صادقت قمة الاتحاد الاوروبي ببروكسيل على مشروع الرئيس الفرنسي ساركوزي عن الاتحاد المتوسطي بعد ادخال تعديلات عليه.. ضمنت موافقة أهم الدول الاوروبية بما فيها ألمانيا التي تحفظت بقوة على المشروع أول الامر.. وتخوفت من أن يؤدي إلى "تجاهل" دورها المتزايد في شمال افريقيا وكامل منطقة البحر الابيض المتوسط.. بالرغم من كونها الشريك الاقتصادي الثالث للبلدان المغاربية.. تجارة واستثمارا وسياحة. ورغم التعديلات التي أدخلت على المشروع في بروكسيل وقبل ذلك في القمة الثلاثية الفرنسية الاسبانية الايطالية بروما ثم خلال القمة الفرنسية الالمانية في هانوفر.. فإن الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي قدم المشروع أثناء حملته الانتخابية وتبناه بقوة منذ وصوله إلى قصر الايليزيه نجح في افتكاك موافقة مجموعة ال27 للتمشي الذي يريد أن يدفع أوروبا نحو الاهتمام أكثر بشراكتها وتعاونها مع دول جنوب البحر الابيض المتوسط.. وعلى رأسها البلدان المغاربية ومصر "الشركاء التاريخيين" ثقافيا وسياسيا واقتصاديا لدول جنوب أوروبا منذ آلاف السنين. المشروع الفرنسي تطور من "اتحاد متوسطي" إلى "اتحاد من أجل المتوسط".. مع اضفاء مرونة على بعض فقراته.. والتأكيد على عدم تعارضه مع مسار برشلونة وسياسة الجوار والآليات القائمة في بروكسيل والتي تعمل على تنفيذ بنود اتفاقيات ثنائية وجماعية بين المفوضية الاوروبية ودول جنوب المتوسط. لكن بصرف النظر عن التفاصيل فإن الدعم الاوروبي الجماعي لمشروع "الاتحاد من أجل المتوسط" مهم جدا خاصة أن باريس عضو في الترويكا وتستعد لرئاسة الاتحاد الاوروبي في جويلية القادم وقد قررت تنظيم القمة الاولى لزعماء الدول المتوسطية والاوروبية في 13 جويلية القادم بباريس.. على هامش احتفالات فرنسا بعيدها الوطني. لقد تضمنت اتفاقية برشلونة 1 في 1995 ثم برشلونة 2 في 2005 تعهدات كبيرة ومهمة لفائدة شعوب دول الجنوب تحقق بعضها وتعثر البعض الاخر لأسباب عديدة.. وجاء مشروع الاتحاد المتوسطي ليفتح آفاقا لتفعيل الاتفاقيات والمعاهدات السابقة.. وتجسيم البنود التي تعطلت.. مما تسبب في تعثر مسارات التنمية الاقتصادية والبشرية والثقافية والسياسية في دول جنوب المتوسط بخلاف ما حصل في شرق أوروبا وشمالها.. ولا شك أن انهيار المعسكر الاشتراكي واستراتيجية المانيا التي جرت أوروبا الى الانحياز شرقا وشمالا من بين العوامل التي حالت دون تجسيم كثير من الاهداف الطموحة في مسار برشلونة وسياسة الجوار.. والمطلوب اليوم عربيا واسلاميا دعم المسار الجديد.. ومساندة الجهود الفرنسية والاوروبية الرامية الى تحقيق تشابك أكبر للمصالح بين ضفتي المتوسط.