لم يخف نجيب بن يوسف رئيس الفرع الجهوي للمحامين قلقه من ظاهرة السمسرة التي تغلغلت في قطاع المحاماة لكنه شدد على ان الاجراءات الردعية لا يمكن ان تستأصل الظاهرة من جذورها وانما تحد منها فقط. وحول مدى انتشار ظاهرة السمسرة بعد الثورة بشكل اصبحت تنخر القطاع أكثر من أيّ وقت مضى أكد بن يوسف ل»الصباح الأسبوعي» ان المحاماة عرفت السمسرة منذ عقود من الزّمن لكنّها كانت حالات معزولة يسقط فيها بعض المحامين وضمن اخلالات بسيطة تنعكس اثارها السّلبيّة على المحامي الذي ينتهج هذا الأسلوب المخلّ بتقاليد المهنة فلا يتضرر من مسلكه هذا باقي زملائه باعتبار قلّة عدد المحامين في ذلك الوقت وقلّة عدد هذه الحالات، ثمّ ومنذ سنوات أصبحت السّمسرة ظاهرة ملفتة للنظر بحكم ارتفاع عدد الذين ينتهجون هذا المسلك مع تدخّل بعض الأطراف فيه وتوجيههم للملفات لهذا المحامي أو ذاك خاصّة في قضايا المرور والموقوفين. واضاف ان المسألة تبعا لذلك منتشرة قبل 14 جانفي ويمكن أن تكون قد انتشرت أكثر من السّابق بعد هذا التاريخ باعتبار أنّ البلاد قد شهدت ثورة على القيم وتمرّدا على الضوابط. ملفات تأديبية وعن فشل مختلف الاجراءات في محاربة هذه الظاهرة ومحاصرتها أوضح بن يوسف ان جسم المحاماة أصبح يشكو من السمسرة و يئنّ وهو ما حدا بمجلس الفرع الجهوي للمحامين بتونس إلى إيلائها أهميّة كبرى، فضبط طرق العمل داخل المحاكم بالحثّ على وضع الشّارات لكتبة المحامين ودعوة الزّملاء إلى ارتداء الزيّ المهني عند طلب الخدمات وذلك حتى يسهل فرز الأشخاص المتطفلين عن الميدان. واستطرد محدّثنا «وضع المجلس معايير أوّليّة هي بمثابة مقدّمات لفتح ملفات تأديبية من أجل السّمسرة، ونشط في هذا المجال فقام بزيارات ميدانيّة لمكاتب بعض المحامين، وقام بالتحرير على بعض حرفائهم، ولمّا تبيّن للمجلس أنّ هؤلاء الحرفاء قد وجّهوا من بعض أعوان الصّحة العموميّة تمّت إحالة هؤلاء الزّملاء على مجلس التأديب مع توخي اجراء جديد يتمثل في احالة المحامي المخطئ على عدم المباشرة لفترة معيّنة». إجراءات ردعية وفي الوقت الذي طالبت فيه عديد الاطراف باتخاذ اجراءات صارمة ضد المحامين الذين يثبت تورطهم قال رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس: «تقتضى الصراحة القول أنّ الاجراءات الرّدعيّة لا يمكن أن تستأصل هذه الظاهرة من الجذور بل الحدّ منها فقط باعتبار ارتباطها بعوامل أخرى أخلاقيّة و ماديّة، وأعني بها حالة الخصاصة التي يعاني منها عدد من الزّملاء وخاصّة الشّبان منهم، الأمر الذي يحتم الانكباب على معالجة هذه الظاهرة واستقراء أسبابها العميقة وايجاد الحلول الناجعة والجدّيّة، علما وأنّ هذه الظاهرة شهدت تنوّعا بفعل انفتاح الاعلام وتنوّع البرامج وتهافت عدد من المحامين في المشاركة فيها ممّا يعدّ ضربا جديدا من ضروب السّمسرة واستجلاب الحرفاء وعدم تكافؤ الفرص». التوزيع العادل لقضايا الدولة وحول نقاط الاستفهام العديدة التي باتت تطرحها ظاهرة السمسرة على مستوى الوظيفة العمومية في ظل التجاوزات التي سجلت على مدى الفترة الماضية أشار بن يوسف الى أن مجلس الفرع طرح بطريقة جدّيّة موضوع التوزيع العادل لقضايا الدّولة والمؤسّسات العموميّة ونظم لذلك حلقات نقاش وأعدّ تصوّرات وذلك حتى لا يستأثر جمع من المحامين بهذه القضايا دون غيرهم فيكون التوزيع حسب الولاء الحزبي وحسب الموقع في هياكل المهنة أو حسب الصّداقات مع هذا الطرف أو ذاك. تطهير القطاع وفي ظل هذه الممارسات سألنا محدثنا: الى أي مدى يبدو تطهير قطاع المحاماة مهمة صعبة تتطلب جهودا استثنائية واجراءات ردعية؟ فأكد انّ توفير الفرص لكلّ المحامين مهمّة رئيسيّة للدّولة باعتبار اشتراك المحامين في المواطنة وهي مهمّة كذلك بالنسبة لهياكل المهنة باعتبارها السّاهرة على مقاومة مظاهر الفرقة، والحصول على القضايا دون تكافؤ الفرص بين الجميع يورث الوهن في جسم المحاماة. وتابع قائلا «مقاومة هذه المظاهر المسيئة مهمّة شاقة ودائمة وهي تتطلب تضافر الجهود بين قواعد المحاماة وهياكلهم وتتطلب كذلك تبني اجراءات ردعية لا مكان فيها للمجاملة والمحاباة». ◗ محمد صالح الربعاوي
