مديرو بنوك تونسية يعربون عن استعدادهم للمساهمة في تمويل المبادرات التعليمية    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كاس تونس: النجم الساحلي يفوز على الاهلي الصفاقسي ويتأهل الى ربع النهائي    الهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس تدعو إلى عقد مجلس وطني للمنظمة خلال سبتمبر القادم    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    تسمّم تلاميذ بالحلوى: الإحتفاظ ببائع فواكه جافّة    افتتاح معرض «تونس الأعماق» للفنان عزالدين البراري...لوحات عن المشاهد والأحياء التونسية والعادات والمناسبات    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مصر: رفع اسم أبوتريكة من قائمات الإرهاب والمنع من السفر    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    سبيطلة : القبض على مجرمين خطيرين    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    قابس: نقل 15 من تلاميذ المدرسة الاعدادية ابن رشد بغنوش بعد شعورهم بالاختناق والإغماء    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    عاجل/ القصرين: توقف الدروس بهذا المعهد بعد طعن موظّف بسكّين امام المؤسسة    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    بلاغ مروري بمناسبة مقابلة الترجي والأهلي    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    خبير في التربية : ''تدريس الأولياء لأبنائهم خطأ ''    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    الحماية المدنية: 8 وفيّات و 411 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    عاجل/ القسّام: أجهزنا على 15 جنديا تحصّنوا في منزل برفح    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طرق إثبات البنوة بالتحليل الجيني 2-2
سواء مات الأب أو مازال على قيد الحياة
نشر في الصباح يوم 19 - 03 - 2013

إعداد الأستاذ المبرز بكلية الحقوق بتونس ساسي بن حليمة
ضمن تعليقه على القرار التعقيبي المدني عدد 29967 المؤرخ في 29 جانفي 2009 نشرية محكمة التعقيب 2009-القسم المدني، ج 2 ص 331 يواصل اليوم الأستاذ ساسي بن حليمة نشر الجزء الثاني من موضوع إثبات البنوة بالتحليل الجيني(الجزء الأول نشر بتاريخ 10 مارس 2013).. ويقول:
"لكن ما كان من الممكن أن يكتفي القضاء بإثبات أن والدة الأبناء اقتصرت على شخص واحد يستولدها أولئك الأبناء فكان إذا ولابد من إثبات وجود القرائن المتعددة والقوية والمتضافرة، ولقد اعتبر القضاء ابتدائيا واستئنافيا بأن تلك القرائن متوفرة وما كان من محكمة التعقيب إلا أن تذكر بها وهي وعلى فرض أنه لا توجد قرائن متعددة قوية ومتضافرة فهل يعني ذلك أن الابن الطبيعي لا يمكنه إثبات بنوته نحو والده البيولوجي؟
هناك حل أول يتمثل في عدم القيام بأي دعوى مهما كان أساسها لإثبات البنوّة الطبيعية ويتمثل في ترسيم الطفل بدفاتر الحالة المدنية منسوبا إلى والده ولقائل ان يقول ألا يمثل عدم وجود رسم صداق بين والدة الطفل والشخص الذي رسم الطفل منسوبا إليه من شأنه أن يحول دون ذلك الترسيم؟.
الجواب هو بالنفي.
فلا يطلب ضابط الحالة المدنية الإدلاء بعقد زواج مبرم بين والدي الطفل، فلا ينص على ذلك أيّ قانون وما دام لا يوجد نص قانوني يفرض الإدلاء بعقد الزواج فإنه لا مناص من اعتبار أنّ الإدلاء به غير ضروري وإذا رسم الطفل منسوبا الى والد ما فإنه يصبح متمتعا بشبهة نسب فيمكنه أن يقوم بفضل رسم ولادته بكل الاجراءات الضرورية للحياة المدنية كالترسيم بالمدرسة أو استخراج بطاقة التعريف الوطنية الى غير ذلك من الاجراءات التي يتطلب فيها الإدلاء بمضمون ولادة. ومن الممكن له أو بالأحرى لوالدته القيام بقضية في النفقة ضد الرجل المرسم بمضمون الولادة بوصفه والده واذا كان ذلك الشخص غير راغب في الإنفاق على الطفل فإنه يصبح مضطرا للقيام بدعوى في نفي نسب ذلك الطفل.
