لئن تعددت اللقاءات والتظاهرات العلمية التي تعنى بالانتقال الديمقراطي في بلدان الربيع العربي، فإن أهميتها تكمن في تشريكها لكفاءات وخبرات من الخارج تقدم الافادة والاضافة لاسيما في ما يتعلق بطرق معالجة أمهات المشكلات على الساحة السياسية الوطنية على غرار المؤتمر العلمي الذي نظمته نقابة البحث في القانون الدولي والمحاكم الدولية والقانون الدستوري المقارن ومؤسسة كونراد ادناور مؤخرا تحت عنوان "التغييرات غير الدستورية للحكومة لنهج القانون الدستوري والقانون الدولي" والذي حضره مايكل غايلار العضو في البرلمان الأوروبي، الذي كان من أبرز المشاركين في لجنة مراقبة الانتخابات التونسية لسنة 2011 والذي تحدث ل"الصباح" حول التجربة الانتخابية في تونس وموقف البرلمان الاوروبي من مجمل التطورات الحاصلة في بلدان الربيع العربي.. وفي هذا الخصوص، اعتبر مايكل غايلار ان التجربة التونسية في انتخابات 2011 كانت تجربة ناجحة ومرت في ظروف طيبة رغم بعض المظاهر العابرة التي أرادت تشويه المشهد الانتخابي مشيرا الى ان الانتخابات كانت مفتوحة أمام كل فئات المجتمع التونسي .. وبين غايلار ان "انتظار المنتخبين لساعات للادلاء بأصواتهم وممارسة حقهم الانتخابي لأول مرة" هي من ابرز ما شد انتباهه، مستطردا بالمقابل أن نسبة المشاركة في تلك الانتخابات كانت متواضعة مقارنة ببلدان اخرى خاصة تلك التي عاشت ثورات في أوروبا ومرت بنفس الظروف التي مرت بها تونس وحيث كانت تلك النسبة مرتفعة فيها ووصلت الى 95 بالمائة في بعض هذه البلدان. وأعرب عن الأمل في أن يشارك التونسيون بأكثر كثافة في الانتخابات المقبلة لترتفع نسبة المشاركة "ما من شأنه انجاح العملية الانتخابية وبالتالي انجاح الحياة السياسية في المرحلة القادمة". تنوع المشهد السياسي.. وبشأن ملامح المشهد السياسي في تونس بعد الثورة وخاصة بعد الانتخابات، فقد وصفه عضو البرلمان الأوروبي الضيف بالمتنوع حيث "برزت أحزاب عديدة بعد الثورة أصبحت تشارك في الحياة السياسية بنفس الحظوظ تقريبا وقامت بتغييرات في المشهد السياسي التونسي". وأشار إلى ان "استطلاعات الرأي التي تنشر بين الفينة والاخرى توضح تغير المشهد السياسي في البلاد حيث نجد حركة نداء تونس في الغالب تتقدم فيما تحافظ حركة النهضة على استقرارها في المشهد السياسي.. زد على ذلك ظهور احزاب جديدة في كل فترة ما يضفي ميزة التنوع على الشهد السياسي" على حد تعبيره. وبخصوص أداء المجلس التأسيسي، أفاد البرلماني مايكل غايلر بأنه ومن خلال مقابلته لعدد كبير من اعضابه لاحظ ان صياغة الدستور بلغت اشواطا هامة وهي تسير في المسار الصحيح.. مشيرا الى كل الاطراف المعنية بصياغة الدستور تعمل على انجاح هذا المشروع و"لا اعتقد ان حزبا دون غيره يعمل على عرقلة مسار الصياغة لغايات معينة .." على حد قوله. ورأى ان المدة التي استغرقها اعضاء المجلس التأسيسي في صياغة الدستور "منطقية وأمرا عاديا خاصة وان الاعضاء جددا وليست لهم تجارب كافية في الحياة البرلمانية الى جانب صعوبة وتعقيد النصوص والقوانين المطروحة في الدستور"... وشدد على ضرورة ان "يأخذ الفاعلون السياسيون الوقت الكافي في هذا المشروع ليخرجوا به الى الشعب في شكل صحيح حتى يبقى صالحا للأجيال التي ستأتي فيما بعد...". دور البرلمان الاوروبي وبخصوص دور البرلمان الاوروبي ازاء الوضع في تونس كواحدة من البلدان التي تعيش الانتقال الديموقراطي، بين مايكل غايلار ان الاتحاد الاوروبي نظم برنامج مساندة ومصاحبة لهذه البلدان تخص ثلاث مجالات كبرى: المجال الذي يعنى بصياغة الدستور، والمجال الذي يهتم بالتشريع، ومسألة الحوار الوطني وضرورة تشريك كل فئات المجتمع المدني في الحياة السياسية. واضاف ان البرلمان الاوروبي يعمل على تهيئة وتحضير اطار برلماني ناجح في هذه البلدان في المستقبل، يراقب عمل الحكومة ويقف جنبا الى جنب مع المدنيين لحل مشاكلهم في الداخل والخارج، وذلك من خلال تكوين وتأطير الكفاءات والخبرات في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية... وبخصوص وضع بلدان الربيع العربي تحدث عضو البرلمان الأوروبي الضيف عن وجود نقاط تشابه بين هذه البلدان تتمثل اساسا في اسباب اندلاع هذه الثورات ورفض هذه الشعوب للانظمة الدكتاتورية السائدة، الى جانب وجود نقاط اختلاف، ومن ذلك اعتبر ان الوضع في تونس يختلف كثيرا عن الوضع الراهن في مصر وكذلك في ليبيا على المستوى السياسي والاقتصادي. وبالنسبة لسوريا، قال محدثنا أن الوضع مختلف عن بقية بلدان الربيع العربي "فنحن اليوم لا نستطيع عمل اي شيء حيال هذه الازمة ولا نملك أية حلول لوقف اطلاق النار والحرب في سوريا". وبخصوص مسألة تسليح المعارضة في بلاد الشام أفاد مايكل غايلار بأن البرلمان الاوروبي لم يقرر بعد من هي الجهة التي يجب مدها بالأسلحة موضحا أن اتخاذ قرار بهذا الشأن يفرض تحقيق المعادلة بين قوى الصراع في سوريا، بحيث تقدم إلى الجهة الصحيحة والحيلولة دون وقوعها في الأيدي الخطإ. كما أكد على ضرورة التعاون بين كل مكونات المجتمع الدولي لإخراج الشعب السوري من الوضع الدموي في اقرب الآجال.