- بعد تركيزهم المكثف خلال الأسبوع الماضي على قصة سحل مواطن مصري عاريا من قبل الشرطة المصرية، يخصص الإعلام الفرنسي هذا الأسبوع للحديث عن مقتل المعارض شكري بلعيد. وقد استغرب كثير من التونسيين تركيز الإعلام الفرنسي على هكذا حدث وتخصيص ساعات طويلة من البث في حين يتم التعتيم تماما على مجريات الحرب القائمة في مالي والتي يخوضها الجيش الفرنسي. السؤال الذي يتبادر للأذهان هل تتاجر فرنسا إعلاميا بقضايانا من أجل التغطية على ما تتحدث عنه منظمات حقوق الإنسان الدولية من جرائم مروعة ضد الإنسانية في مالي؟ قناة فرنسا 24 لم تجد حرجا في تذكير التونسيين والعرب والعالم بأن تونس هي مستعمرة فرنسية (لم يذكروا لفظ سابقة)، وهنا نود كتونسيين مصارحة فرنسا بشيء مهم جدا كوننا فخورين بقدوم الفينيقيين إلينا واستعمار أرضنا، وفخورين بقدوم العرب الفاتحين واختلاطهم بنا، فخورين بقدوم الموحدين من المغرب وحكمنا فخورين بقدوم العثمانيين وانضمامنا اليهم،وهذه صفحات من تاريخنا نعتز بها ونتشرف بها ومصدر ثراء حضاري لنا. لكننا كتونسيين نرى في الاستعمار الفرنسي لبلادنا نقطة سوداء في تاريخنا الثري، ونحن من الذين ينكسون رؤوسهم خجلا من هذه الصفحة من تاريخ وطننا التي لوّنت بالدماء والتعذيب وإزدراء التونسيين وتحقيرهم. أتحدّى فرنسا بأن تجد تونسيا واحدا حتى من الفرنكفونيين، يقول نحن فخورون بالاستعمار الفرنسي. لا بل إن التونسيين اليوم يتحولون شيئا فشيئا من استعمال اللغة الفرنسية إلى العربية أو الإنقليزية، لعلمهم بأن المستقبل ليس فرنسيا في كل الأحوال. التونسيون يذكرون تماما مساندة فرنسا اللامشروطة ودعمها المادي للأنظمة الديكتاتورية المتلاحقة في تونس، حتى وصل الأمر إلى عرض المساعدة على بن علي لوأد ثورة الأحرار. يذكرون معاملة فرنسا العنصرية لجاليتنا ولمهاجرينا هناك. أتساءل إذا كان الإعلام الفرنسي حرا كما يدعي لماذا لم ينقل شكوك التونسيين الكبيرة في إمكانية تورّط أطراف مرتبطة بالأجندة الفرنسية في تونس، آلاف صفحات الفايسبوك سواء الثورية وحتى المحسوبة على التجمع المنحل لم تتورّع في الإشارة بإصبع الاتهام للمستعمر القديم الجديد لنا. شكري بلعيد الذي تتاجرون بدمه، حاصرتموه عندما كان مقيما بينكم في فرنسا، وحاربتموه وحزبه بعد الثورة، فلماذا تتباكون عليه اليوم، ألم تكونوا تحاربون الفكر القومي والعروبي. شكري بلعيد كان يمقت الاستعمار الفرنسي والسياسات الفرنسية في تونس وهذا كفيل بأن يسحب من تحت أرجلكم بساط النفاق والمتاجرة الإعلامية نحن تونسيون سواء كنا إسلاميين أو علمانيين نتخاصم، نختلف، لكننا نظل سدا منيعا أمام من يريد إدخال الخصومة والفرقة بيننا. لقد ولى زمن استغلال سذاجة التونسيين واللعب على تقسيمهم، اليوم في تونس شعب واع بأن عدوه الأول هو من يريد أن يحبط ثورته. ولا مكان فيه للمستعمر ليعيد حياكة مكائده، شعب تونس ليس كشعوب إفريقيا السوداء البدائية وساسة تونس ليسوا عملاء مثل ساسة مالي ليطلبوا منكم النجدة. ارفعوا أيديكم وأقلامكم عنا، لأنه لا مستقبل لكم بيننا.