طابع"سري مطلق" وهي عبارة عن مراسلات ومذكرات بين وزارة العدل وحقوق الإنسان ورئاسة الجمهورية والدائرة القانونية لرئاسة الجمهورية والإدارة السياسية وحقوق الإنسان بديوان رئاسة الجمهورية تحمل تواريخ مختلفة ولكنها تعود كلها إلى فترة التسعينيات.
متابعة مواضيع حقوق الإنسان
تتضمن الوثائق الأولى التي تحصلت عليها"الصباح" مضمون جلسة عمل للدائرة السياسية وحقوق الإنسان بتاريخ 9 مارس1995 وتحمل إمضاء رفيق الحاج قاسم(الذي عين لاحقا وزيرا للداخلية طيلة سنوات) وفيها ما قيل إنه متابعة للمواضيع المطروحة في مجال حقوق الإنسان، بناء على رسالة أمين عام"أمنستي أنتار ناشيوتال"(منظمة العفو الدولية) إلى وزير الداخلية التونسي في تلك الفترة يطلب فيها إيضاحات حول أربع حالات وفاة لكل من لطفى القلاع وإسماعيل خميرة وعز الدين بن عائشة وعمار الباجي.
وتضمنت المذكرة الموجهة إلى الرئيس المخلوع التمشي المقترح في معالجة هذا الموضوع وجاء فيه"تنفيذا لتعليمات سيادتكم في الغرض:
-شروع وحدة حقوق الإنسان بوزارة الشؤون الخارجية بجمع المعلومات المتعلقة بهذه الحالات بالتعاون مع وحدة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية وخلية حقوق الإنسان بوزارة العدل.
-إعداد وحدة حقوق الإنسان بوزارة الشؤون الخارجية الإجابة عن هذه الرسالة في أقرب الأوقات."
فقرر المخلوع بعد اطلاعه على المذكرة اختيار المقترح الثاني في التعامل مع الموضوع الأول المتعلق برسالة الأمين العام ل"أمنستي".
كما تضمنت نفس المذكرة متابعة تقرير وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية حول وضع حقوق الإنسان بتونس في تلك الفترة والتمشي المقترح في معالجة هذا الموضوع الذي جاء فيه:"عملا بتعليمات سيادتكم:
-تولّي وحدة حقوق الإنسان بوزارة الشؤون الخارجية دراسة التقرير.
-صياغة الوحدة لمشروع رد يعرض على سامي عنايتكم ويكون مرفوقا بمقترحات حول كيفية استغلاله لاحقا"، فأشر المخلوع على المقترح الثاني.

المقترحات لحفظ الملفات كانت تناقش في مكاتب مغلقة
وثائق"سري مطلق" تنشر لأول مرة حول"القرارات الجاهزة" للقضايا
هكذا كان المخلوع يؤشر بنفسه لغلق الملفات المعارضة ل"حقوق الإنسان"
الدعوة دائما ل"الإحاطة" بالأطباء الشرعيين بالتنسيق مع وزير الصحة !
كما تحصلت"الصباح" على وثائق تتعلق بمراسلات أحيلت على المخلوع تتعلق بقضايا وفاة عدد من المعارضين السياسيين كلهم من الإسلاميين، وتتضمن اسم المتوفى ومآل البحث والمقترحات لغلق الملف، ففي قضية الشهيد عبد الرؤوف العريبي(توفي في ماي1991) جاء في الوثيقة أنه تم"فتح بحث في الموضوع لدى قلم التحقيق العسكري تحت عدد 3-3392 بتاريخ جوان1991 ووجهت إنابة في الغرض إلى الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بتاريخ 4جوان1991"، وفيما يخص مآل البحث في هذه القضية التي تعود على الأرجح إلى بداية التسعينيات فقد ورد بالوثيقة"لازال البحث جاريا لدى الفرقة المذكورة والمتجه السؤال عن مآل هذه الإنابة"، ثم جاءت المقترحات لطمس الحقيقة كالعادة وتضمنت"1-طلب الإسراع بإنجاز الإنابة من طرف الفرقة.2- التقرير الطبي يشير إلى أن الوفاة كانت ناتجة عن نوبة قلبية أي وفاة طبيعية.3-يضاف التقرير الطبي لملف البحث الذي سيؤول في هذه الصورة إلى الحفظ"، وبطبيعة الحال أشر المخلوع على المقترحات بنعم.
كما تضمنت هذه الوثيقة اسم الشهيد فتحي الخياري الملقب بقلب الأسد(توفي خلال جويلية 1991) وجاء في المقترحات"1-طلب الإسراع بإنجاز الإنابة من طرف الفرقة.2-إضافة التقرير الطبي والاختبار المجرى على الجثة إثر الوفاة.3-بالاعتماد على الشهادات الطبية والاختبارات المجراة على الهالك فإن مآل القضية هو الحفظ"، وقد بارك المخلوع هذه المقترحات وأشر بنعم.
