«الدستور قد ينتج رعية إذا أعطينا الدولة صلاحيات مطلقة» دعا محمد الحداد رئيس المرصد العربي للأديان والحريات إلى الاستغناء عن التوطئة في نص الدستور الجديد واستبدالها بفقرة قصيرة تشيد بالثورة التونسية والدور الذي لعبه الشباب في صناعة هذه الثورة. واكد الحداد خلال يوم دراسي انتظم أمس بالعاصمة حول "حصاد الدستور رؤيتان في نصّ واحد" بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور ان "العناصر الرئيسية المذكورة في التوطئة مثل الاسلام واللغة العربية والحريات ومدنية الدولة هي مذكورة في مواد الدستور بما يغني عن التوطئة". مذكرا بانه توجد دساتير في العالم ليس لها توطئة. وراى رئيس المرصد ان " 70 بالمائة من الانتقادات والتخوفات تدور حول العبارات المهمة والمناطق الرمادية في التوطئة التي كتبت في الاصل من وجهة نظر ايديولوجية وحزبية وفشل النواب في تحويلها الى نص وفاقي يلتقي حوله كل التونسيين." وفي سياق حديثه قال :" ان الدستور قد ينتج رعية اذا اعطينا الدولة صلاحيات مطلقة"، مشيرا الى ان "انتقال المفاوضات حول الدستور الى قرطاج دليل على تعثر المسار التأسيسي لكنه اصبح ضروريا اذا اراد المجلس الالتزام بانهاء الدستور قبل نهاية السنة خاصة وان الوقت لم يعد يكف لمناقشة عميقة لفلسفة الدستور تضمن في التوطئة." وبين ان المجلس التاسيسي "وجد عسرا بالغا في ايجاد نص تأليفي يجمع بين رؤية دستورية تتأسس على التراث الدستوري التونسي والمبادئ الحقوقية الكونية معتبرا ان العبارة الواردة حاليا في التوطئة "مبادئ حقوق الانسان الكونية بما بما ينسجم مع الخصوصيات الثقافية" اكبر دليل على هذا الفشل وتتضمن تناقضا صارخا." وفي النقطة المتعلقة باستمرارية الدولة ذكر الحداد بالمقترح الذي قدمه المرصد الذي راى انه قد يكون توافقيا وهو :"ترعى الدولة الشعائر الدينية وتكفل حرية المقدسات حسب ما يضبطها القانون وتمنع الاعتداء على الغير بالتكفير وتضمن حياد دور العبادة عن الدعاية السياسية" وقال :" في حال لم يتم ضبطها فستصبح لدينا حرب مقدسات"، مشيرا الى انه ليس من صلاحيات الدولة ان تفرض ما تراه هي مقدسا او ثوابت. صياغة غير قانونية وفي قراءة قانونية للصياغة الثالثة لمشروع الدستور قدمت سلسبيل القليبي استاذة القانون الدستوري بعض الملاحظات العامة من بينها ان بعض ما جاء في الدستور الجديد صياغته غير قانونية، أما على المستوى المنهجي فلاحظت هيمنة للبعد "التراكمي" وهو دليل على حرص كل طرف في التأسيسي على إدراج تصوره للمشروع السياسي والمجتمعي. حسب قولها. واشارت الى ان ما يلاحظ في التوطئة ان وضع الحقوق والحريات "مرتبك" نتيجة تململ الاطراف التي ساهمت في صياغته بين فسلفتين مؤكدة ان الاشكال هو في درجة الضمان التي يقدمها النص الدستوري بالنسبة للحقوق والحريات. ودعت الى ضرورة الفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية لانها لم تحسم بعد في مشروع الدستور الجديد. وفيما يتعلق بالسلطة القضائية قالت ان وضعه "مرتبك" خاصة بالنسبة للنيابة العمومية بعد حذف الفصل الذي ينص على استقلاليتها والوضع الضعيف لاهم جهاز قضائي نتيجة التوجس من المحكمة الدستورية. السمو بالدين عن التجاذب الحزبي تم خلال اليوم الدراسي طرح وثيقة من قبل المرصد العربي للاديان والحريات وهي عبارة عن "إعلان مبادئ السمو بالدين عن التجاذب الحزبي" ودعوة الى نبذ العنف والاقصاء وتغليب التسامح ومضمونها ان "تونس ليست بلد جهاد ولا بلد دعوة اذ ان هاتان المقولتان تستندان الى نظريات تقوم على تكفير المجتمع او تفسيقه وترتبطان بالوهابية او الاخوانية القطبية (نسبة الى السيد قطب)". وتضمن الإعلان التاكيد على ان تونس "جزء من الحضارة العربية الاسلامية التي تعايشت في ظلها الفرق والمذاهب والاقليات." ومن بين المبادئ الاقرار بان "الثورة التونسية لم تسقط النظام لانه كافر ولم تنتخب نواب التاسيسي على خلفية عقائدهم بل اسقطت الديكتاتورية لتنعم الاجيال القادمة بحكم ديمقراطي ولذلك على القوى السياسية وفي مقدمتها حزب حركة النهضة ان تتخلى عن توظيف الدين لمصالح حزبية، كما على المواطنين ان يراعوا المشاعر الدينية للشعب ويتفادوا كل انواع الاستفزاز.."