قال حمادي الجبالي رئيس الحكومة المستقيل انه قرر بعد التأمل والاستشارة الا يتحمل مجددا مسؤولية رئاسة الحكومة بعد أن اقترح عليه حزبه حركة النهضة ترشيحه مجددا للمنصب مؤكدا أن اعتذاره عن هذا التكليف أتى من منطلق الوعي بأنه من الصعب أن يقبل مهمة لا يرى لها فرصا للنجاح. وقال في هذا الصدد اسف لاعتذاري عن قبول الترشيح لانني أدرك أن البلاد والشعب ينتظران حلا. وشدد الجبالي في كلمة توجه بها مساء أمس الخميس الى الشعب التونسي على أن هذا الرفض ليس متعمدا ولا يمثل غلقا للابواب ولكن من أجل البحث عن حل اخر مجددا التأكيد على قناعته التامة بأن حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة مدعومة من كل الاحزاب السياسية وتسهر على تجسيم انتظارات الشعب التونسي تعد الخيار الامثل. وأعرب في هذا المضمار عن الاسف لغياب الدعم السياسي لهذه المبادرة وهو ما حدا به الى تقديم استقالته. وحمل رئيس الحكومة المستقيل مسؤولية ما الت اليه الاوضاع في البلاد الى شخصه وحكومته بالدرجة الاولى وأيضا للاحزاب الحاكمة والمعارضة على السواء ولكل الاطراف الوطنية وبالاخص الاحزاب التي جمعها لقاءان تشاوريان قبل أيام. وتابع في هذا المضمار يقول أحمل المسؤولية لكل الاطراف بدون استثناء لكن بطبيعة الحال بدرجات متوجها أيضا بالانتقاد لوسائل الاعلام التي دعاها الى أن ترأف بالمواطن وبالبلاد والا تصب الزيت على النار وفق تعبيره. كما حمل الجبالي المسؤولية لكل الاطراف الاجتماعية والنقابية التي قال انه مع احترامه وتفهمه لمطالبها كان من الضروري أن تكون واعية بأن وضعية البلاد تستحق الصبر لان الاضرابات وقطع الطرق وتعطيل الانتاج في ظل اقتصاد ضعيف ليس من شأنه سوى زيادة الوضع سوءا. الى ذلك حمل رئيس الحكومة المستقيل المسؤولية لرجال الاعمال وللمستثمرين حتى لا يترددوا ولا ينتظروا ويقدموا مساهمتهم في دفع الاقتصاد الوطني وتنمية الاستثمارات مع الحرص في نفس الوقت على توفير الظروف الملائمة لهم. وفي السياق ذاته أكد أن المواطنين عامة يتحملون كذلك مسؤولية العمل والبذل ويقع عليهم واجب الخروج من حالة السلبية لانه لا مجال لخلق الخيرات دون عمل وجهد مطالبا أيضا الدول الشقيقة والصديقة بأن تدعم جهود تونس بالنصح والدعم وأيضا بعدم التدخل الا بالحسنى لان تونس تجربة فريدة رائدة تستحق الدعم وفق تعبيره. وشدد على أن الجميع في تونس مسؤول على انجاح هذه التجربة وعلى انجاح الثورة وليس لاي كان أن يتملص من هذه المسؤولية بدعوى أنه هنالك حكومة وهنالك معارضة لان الجميع في سفينة واحدة واذا غرقت فانها تغرق بالجميع. على صعيد اخر تقدم الجبالي بالشكر والتقدير للجيش الوطني الذي وصفه بالباسل والجمهوري ولجهاز الامن الوطني الذي قال انه يعاني ويكابد ويضحي متوجها كذلك بالشكر الى المخلصين من أبناء تونس وهم كثر من جنود الخفاء في الحقول والمصانع وفي كل مواقع الانتاج والمسؤولية. وقال في ختام كلمته انه يعتذر للشعب التونسي ان كان قد خيب الامال أو قصر في أداء الواجب معربا في ذات الوقت عن تفاؤله بالمستقبل تفاؤل قال انه يغذيه انتصار الثورة والايمان بعظمة الشعب التونسي واليقين بأن الرشد سيعود للجميع من أجل أن يجتمع أبناء تونس على كلمة سواء تصون مناعة البلاد وسيادتها.
