نظمّت أمس الإدارة العامة للحرس الوطني مناظرة لانتداب عرفاء أمن بسلك الحرس الوطني. وقد أثار الاختبار الكتابي عدّة ردود فعل في صفوف المترشحين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي لما تضمّنه من أسئلة متعلقة بالجانب الدّيني على غرار: "ماذا تعني الصفا والمروة؟ ماهي أقصر سورة في القرآن الكريم؟ ماهي أطول سورة في القرآن الكريم؟ كم عدد القراءات الصحيحة للقرآن الكريم؟ من أوّل من استقبل القبلة حيا وميتا؟ من أوّل من جمع القرآن الكريم وكتبه؟ كم سنة استغرق نزول القرآن؟ من أوّل امرأة قطعت يدها في السرقة؟". أسئلة عديدة أثارت استغراب معظم المترشحين، حيث أفادنا أحدهم أنّه صدم عندما قرأ أسئلة الاختبار، قائلا: "لقد ذهلت لهذه الأسئلة،قولوا لي ما دخلي كعون أمن مستقبلي في من استقبل القبلة حيا وميتا؟ ما علاقة الصفا والمروة بعمل عون الأمن؟ ما دخلي أنا في كلّ هذا؟". فهل تهدف هذه المناظرة لانتداب وعاظ دين أو أمن جمهوري؟ وحول هذا الموضوع، قال الرئيس الشرفي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مختار الطريفي ل"الصباح الأسبوعي": هذه ليست مؤشرات لإرساء أمن جمهوري وإنما هي مؤشرات إرساء أمن طائفي". وأضاف قائلا: "أستغرب صراحة من نوعية هذه الأسئلة، فكليات الحقوق مثلا التي يتخرّج منها أناس لتطبيق القانون لا تتطرّق إلى هذا النوع من الأسئلة والمواضيع، ما علاقة هذه الأسئلة بمنظومة حقوق الإنسان". ونددّ الطريفي بهذا النوعية من الأسئلة لما فيها من خطوات نحو إرساء أمن يخدم طائفة معينة ويكرّس أسلمة المجتمع، "فالقوانين الموجودة بعيدة كل البعد عن هذه العقلية، ولكن أراهم يريدون تكريس عقلية التعامل مع المواطن بعيدا عن القانون الوضعي". "أسئلة مخيبة للآمال" من جهته، اعتبر لزهر العكرمي الوزير المكلف بالإصلاحات في وزارة الداخلية بحكومة الباجي قائد السبسي أنّ التركيز على هذا النوع من الأسئلة لا يقع إلا لانتداب أئمة ورجال دين، قائلا: "إنّ الثقافة التي تساعد على أن يكون الإنسان رجل أمن لا تتعلّق بهذه الأسئلة التي أعتبرها محبطة ومخيبة للآمال صراحة". ويرى العكرمي أنّ من شأن هذه الأسئلة "أن تذبح ثقة المواطن في رجل الأمن باعتبار هذا الانتداب يخصّ تنظيما حزبيا دينيا ولا يخصّ الدولة"، على حدّ تعبيره. وفي اتصالنا برياض الرزقي كاتب عام مساعد النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي، ذكر أنّ هذا الاختبار مبني على جانب تمييزي إقصائي "فمن خلال هذا الاختبار يمكن أن نفهم أنّ الانتداب موجّه لفئة من الشباب دون أخرى وأنه مبني على الولاء لطرف سياسي" حسب قوله مشيرا في هذا الصدد إلى الاختبارات الكتابية ،التي أجراها هو نفسه وزملاؤه سابقا، "والتي لا تتضمّن هذه النوعية من الأسئلة "وهو ما يحيلنا إلى التساؤل عن الجهة المهتمة بالبرامج"، على حدّ قوله. وفي اتصالنا بالناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، أفادنا أنّه لا يمكن الإدلاء بموقف الوزارة الرسمي باعتبارها ستصدر اليوم بيانا حول هذا الموضوع. من جهته، فضّل منتصر الماطري عضو اتحاد نقابات الأمن الداخلي عدم التعليق على هذا الموضوع إلى حين صدور بيان وزارة الداخلية متسائلا: "هل هم متأكّدون أنهم سينتدبون أعوان أمن؟". يذكر أنّ عادل العلمي رئيس الجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح أو ما سميت في البداية ب"جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" قدّم دروسا دينية للمساجين بسجن المرناقية، وهو ما أثار عدّة ردود فعل في صفوف السياسيين والحقوقيين وبعض الأمنيين.