وسائل الدفاع
ومن بين وسائل الدفاع التي يتجه اليها التفكير والتي يمكن للوالد المزعوم التقدم بها التمسك بعدم وجود عقد زواج بينه وبين والدة الطفل، لكن ذلك أصبح غير كاف إذ أنّ تلك الوسيلة كانت مجدية قبل صدور قانون 28 اكتوبر 1998 عندما كان لا يوجد نصّ يمكن الابن الطبيعي من إثبات بنوّته وعندما كان جانب كبير من فقه القضاء يعتبر أن عدم وجود رسم صداق بين والدي الطفل من شأنه أن يظهره بمظهر الابن الطبيعي أو ابن الزنا كما يعتبر عنه الفقه الاسلامي بعبارة لا تخلو من الفظاعة.
تلك هي القاعدة كما وضعها شق كبير من فقه القضاء (انظر على سبيل المثال لا على سبيل الحصر:
تعقيب، قرار مدني عدد 940، مؤرخ في 6 مارس 1973، نشرية محكمة التعقيب 1973، القسم المدني، ج.1، ص 142.
تعقيب، قرار مدني عدد 9108، مؤرخ في 11 ديسمبر 1973، نشرية محكمة التعقيب، 1973، القسم المدني، ج.1، ص 144.
تعقيب، قرار مدني عدد 11609، مؤرخ في 15 جويلية 1975، نشرية محكمة التعقيب، 1975، القسم المدني، ج 2، ص 182.
وانظر بعض الدراسات مثل:
الأمين الشابي، "البنوة الشرعية في القانون المقارن"، القضاء والتشريع 1967، العدد 6، ص 9 / ص 361.
الساسي بن حليمة، "قانون العائلة بين التطور والجمود"، في "تأثير القرن العشرين في القانون التونسي الخاص"، سلسلة لقاءات الحقوقيين، منشروات كلية الحقوق والعلوم الساسية بتونس، العدد 8، 200 ص 45.
الساسي بن حليمة، "وضعية الطفولة الطبيعية أو غير الشرعية في تونس"، القضاء والتشريع 1996، العدد 2، ص 91.
الساسي بن حليمة، "بين النسب والأبوّة"، القضاء والتشريع، 2002، العدد 1، ص 143.
بين القبول والرفض
وقد يثور نقاش لمعرفة إن كانت العلاقة بين والدي الطفل تمثل أولا علاقة زواج فاسد إذ أن ذلك الزواج يثبت النسب اذا كان غير مبرم بصورة قانونية عملا بأحكام الفصل 36 مكرر من قانون غرة أوت 1957 لكن ترسيم الطفل بدفاتر الحالة المدنية يمثل بالنسبة للطفل فائدة استراتيجية إن أمكن استعمال هذه العبارة ذات الأصل الأعجمي، فهو يصبح مدعى عليه في قضية تهدف الى قطع علاقته القانونية بوالده المزعوم عوض أن يكون هو قائم بقضية لإثبات علاقته بذلك الشخص وقد يجد الوالد المزعوم نفسه مضطرا للمطالبة بإجراء التحليل الجيني الذي كان من الممكن له أن لا يخضع إليه لو كان الطفل هو المدعي في قضية تهدف الى إثبات بنوّته وقد تكون والدة الطفل واثقة من أنّ ابنها هو من صلب المدّعي فما عليها عندئذ إلا أن تخضع الى التحليل الجيني وتطلق عقيرتها بالزغاريد اذا أثبت التحليل الجيني أن ابنها هو من صلب المدّعي وتكون هكذا قد تمكنت من قلب الوضعية القانونية التي كان من الممكن أن تتخبط فيها لو كانت هي المدعية والمطالبة بالتحليل الجيني والوالد المزعوم المدعى عليه في تلك الدعوى يرفض إجراء ذلك التحليل، وقد يتعقد الأمر لو رفضت الأم تسليم ابنها لإجراء التحليل الجيني عليه.
فهل أن ذلك الرفض من الممكن أن يساوي اعترافا بأن الطفل ليس من صلب الرجل الذي يطالب بإجراء التحليل الجيني؟
وهل أن اعتراف الأم بأن الطفل ليس من صلب المدعي يمضي في حق الطفل؟ ولو كان ذلك هو الحل لأضحى من المكن التفكير في تصريح لزوجته بأن الطفل الذي يطالب الزوج بنفي نسبه عنه ليس من صلب الزوج حال أنها تعلم أنه من صلبه وذلك للتنكيل بالزوج وحرمانه من التمتع ببنوّة ذلك الطفل ولربما قيل أنها تعرض نفسها لتتبعات جزائية من أجل الزنا لكن من الممكن أن تكون تلك التتبعات قد انقرضت بمرور الزمن إذا كان الزنا المزعوم قد ارتكب والطفل قد ولد منذ زمن أضحى مروره مسقطا للدعوى العمومية، كأن يكون سن الطفل فوق الثلاث سنوات.