يحدث تحت قبة «التأسيسي» مشاحنات.. اعتداءات لفظية.. رفع المصحف.. تكفير.. وتخوين ◄ مطالبة بدسترة حقوق المعارضة.. التناصف.. ومنع التجوال بين الأحزاب ساد الجلسة العامة الساخنة أمس بالمجلس التأسيسي الكثير من التوتر تعالت خلالها أصوات عدد من النواب صارخة من كل حدب وصوب، معلنة عن ولادة عسيرة لدستور، يخشى بعضهم أن يأتي إلى هذه الدنيا مشوها. وطالب النواب بالفصل بين السلطات وضبط صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس الشعب بكل دقة في الدستور. اثار تعمد النائب جمال بوعجاجة، حمل المصحف في يده ودعوته اعتماد هذا الكتاب الذي أقسم عليه كل النواب، في كتابة نظام الحكم في الدستور.. احتجاج عدد من النواب على ما فعله واعتبروه "مزايدة بالقرآن".. وذكروا أن القرآن "كتاب كل التونسيين وليس قرآن النهضة فقط". وقالوا إن مثل هذه الخطابات "تثير الفتنة، تفرق، ولا تجمّع".. وفي المقابل فسر بوعجاجة بإطناب معاني الحكم بتعاليم القرآن، كما طالب بدسترة "مؤسسة افتاء". وبعد فترة قصيرة، احتج النائب المنجي الرحوي وفي يديه "صفحة فيسبوكية" قال إنها "تابعة لأنصار حركة النهضة، تكفره، وتقول إن الرحوي النائب من الوطد هاج وماج واعترض على بوعجاجة، وتذكر أن اليسار التونسي انكشف أمره في المجلس الوطني التأسيسي".. وأكد الرحوي أن القرآن كتاب الجميع وندد بما وصفه بخطاب التكفير الذي يقود إلى العنف. واتهم حركة النهضة بأنها "وراء هذه الممارسات" وشكك في أن مستشاري الكتلة بالتأسيسي "هم وراء مثل هذه الأعمال" وطالب رئاسة المجلس بتقديم قضية ضد تلك الصفحة. وردا على الرحوي قال وليد البناني إن هذا "اتهام باطل من الرحوي على الهوى وهو يزيد من التشنج". وذكر "أن كل من هب ودب يمكن أن يكتب على "الفايسبوك" ولا يعقل توجيه مثل هذا الاتهام لحركة النهضة في غياب الأدلة". وقبل هذه الحادثة شب خصام بين نواب كتلة العريضة الشعبية وعدد من النواب المستقيلين من هذه الكتلة ومن كتل أخرى.. وطالب نواب العريضة الشعبية وكذلك حركة النهضة بمنع النواب بعد نجاحهم في انتخابات مجلس الشعب من التنقل بين الأحزاب، ووصفوا مثل هذا السلوك ب"الخيانة".. وهو ما أثار حفيظة نواب استقالوا من أحزابهم وتحولت الجلسة إلى سجالات بين الشقين، بل ذهب النائب أيمن الزواغي إلى أبعد من ذلك و"اتهم زميله عبد المنعم كرير بضربه، وفي المقابل أكد كرير أنه لم يلمس أيمن البتة". وطالبت النائبة فائزة الكدوسي بالتنصيص في الدستور على اعفاء النائب في صورة تغييره لحزبه من مواصلة مهامه بمجلس الشعب. وفسرت أن "النائب الخائن لا يمكن تأمينه في مراكز القرار والسلطة". وفي نفس الاطار لاحظ النائب الحبيب خضر أنه "من المهم أن يعالج الدستور مسألة التجوال بين الأحزاب وذكر