أما في مسألة وفاة الشهيد فيصل بركات وهي القضية التي تم تدويلها بعد رفع شكاية إلى لجنة مناهضة التعذيب فقد تضمنت إحدى المراسلات إلى الرئيس المخلوع من الدائرة السياسية وحقوق الإنسان التمشي المقترح في معالجة هذه القضية حتى لا تتم إدانة تونس دوليا، ومن المقترحات"-مواصلة وحدة حقوق الإنسان بوزارة الخارجية متابعة تنفيذ التمشي المعتمد في معالجة المسألة والذي حظي بموافقة سيادتكم على أن تكون عناصر رد الحكومة التونسية في الأصل جاهزة قبل تاريخ10 أفريل من تلك السنة على أساس أن لجنة مناهضة التعذيب تعقد اجتماعها الدوري بجنيف في24 أفريل.
-يُقترح قيام السيد(...) المستقيل من عضوية لجنة مناهضة التعذيب بربط الصلة بصفة غير رسمية بأعضاء اللجنة المذكورة بمناسبة اجتماعهم لمزيد تحسيسهم باعتبار معرفته بهم وحداثة عهد معوضه السيد(...) بهؤلاء.
-مزيد تدارس الموضوع والتشاور في الأمر مع سفير تونس في جينيف من طرف وحدة حقوق الإنسان بوزارة الخارجية.
-رفع مذكرة إلى سامي عنايتكم حول مختلف هذه الجوانب قبل التئام اجتماع اللجنة المذكورة لسديد رأيكم".
وقد أعجب المخلوع بكل هذه المقترحات وأشر كالعادة بنعم.
مذكرة ثانية حول الشهيد فيصل بركات
أخذت قضية الشهيد فيصل بركات منعرجا دوليا بعد أن رفع مواطن تونسي منتمي حينها لحركة النهضة(ويشغل اليوم خطة مستشار لدى رئيس الجمهورية) شكاية إلى لجنة مناهضة التعذيب وهي الخطوة التي أرعبت المخلوع ومسؤولوه وجعلتهم يكونون لجانا لمتابعة الموضوع ووضع المقترحات اللازمة لتفادي إدانة تونس.
وفي هذا الإطار تحصلت"الصباح" على نسخة من مذكرة أرسلها وزير العدل وحقوق الإنسان البشير التكاري بتاريخ14 جويلية2009 إلى الرئيس المخلوع وتتضمن"متابعة شكوى لدى لجنة مناهضة التعذيب حول وفاة فيصل بركات"، ومن أبرز ما جاء في هذه المذكرة هو"اعتبرت اللجنة الأممية بتاريخ 10 نوفمبر1999 أن إظهار الحقيقة(حول هذه القضية) يقتضي إخراج الجثة وإعادة تفحصها على أن يتم ذلك بمحضر أطباء شرعيين أجانب...-تكمن خطورة إخراج الجثة وأهميتها في أن عدم معاينة الكسور بالحوض سيؤكد فرضية الوفاة نتيجة سوء المعاملة في حين أن معاينة هذه الكسور يرجح فرضية الوفاة إثر حادث مرور".
وتضمنت هذه المذكرة التوجهات الممكنة ل"إنقاذ" صورة النظام البائد في العالم، 1- عدم الاستجابة لقرار اللجنة الأممية.. وبعد ذكر أهم النقاط المؤيدة لهذا القرار بؤكد المرسل(البشير التكاري) أن"من مساوئ هذا التوجه أنه يؤول حتما لإصدار اللجنة قرار بإدانة تونس وعدم غلق هذا الملف"، ولذلك قدم للمخلوع مقترحا ثانيا يتمثل في"الاستجابة جزئيا لقرار اللجنة الأممية" وجاء فيه:-يرمي طلب اللجنة إلى إخراج الجثة بمحضر خبراء أجانب في الطب الشرعي، ولذلك "يمكن التوجة للاستجابة لطلب إخراج الجثة ورفض حضور الخبراء الأجانب ويجد هذا التوجه سندا له في الفصل5 من قانون23 جوان1993 المتعلق بالخبراء العدليين الذي يوجب أن يكون الخبراء من ذوي الجنسية التونسية، وفي صورة إذن سيادتكم باعتماد هذا التمشي يتم إعلام اللجنة الأممية بقبول مبدأ استئناف التحقيق وإخراج الجثة وإعادة فحصها من قبل طبيب أو مجمع أطباء مختصين في الطب الشرعي دون حضور خبراء أجانب تفاديا لصدور قرار إدانة في هذه الفترة، ومن محاسن هذا التوجه-حسب ما جاء في المذكرة"إلزام اللجنة الأممية على إرجاء إصدار أي قرار إلى حين استكمال إجراءات التحقيق في تونس وتفادي صدور قرار إدانة ضد بلادنا من أجل التعذيب خاصة خلال الفترة القريبة القادمة وتأكيد أن تونس ليس لها ما تخفيه بخصوص هذه الحالة وبقاء موقف تونس قويا حتى في صورة صدور قرار إدانة باعتبار استجابتنا لطلب إخراج الجثة".
