علمت"الصباح" أن أعوان الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني قاموا ليلة أمس الأول بمداهمة محل سكنى عائلة المشتبه به الرئيسي في قضية اغتيال المناضل السياسي شكري بلعيد الكائن بوادي مليز من ولاية جندوبة، غير انهم لم يعثروا عليه، وفي المقابل اصطحبوا والده وشقيقه وحجزوا هواتف محمولة لرصد مكالمات قد تكون أجريت بين المشتبه به وأفراد عائلته، غير أنه لم يتسن لهم الحصول على معطيات إضافية تحدد وجهة المشتبه به(ك.ق) وهو من مواليد 18 ماي 1979. وفي نفس السياق، وفي إطار التحريات المتواصلة على قدم وساق في القضية نجح المحققون في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول في العثور على السيارة المستعملة في الجريمة وحجزها بجهة لاكانيا بالأحواز الجنوبية للعاصمة، بعد سلسلة من الأبحاث وفحص مئات الصور لسيارة رمادية اللون من نوع "فيات سيانا" وخاصة تلك الملتقطة في أحداث السفارة الأمريكيةبتونس، وقد تأكد الأعوان إثر فحصها وإجراء تحاليل علمية ومخبرية وجينية من أنها(السيارة) استعملت سابقا من طرف المشتبه به الرئيسي، وهو ما يتطابق مع اعتراف شريكه الذي جاء فيه أن القاتل جاء صباح يوم الجريمة على متن سيارة رمادية اللون من نوع "فيات سيانا"(رصدتها كاميرا مراقبة تابعة لبنك بالمنزه السادس) قبل أن ينفذ جريمته ويستقل الدراجة النارية للهرب. الأبحاث تكشف كشفت المعطيات التي تحصلت عليها"الصباح" أن المشتبه به الرئيسي كان في الولاياتالمتحدةالامريكية وقد عاد إلى تونس سنة 2002 ثم انضم للتيار السلفي المتشدد بعد الثورة وتمكن من تكوين خلية عنقودية معزولة قوامها أكثر من عشرة أفراد تنشط بالعاصمة وأحوازها، كما نجح في التوسط أو تسهيل خروج بعض الشباب إلى الخارج، إضافة إلى سفره إلى ليبيا واتصاله بعدة جهات خارجية تابعة للتيار السلفي المتشدد، غير أن الأبحاث لم تكشف إلى حدود هذه المرحلة وجود اتصالات بينه وبين أقطاب السلفية المتشددة بتونس أو بأقطاب أنصار الشريعة. فتوى إهدار دم بلعيد المعلومات التي بحوزتنا تفيد بأن إماما بأحد الجوامع، وهو حاليا رهن الايقاف وبسبب ما اعتبره "تجاوزا لكل الخطوط الحمراء" من قبل المناضل السياسي شكري بلعيد واعتباره لتصريحاته التي "تسخر من الدين والنقاب" أصدر فتوى لإهدار دم الشهيد، قبل أن يتعهد الشاب(ك. ق) بتنفيذ الجريمة، لذلك خطط جيدا للمهمة طيلة عدة أيام واتفق مع عدد من الأشخاص التابعين على الأرجح لنفس الخلية التي يتزعمها فتمكنوا من تسوغ سيارة من السوق السوداء ووفروا دراجة نارية من نوع "فيسبا" ومسدسا من نوع "كولت" عيار 9 ملم، ثم انطلقوا صباح يوم 6 فيفري إلى التنفيذ. 6 رصاصات.. وارتباك أكد المشتبه به الثاني في قضية الاغتيال-حسبما يتردد- أن المنفذ الأصلي للجريمة حل بموقع الجريمة على متن سيارة ال"فيات سيانا" ثم ترجل باتجاه السيارة التي كان يركبها الشهيد شكري بلعيد وأطلق نحوه رصاصات وهو في حالة ارتباك قصوى لعدم خبرته في الرماية حتى أنه أجبر على إطلاق ست رصاصات حتى تمكن من إصابته في مقتل قبل أن يفر نحو الدراجة النارية التي كان يقودها المشتبه به الثاني وهو في حالة ارتباك أيضا حسب المعطيات المتوفرة. شعر القاتل أكد هويته أعوان الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني وبعد أن أوقفوا الفاعل رقم 2 في الجريمة وحجزوا الدراجة لم يصدقوا اعترافاته مباشرة بل أجروا بالتنسيق مع أعوان الشرطة الفنية والعلمية اختبارا جينيا على مقعد الدراجة الذي جلس عليه الفاعل الأصلي وقد تمكنوا من العثور على شعرات من فروة الرأس تبين أنها للمتهم الرئيسي الذي أكدت الأبحاث أنه نزع قبعة صوفية(بونّي) أثناء الفرار وقد يكون وضعها في مرحلة أولى في جانب من الكرسي فسقطت منها بعض الشعرات والتصقت بالكرسي، وحين تطابقت الاعترافات الدقيقة للمشتبه به الثاني مع الإثباتات العلمية تم تسجيلها وأخذها بعين الاعتبار، وهو ما يؤكد حسب مصادرنا أن فرقة مقاومة الإجرام التي قامت في إطار الأبحاث في هذه القضية بعديد الملاحقات وسخرت لها إمكانيات هي الأرفع في تاريخ الشرطة الوطنية تبني نتائجها على الأدلة والقرائن المادية لا على التقاطعات والتخمينات. إمكانية الهروب مصادرنا أشارت أيضا إلى إمكانية أن يفر المشتبه به الرئيسي في الجريمة إلى الجزائر بعد علمه بإيقاف شريكه، وهو ما دفع السلط الأمنية إلى التجند لتأمين النقاط الحدودية غير المراقبة لتضييق الخناق عليه إضافة إلى إمكانية التنسيق مع السلط الجزائرية في الغرض في صورة التأكد من مغادرته التراب التونسي خلسة، خاصة وأن منطقته قريبة من الحدود الجزائرية وقد يكون له معارف بأفراد يقاسمونه نفس الانتماء العقائدي. التشخيص.. الأسباب يذكر أن حاكم التحقيق المتعهد بالتحقيق في هذه الجريمة كان أشرف بنفسه وبحضور ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس ووسط استنفار أمني على عملية تشخيص الجريمة أمس الاول والتي عرفت انتقادات مختلفة من عدة أطراف عائلية وحقوقية بعد أن رأى أنه من الصالح-حسب مصادرنا- التسريع بالعملية خاصة أمام المعلومات والاعترافات الدقيقة التي أدلى بها الشريك الرئيسي في الجريمة والذي تربطه علاقة وثيقة بالقاتل، وتجدر الاشارة إلى أن إمام الجامع الذي أصدر الفتوى يبلغ من العمر 35 عاما وهو من الأيمة الذين نصبوا أنفسهم بأنفسهم ولا يتبع وزارة الشؤون الدينية. وقفة احتجاجية إلى ذلك نظم أمس أنصار الجبهة الشعبية وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الداخلية تحت شعار"شكون قتل شكري" على أن تتواصل هذه الوقفات كل يوم إربعاء إلى حين الكشف عن القاتل الحقيقي والجهة التي تقف وراءه وحرضته أو منحته غطاء للتنفيذ حسب ما أفاد به عدد من أنصار الجبهة الذين يوجهون أصابع الاتهام إلى حزب سياسي.