تميز شارع الحبيب بورقيبة أول أمس الأحد بألوان وأشكال فنية متعددة جسمت في أعمال مسرحية وأخرى راقصة أدخلت بهجة افتقدها مؤخرا الشارع الرئيسي للعاصمة في ظل أعمال العنف والانتهاكات الجسدية واللفظية التي يتعرض لها فئات مختلفة من التونسيين يوميا وعلى أكثر من مستوى.. وحظيت عروض تظاهرة "الشعب يريد مسرحا" -الأحد- بإقبال جماهيري محترم أغلبه من الأطفال الذين تفاعلوا كثيرا مع العروض الموجهة للصغار أو الكبار ولاحت على ملامحهم علامات الانبهار والرغبة في مشاركة الفنانين أداءهم. افتتح عرض "الشعب/الشارع/المسرح" إخراج حسام الساحلي وإنتاج الجمعية التونسية لخريجي معاهد الفنون الدرامية وهي الجهة المنظمة للتظاهرة في الدورة الثالثة من "الشعب يريد مسرحا" فيما انقسمت العروض بين ركح مواجه للمسرح البلدي وآخر على مستوى موازي لنزل الأفريكا ونوّه في هذا السياق المسرحي حمادي المزي بأهمية الدعم الذي قدمه المسرح الوطني بإدارة أنوار الشعافي للتظاهرة والتسهيلات الموفرة من وزارة الثقافة في نجاح مجهودات المسرحيين المشاركين في برمجة هذه التظاهرة ومنها عرض "فارس المدينة" الذي وصفه حمادي المزي بالعمل الرائع خاصة لتميز مخرجه عياد معاقل في فنون الكرنفال وقدم "فارس المدينة" مراحل ذات بصمات واضحة في مسار الثورة التونسية حيث انطلق المترجلون في هذا العرض من قاعة الفن الرابع في اتجه شارع الحبيب بورقيبة بأزيائهم الكرنفالية يجسدون لحظات من تاريخ لا ينسى بأفراحه وأحزانه. من جهته، أكد الممثل والمخرج حسام الساحلي أن الدورة الثالثة من تظاهرة "الشعب يريد مسرحا"كانت أفضل على المستوى التنظيمي من الدورتين السابقتين وذلك بفضل دعم عدد من الهياكل العمومية على غرار المسرح الوطني وبلدية تونس ومندوبية الثقافة بتونس وعبّر محدثنا من ناحية أخرى، عن استيائه من غياب نقابة المهن الدرامية عن الحدث ومن حضر منها- وذكر في هذا الإطار المسرحي أنس العبيدي- فكان بصفة شخصية مضيفا أن على نقابة المهن الدرامية واتحاد الممثلين دعم مثل هذه الأنشطة والمبادرة بالحضور دون دعوة لأن هذا من واجبهم. "الشعب يريد مسرحا"التي انطلقت من العاشرة صباحا إلى السابعة مساء، لاقت تجاوبا كبيرا من قبل الأطفال الحاضرين بكثافة في شارع الحبيب بورقيبة الأحد 24 مارس الجاري واستمتعوا بعروض "الرحلة" و"المدونون" وصانع الكراسي" لمحسن الأدب، الذي يحلم بتقديم مسرحا للجميع تحضره العائلات صحبتها أطفالها وفي تصريحه"للصباح" قال مخرج"صانع الكراسي"أنه خيّر ومنذ أربع سنوات الاشتغال عن مسرح الطفل الهادف مشيرا إلى أن"صانع الكراسي" ينتمي لمسرح الأشياء والعرض يحيل على أكثر من قراءة فيمكن أن تمتع الصغار في جماليتها وعبرها حول صنع أدوات مفيدة لحياتنا من أشياء بسيطة كما تعكس في قراءة أخرى أهمية الكراسي ودورها في بلادنا هذه الأيام.. الأزهر الضاوي يلفت الإنتباه ويثير الفضول لم تخلو الدورة الثالثة من تظاهرة "الشعب يريد مسرحا" من الرقص وفن الحركة حيث تم تقديم مجموعة من اللوحات الكوريغرافية بامضاء أبناء المسرح برقصة "هارليم شايك" فيما تميزت الفقرة الغنائية للفنان الملتزم الأزهر الضاوي عن غيرها من العروض ولاقت انتباه واستحسان جل الحاضرين حتى أن الأطفال جلسوا على ركح قرب "الفنان المناضل" يحاولون فهم كلمات أغنياته ولئن عسر عليهم إدارك أغلب معانيها شدتهم رقصاته وحركاته وحماسه المتجدد على الركح. الأزهر الضاوي ردد في تظاهرة "الشعب يريد مسرحا" أروع أعماله"يا شهيد" و"يا ذراعي" و"بنت الباي" ليغادر المسرح رغم إلحاح الجمهور ويترك الركح لأبطال مسرحية "بلاش"اخراج عبيد الجميعي.. هذا العمل الحديث الإنتاج كان قد منع منذ أيام قليلة من العرض في مدينة الرقاب من ولاية سيدي بوزيد بسبب رفض بعض المنتمين للتيار السلفي لبرمجة المسرحية ورضوخ مدير دار الثقافة بالمنطقة لرغبات المتشددين دينيا وذلك حسب ما ردده العاملين في"بلاش". رغم غياب المناوشات بين الفنانين وأتباع التيار السلفي في الدورة الثالثة من "الشعب يريد مسرحا" على عكس دورتها الأولى والحادثة الشهيرة المتعارف عليها ب"غزوة المنقالة" إلا أن رئيس الجمعية التونسية لخريجي معاهد الفنون الدرامية معز مرابط كشف لنا عن محاولات بعض الأشخاص إثارة البلبلة واستفزاز الفنانين خصوصا خلال عرض السد للطاهر عيسى بالعربي عن نص الكاتب الكبير محمود المسعدي وأضاف محدثنا أن الهدف من هذه التظاهرة هو إدخال ثقافة المسرح وفنون الشارع في تقاليدنا اليومية كي يصبح الفن حاجة حياتية لا مشهدا مناسباتيا. وعن غياب نقابة الفنون الدرامية عن الحدث بين معز مرابط أن النقابة حاضرة من خلاله ومن خلال كل من أنس العبيدي وسيف الدين الفرشيشي وأنه لا ينتظر منها دعما ماليا باعتبارها لا تملك الإمكانيات لذلك أمّا عن عدم حضور أسماء بارزة في الفن الرابع تدعم هذه التظاهرة فأفادنا معز مرابط أن الدعوة وجهت للجميع عبر الإعلام ومن لا يرغب في الحضور والمواكبة أو المشاركة فيها فهذا قراره ويلزمه دون غيره مشيرا إلى أن دعم الفنانة منى نورالدين للتظاهرة أثر في الحاضرين خاصة وأنها كانت من الثامنة ونصف صباحا في مواكبة "الشعب يريد مسرحا" في دورتها الثالثة والتي تكللت بالنجاح بشهادة الجمهور.