وزير العدل وحقوق الإنسان في تلك الفترة البشير التكاري أعقب المذكرة بملاحظة تدل على التدخل المباشر في كل عمليات الفحص الطبي والتحقيقات وغيرها، إذ أشار إلى ضرورة"الإحاطة" بالخبير في الطب الشرعي الذي سيقع تعيينه لإعادة فحص جثة الهالك قبل الإذن بإخراجها والتنسيق مع السيد وزير الصحة العمومية للغرض"إضافة إلى"السعي للإحاطة بالورثة وحثهم بالتنسيق مع السلط الجهوية على الرجوع في شكايتهم وسحب التوكيل عن المدعو(...) الذي رفع هذه الشكاية باسمهم لدى لجنة مكافحة التعذيب".
وقد أشر الرئيس المخلوع بنعم على المقترح الثاني بعبارة"الموافقة على التوجه الثاني" وأرسلت الإجابة على هذه المذكرة بمراسلة بتاريخ31 جويلية2009 تحمل عبارة"سري مطلق" ومختومة بإمضاء حامد مليكة الوزير المستشار لدى المخلوع في تلك الفترة.

الاستشارات والمقترحات لقضايا لم يفتح فيها بحث تحصل بعيدا عن القضاء
في نفس السياق تحصلت"الصباح" على مذكرة داخلية صادرة عن وزارة العدل يرجح أنها تعود إلى نهاية عام1992 وتحتوي على صفحات من أبرز ما تطرقت إليه حالات وفاة لناشطين سياسيين إسلاميين لم تفتح فيها الأبحاث حينها إضافة إلى حالات أخرى انتهت فيها الأبحاث بالحفظ"المؤقت".
وجاء في هذه المذكرة:"في نطاق متابعة تنفيذ المقررات المنبثقة عن الاجتماع الذي انعقد للنظر في حالات الوفيات المشبوه فيها موضوع المذكرة الموجهة إلى سيادة رئيس الجمهورية يوم16-10-1992 أفادنا السيد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية هاتفيا بالمعلومات التالية(...)".
فالحالات التي لم يفتح فيها بحث بعد(في تلك الفترة) من بينها وفايات كل من عبد الوهاب العبدلي(يوم 30 جوان1991) وعبد العزيز المحواشي(يوم30 أفريل1991) وعامر دقاشي(يوم11 جويلية1991) وقد ورد بالوثيقة أن المآل المتوقع للحالة الأولى"الحفظ مؤقتا لعدم التوصل لمعرفة الجاني(!!) نظرا لأنه صدرت عدة طلقات نارية طائشة أصابت إحداها الهالك دون التوصل إلى معرفة الشخص الذي أطلق الرصاصة القاتلة"أما المآل المتوقع للحالة الثانية فهو"الحفظ النهائي باعتبار أن الوفاة طبيعية(!!) حسب ما يثبته التقرير الطبي المحرر في الغرض"فيما تمثل المآل المتوقع للحالة الثالثة في"أن الوفاة كانت بفعل الهالك(!!) ويتجه الحفظ النهائي لعدم وجود جريمة".
ولحسم هذه الحالات الثلاث وغلق ملفاتها نهائيا وقع تحديد ثلاثة مقترحات بالنسبة للحالتين الأولى والثانية وأربعة مقترحات بالنسبة للحالة الثالثة وقع اختيار عدد منها لغلق هذه الملفات، وهو ما يؤكد أن قضايا وفايات النشطاء السياسيين في تلك الفترة كانت تسيّر من المسؤولين السياسيين بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية لا التعامل معها كملف قضائي يمرّ عبر قنوات باحث البداية والتحقيق القضائي بصورة مستقلة ودون توجيهات وضغوطات، وهو دليل على تورط المخلوع وعدد من مستشاريه ووزرائه مباشرة في جل القضايا المتعلقة بوفاة عدد من النشطاء السياسيين الإسلاميين والتي تم فتح تحقيقات فيها بعد الثورة فتقدمت بعضها أشواطا على مستوى التحقيقات لكشف الحقائق المخفية طيلة نحو عقدين من الزمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.