تلك هي بعض الخواطر التي جرنا إليها التحليل الجيني.
دعوى المطالبة بمعاش
وعلى فرض أنه لا يوجد لا تحليل جيني ولا قرائن متعدة وقوية ومتظافرة على وجود اتصال جنسي بين والدي الطفل متسبب في ولادة الطفل، فإنه يبقى إقحام مؤسسة موجودة في بعض القوانين الغربية كالقانون الفرنسي وهي ما يسمى Action à fin de subsides أي دعوى في المطالبة بمعاش (حول تلك الدعوى انظر على سبيل المثال:
Carbonnier (J.) « Droit civil », T.2, « La famille, les incapacités », Thémis, Presses Universitaires de France, (P.U.F.), Paris, France, 22ème édition, 2000.
Malaurie (Ph.), « Droit civil – La famille », Collection « Droit civil », dirigée par Ph. Malaurie et L. Aynès, Editions Cujas, Paris, France, 2ème édition, 1989.
Cornu (G.), « La famille », Précis Domat, Editions Montchrestien, paris, France, 1984.
Massip (J), Note sous, Cass. Civ., 1ère section, 21 octobre 1980n G.P. 1981, II, p.475.
« L'action à fin de subsides », Mélanges offerts en l'honneur du Professeur Sassi Ben Halima, C.P.U. 2008, Tunis.
تتمثل تلك الدعوى في قيام والدة الطفل بقضية ضد الشخص الذي اتصل بها جنسيا لمطالبته بالانفاق على الطفل دون ضرورة لإثبات البنوة.. قد يبدو أن هذا الأمر غريب.. لكن الغرابة تزداد وتعظم إذا عرفنا أن القانون الفرنسي مثلا يمكن والدة الطفل بالقيام بتلك الدعوى لا ضد شخص واحد اتصل بها جنسيا بل ضد العديد من الرجال، نعم العديد من الرجال الذي اتصلوا بها جنسيا فيحكم عليهم جميعا بالنفقة.
والملاحظة التي من الممكن التقدم بها هو أن بعض الحلول لمشكل الابن الطبيعي لازالت غير موجودة في القانون التونسي الذي لا يعرف مثلا مؤسسة القضية لطلب معاش للابن الطبيعي والممكن القيام بها ضد كل من واقع والدة ذلك الطفل دون حاجة إلى إثبات البنوة، فضلا عن إمكانية القيام بالتحليل الجيني على جثة هالك قبر بعد إخراجه من القبر.
ولربما كان من المتجه الاقتداء بالمشروع الألماني مثلا الذي يفرض على الوالد المزعوم أن يخضع للتحليل الجيني.
هل أن المشرع سيتجاسر على إقرار ذلك الحل؟
ربما كان كذلك أن يتوخى حلا لا توجد فيه قوة ولا تنفيذ القوة ولا الجرّ الى مخبر بواسطة القوة العامة وهو أن يتبنى حلا يقتضي أن رفض الوالد المزعوم الخضوع للتحليل الجيني يساوي إقرارا أو اعترافا بالنبوة ويحكم على ضوء ذلك بثبوت البنوّة.
إن كان لا مناص من الالتجاء إلى حل منقوص لكنه يكفل على الأقل لقمة العيش فإنه من الممكن التفكير في إقحام ما يسمى الدعوى للتحصيل على معاش "Action à fin de subsides" ولو أن إقحام هذا النوع من القضايا لا يتماشى لا مع أخلاقنا ولا مع ديننا ولا مع مبادئنا ولو أنه علينا أن نعترف بأن المشرع خطا خطوة نحو إثبات بنوة الابن الطبيعي وتمتيعه ببعض الحقوق مثل حمل اللقب العائلي لوالده والتمتع بحق في النفقة فضلا عن مشمولات الولاية دون ان يعترف له صراحة بالحق في الإرث. (انتهى)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.