إبراهيم العزابي فنان تشكيلي تونسي، تم وصفه بصاحب اللمسة السحرية والريشة السابحة في فضاء الخلود..ولد في مدينة مجاز الباب سنة1949. درس في معهد الفنون الجميلة في تونس بين 1969 و1975 وأقام لمدة سنة في مدينة الفنون في باريس عام 1977 إلى جانب مشاركاته العديدة في معارض جماعية في تونس وباريس وسيول ونيودلهي وداكار. أقام الرسام إبراهيم العزابي معارض شخصية عديدة وكثيرة تعجز هذه المساحة على حصرها.. له مشاركات في الصحافة إذ كتب عن الفنون التشكيلية، وعن تاريخ الرسم وتطوره في تونس. وانتخب أميناً عاماً لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين عام 1989 وفي 1992 انتخب في مدريد رئيساً مساعداً للجمعية العالمية للفنون التشكيلية. وقد أسس بعد الثورة الرابطة التونسية للفنون التشكيلية بمعية خليل قويعة.... التقته"الصباح "على هامش تنظيم معرض الرابطة التونسية للفنون التشكيلية التي يرأسها فتطرق هذا الحوار إلى عدد من المسائل والقضايا الفنية ذات الصلة فاخترنا لكم هذا الجانب... *في معرض الرابطة التونسية للفنون التشكيلية لهذا العام "تنويعات" لاحظنا بالفعل تعدد في التجاهات الفنية والمدارس فهل يعني هذا التنويع التقاء الاختلاف بين مدارس الرسم؟ - هذا المعرض يأتي تجسيما لأهداف وتوجهات الرابطة التونسية للفنون التشكيلية فمن ابرز أهدافها السعي إلى التعريف بإبداعات الفنان التشكيلي التونسي ومجابهة إشكاليات ترويجها علاوة على دعم التحولات التي تخوضها التجارب الفنية العالمية في مجال تصورات الفضاء الواقعي والفني والافتراضي ومن واجبنا السعي لاتاحة الفرص أمام مختلف هذه التجارب.. بعيدا عن الصورة النمطية للفن التشكيلي التونسي التي اقتصرت في ما مضى على ما هو فولكلوري وعلى هذا الأساس يأتي الحرص على تنظيم هذا المعرض.. *لاحظنا أن هناك حرصا على تكريم الفنان التشكيلي التونسي الراحل عمر بن محمود؟ بطبيعة الحال فتكريم روح الفنان التشكيلي الكبير والنحات والأستاذ بمعهد الفنون الجميلة سابقا عمر بن محمود الذي غادرنا يوم الجمعة 01 جويلية 2009. هو اقل ما يمكن تقديمه لمسيرته الفنية الزاخرة بالعطاء والثرية بالإبداع، فهو من جيل محمود السهيلي ونجيب بلخوجة. ودرس بمدرسة الفنون الجميلة بتونس في الخمسينات ثم واصل دراسة الفن بالمدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة بباريس بعد الاستقلال. وعند انتهاء دراسته بباريس انطلق في انجاز المعارض بداية من فرنسا ثم رجع ليبدأ مغامرته الفنية الطويلة في تونس حيث كان معرضه الأول في سنة 1969 بقاعة يحيى (شارع قرطاج) بمثابة المفاجأة السارة للحركة الفنية التشكيلية آنذاك، كان المعرض يعدّ قرابة المائة عمل فني من أحجام متنوعة وكانت غالبية الأعمال تجريدية خالصة، ليست تلك التجريدية الهندسية الفاقدة للحركة والغنائية بل هي تراكيب غنية بالتقنيات المختلفة وبالدرجات الضوئية كان الراحل يستعمل الرماديات الملونة بحذق كبير ليخلق أجواء تشكيلية درامية في تلك الأثناء كانت الحركة الأدبية في