المحامون الشبان يصرخون السماسرة أغرقوا القطاع وجوعونا أطلق المحامون الشبان صيحة فزع على خلفية ما اعتبروه اغراق القطاع وتجويعهم جراء السمسرة والتنافس غير المشروع .وطالبوا بضرورة تطهير القطاع من خلال اجراءات ردعية مع الضرب بقوة على أيدي كل من يثبت تورّطه في التجاوزات غير المشروعة التي أثرت على وضعيتهم بشكل جعل بعضهم غير قادر على توفير معلوم كراء محلاتهم بل ان منهم من أطلق صرخة مدوية لأنه وجد نفسه غير قادر على توفير قوته ومصروفه اليومي . وشدّد المحامون الذين تحدّثنا معهم على ان السمسرة مسألة مؤرقة ومعالجتها تتطلب توعية وتظافر كل الجهود المتدخلة في الموضوع لانه من غير المنطقي والمعقول ان تظل تنخر القطاع وتساهم في مزيد إغراقه بعيدا عن حلول جذرية للتصدّي لها .وتساءل أكثر من محام حول كيفية «اختطاف» الحرفاء أمام المحاكم من الدّخلاء والمتطفلين الذين «استكرش» بعضهم على حساب المحامين الشرفاء . ظلم صارخ وكشف المحامي عبد القادر طاهري انه في الوقت الذي يدخل فيه بعض المحامين قاعات الجلسات يوميا ب 10 و15 ملف قضية فان بعض المحامين الشبان لا يحصلون على «دوسي» يتيم في الشهر على حد تعبيره وهو ما اعتبره ظلما صارخا .واضاف «لا يعقل ان يعجز بعض المحامين على توفير مقابل انخراطهم في الهيئة أو الصندوق بل ان بعض المحامين ضبطوا دون سندات النقل و»مرسكين» في الحافلات و«الميتروات» وأشار محدّثنا الى ان السمسرة اتخذت أشكالا مختلفة حيث شملت شبكات في المستشفيات ومراكز الامن وحتى السجون الى جانب السماسرة الذين يتوافدون يوميا أمام المحاكم مما يدعو الاطراف المتداخلة الى ضرورة مضاعفة جهودها من أجل محاربة الظاهرة وتطهير القطاع . معاناة حقيقية ومن جهتها اعتبرت المحامية فاتن الطوالبي ان ظاهرة السمسرة أصبحت تمثل مشكلة عويصة تتطلب حلولا جذرية للحد منها لما تسببت فيه من معاناة للمحامين الشبان الذين وجدوا أنفسهم في أوضاع صعبة لا يمكن تصورها أحيانا و»مشاو في الساقين» على حد وصفها .واستطردت «من غير المقبول ان ينخرط بعض كتبة المحاكم في السمسرة ويصبحون من أكبر السماسرة حيث يجنون أموالا طائلة في وقت يعاني فيه مئات المحامين الأمرّين حيث مازالوا «يتشعبطون» في الحافلات .ومما لا شك فيه انه يتعيّن على الهياكل المسؤولة محاربة هذه الظاهرة بشكل جدي وصارم لان عدم محاصرتها سيؤدي حتما الى مزيد انتشار السمسرة أكثر بما يصعب وقتها ايجاد حلول حتى للحد منها» تعلة نقص الخبرة ولئن شدّد المحامي بشير القتيتي على ان السّمسرة باتت تمثل أكبر كارثة داخل القطاع لانعكاساتها السّلبية على المحامين الشبان فانه دعا الى ضرورة إعادة تنظيم القطاع وهيكلته واتخاذ عقوبات ردعية ضد كل من يثبت تورّطه .وطالب بضرورة منح نصيب للمحامين الشبان في نيابة المؤسّسات العمومية باعتبار ان تعلة نقص الخبرة غير منطقية وبعيدة عن الحقيقة .وتابع قائلا «مادامت هيئة المحامين تؤكد انها تعرف الاسماء وشبكات كاملة عليها ان تقوم بدورها في تطهير القطاع اذ من اللامنطقي ان تصبح قضايا التأمين والجزائي وغيرها حكرا على أسماء معينة» ◗ الربعاوي