أنه لا يعقل أن يترشح أحدهم متلحفا بعباءة الثورة ثم ينزع هذا اللحاف عنه بعد النجاح ويدخل أحزاب أخرى معادية للثورة، لذلك يجب تحصين مجلس الشعب من هذه السلوكيات بنص دستوري"، وهو نفس ما عبرت عنه النائبة ريم الثايري والنائب أيمن الزواغي الذي "وخزت إبره تحت الجلدية العديد من النواب". واحتج النائب ابراهيم القصاص بشدة عن هذه التدخلات، وهو نفس ما فعله النائب سعد بوعيش الذي كان على حالة شديدة من التوتر. اما النائب محمد علي نصري فقد أوضح أن هناك عددا من النواب سبق وأن مرروا عريضة للتنديد بتنقل نواب من حزب إلى آخر وقد أبدى رغبة في مناقشة الأمر وتوضيح تفاصيله في جلسة عامة لكن هذا لم يحدث.. ولرفع الالتباس ذكر أن النواب قبل الترشح للانتخابات يلتقون حول برنامج اقتصادي واجتماعي معين، ولكن لما تحيد الأحزاب عن تلك البرامج وتتنكر لوعودها بعد الانتخابات فإن النائب ومن باب الوطنية يخرج منها. وأضاف:"لقد وعدت الأحزاب الحاكمة الشعب قبل الانتخابات بالتنمية والتشغيل ولكن بعد الانتخابات تفاقمت ديون تونس ولم تتحقق التنمية والتشغيل ولم يقع القطع مع الفساد وجوبهت الاحتجاجات الاجتماعية بالرش ووقع قطع الماء والكهرباء ولكل هذه الأسباب وغيرها يستقيل نواب من أحزابهم التي ترشحوا عنها في الانتخابات. ونظرا للمشادات الكلامية التي بلغت أوجها رفع العربي عبيد النائب الثاني لرئيس المجلس الجلسة وواصل النواب في الكواليس صراخهم وخصوماتهم.. دسترة حق المعارضة يذكر أنه من المسائل الهامة التي تمت مناقشتها المطالبة بدسترة حقوق المعارضة واعتماد برلمان بغرفتين. النائبة سلمى مبروك ترى أن حقوق المعارضة في المبادرة التشريعية يجب أن تكون مضمونة في الدستور، ويجب أن تمنح لنواب المعارضة نفس المدة الزمنية عند مساءلة الحكومة وأن تمنح لهم فرصة ترأس بعض اللجان، وخاصة لجان التحقيق. وبين النائب أحمد الخصخوصي، أن الديمقراطية لدى المجتمعات هي كسب مرغوب فيه يظل الهدف منه اقامة نظام ديمقراطي لا يأتيه الاستبداد من أمام ولا من خلف. وذكرت النائبة فاطمة الغربي أنه من الضروري تجنب الحسابات الحزبية الضيقة واستخلاص الدروس من التنظيم المؤقت للسلط الذي أثبت عدم نجاعته في ضمان الاستقرار، وانتقدت حرمان غير المسلمين من الترشح لرئاسة الجمهورية. ودعا النائب عبد السلام شعبان إلى تركيز الغرفة الثانية في البرلمان لأنها يمكن أن تضمن عدم الحيف في حق الجهات. ودعت النائبة ريم محجوب لتنظيم حوار وطني لتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف. وطالبت نادية شعبان بتمكين التونسيين بالخارج من حق الترشح، كما دعت لاعتماد التناصف، وهو ما طالبت به النائبة وفاء المرزوقي. وبشر أزاد بادي التونسيين بمواصلة المجلس مناقشة مشروع تحصين الثورة لأنه الضامن لعدم تواصل الاستبداد. ودعت النائبة منى بن نصر إلى دسترة التصريح بممتلكات رؤساء الجمهورية ومجلس الشعب والحكومة، والنواب والوزراء وطالبت بالتقليص في الامتيازات الممنوحة للولاة والمعتمدين.