تونس زاخرة بالمدارس أو الحركات الطلائعية. وكان معرض عمر بن محمود يواكب الإرادة التجديدية للفنانين التونسيين وكان قبله بلخوجة والأرناؤوط والسهيلي وغيرهم قد تناغموا مع هذه الحركة، وكان بن محمود اضافة الى الرسم يكتب احيانا مقالات نقدية مشفوعة بصور كاريكاتورية مما احدث حركية في الساحة الفنية خاصة اذا علمنا ان حاتم المكي كان يقوم نفس الأعمال وكانت مدرسة تونس هي الطرف المقابل حيث كانا يهيمنون على الوضع وكانوا متمسكون بالنهج الفلكلوري الذي لا يستجيب للمسار الثقافي الذي ينشده الشبان انذاك. المعرض الثاني لعمر بن محمود (1972) كان أيضا حدثا فنيا بارزا، أنجز بنفس القاعة وضمّ قرابة المائة لوحة وبعضها بقي في الذاكرة مثل اللوحة الكبيرة "فرسان جلاص" اين تظهر قدرات هذا الفنان الكبيرة في التخطيط والتركيب والتلوين والتعبير. وكانت لوحة le garde، العبء معبرة عن الحياة اليومية الشاقة في الريف، وانجزت بتقنية عفوية، ولوحة "البصير"(الاعمى) هي ايضا تجسم الدراما الانسانية، خاصة وقد انجزت بالابيض والاسود، الملونين وتوزيع الضوء فيها اكد على المأساة الانسانية. في السنوات الثمانين ارتبط عمر بن محمود برواق الفنون بالمنزه. ويمكن القول انه تغير جذريا في طريقة التعبير، فقد أصبح ينجز مواضيعا انطباعية بالوان اكثر بهجة وقد تخلى عن تلك الاعمال الفنية الذاتية. عمر بن محمود استوعب جيدا مهارة غويا وعفويته وأجواءه الدرامية ووظفها في مواضيع تخصّ البيئة التونسية، كذلك نجد ان عمر بن محمود كان نحاتا وصادف أن عملت قرابة السنة مع عمر بن محمود والهاشمي مرزوق في إنجاز معلمين سنة 1975 وكان مرزوق صاحب المشروع وكانت تلك انطلاقة بن محمود في عالم النحت لينجز بعد ذلك عدة مشاريع لحسابه الخاص لعل أهمها نصب الشهداء بالسيجومي وفي سنة 1994 أنجز "عرائس البحر الثلاث" بالحمامات، و"الخزاف" بنابل. ومعرض هذا العام باختصار شديد أردناه تحية وفاء إلى روح الفقيد العزيز.. *وكيف ترى وضعية الفن التشكيلي أو كيف تقرأها من خلال ما استجد من أحداث علاوة على الظروف الحالية والواقع القائم في تونس؟ -في الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد وفي مختلف الأحوال يتمثل دور الفنان في الرقابة والنقد للسلطة مع تهيئه الدائم والمستمر في الدفاع عن وجوده كمواطن وكفنان. ويساهم مع المجتمع المدني في تصحيح الوضع الذي يبدو انه يتجه نحو الأسوأ، كما لم تشاهد مثله تونس منذ زمن بعيد لنقل منذ غزو الواندال والأسبان لهذه الأرض التي عرفت دوما كيف تتخلص من الاحتلال ومن الظلم ومن التسلط ومن القهر... ولا أخفيك فوضع البلاد حاليا على غاية من التعقيد.. ولكن حسب رأيي بدأ في الأسابيع الأخيرة يتضح، فالتجاوزات والجرائم أصبحت بقدرة قادر تمر بدون عقاب، والتهديدات بالقتل للفنانين والصحفيين والحقوقيين والساسة تتواصل وعلى شاشات الفضائيات المحلية نرى الصور موثقة لهذه التهديدات.. ولا حركة من الأجهزة الأمنية مما أثار الشك في نفوس كل فئات الشعب في مصداقية الحكام الحاليين.