دمشق (وات) انطلقت صباح امس السبت بقصر الامويين للمؤتمرات بدمشق اشغال الدورة العشرين للقمة العربية التي يشارك فيها الرئيس زين العابدين بن علي والتي افتتحها الرئيس السوري بشار الاسد. وقد التقطت قبيل الجلسة الافتتاحية صورة تذكارية لرؤساء الدول والامراء ورؤساء الوفود المشاركين في هذه الدورة. وتوجه الرئيس زين العابدين بن علي الى الدورة العادية العشرين للقمة العربية بكلمة في ما يلي نصها: «بسم الله الرحمان الرحيم فخامة الرئيس بشار الاسد اصحاب الجلالة والفخامة والسمو معالي الامين العام لجامعة الدول العربية حضرات الاخوة الكرام يطيب لي في مستهل كلمتي ان اعرب لاخي فخامة الرئيس بشار الاسد عن فائق الشكر وعميق الامتنان لما حظينا به من كرم الضيافة وحسن الوفادة منذ حلولنا بهذه الربوع الطيبة التي ظلت على مر التاريخ منارة اشعاع حضاري مشهود راجين لشعب سوريا الشقيق اطراد التقدم ودوام العزة والمناعة في ظل قيادة رئيسه الحكيمة. واذ نكبر ما لمسناه منذ نزلنا بهذا البلد المضياف من معالم النهضة الشاملة فاننا ننوه بالجهود المتميزة التي بذلها فخامة الرئيس بشار الاسد لتوفير افضل الظروف لانجاح قمتنا. كما يسعدني ان اتوجه بخالص التقدير والثناء الى اخينا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على اسهامه الفاعل طيلة رئاسته للدورة السابقة لمجلسنا في تنشيط العمل العربي المشترك والدفاع عن قضايا امتنا وخدمة مصالحها. واتوجه كذلك بالشكر الى معالي الامين العام السيد عمرو موسى للمساعي الحثيثة التي ما فتئ يبذلها لتعزيز دور جامعة الدول العربية والارتقاء به الى مستوى طموحات شعوبنا. حضرات الاخوة الكرام تلتئم قمتنا هذه في ظرف اقليمي ودولي بالغ الدقة نواجه فيه تحديات كبرى ورهانات جسيمة تحتم علينا التحلي باليقظة ومزيد التنسيق والتشاور لامتلاك القدرات التي تساعدنا على الصمود وعلى تطوير امكانياتنا وحماية مصالحنا وتامين مستقبل شعوبنا. ونحن نتطلع الى ان تسود روح الوفاق والتفاهم اشغال قمتنا حتى نهتدي الى اقوم السبل في معالجة القضايا المطروحة على جدول اعمالنا. كما نامل ان تكون هذه القمة فرصة جديدة لتوحيد صفنا وتعزيز التعاون والتكامل والتضامن بين شعوبنا. ولا شك ان القضية الفلسطينية تظل دوما في صدارة اولوياتنا ومبعث انشغالنا العميق لاسيما في هذا الظرف الدقيق الذي تصعد فيه اسرائيل اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني الشقيق بما تفرضه عليه من حصار جائر وما تلحقه به من خسائر فادحة بالارواح واضرار جسيمة بالممتلكات ودمار شامل بالبنى الاساسية. ان استمرار هذا الوضع المأساوي الخطير يملي علينا جميعا تاكيد مساندتنا الثابتة للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة وتكثيف دعمنا السياسي والمادي له واتخاذ وقفة تضامنية حازمة تمكنه من تجاوز محنته واسترداد حقوقه الوطنية المشروعة واقامة دولته المستقلة. ونجدد الدعوة في هذا المجال الى المجموعة الدولية والاطراف المؤثرة منها خاصة كي تبادر بتوفير الحماية الدولية اللازمة للشعب الفلسطيني وبالتدخل الفوري لوقف الاستيطان ووضع حد للعقاب الجماعي وللممارسات العدوانية والسياسات الاحادية الجانب لما تشكله كلها من تهديد خطير لجهود السلام بالمنطقة. كما ندعو الى تضافر جهود مختلف الاطراف المعنية لتفعيل خيار السلم واعتماد اسلوب الحوار في حل المشاكل القائمة واستئناف المفاوضات على اساس المرجعيات الدولية والمبادرة العربية للسلام ونتائج مؤتمر انابوليس خصوصا ان اوضاع المنطقة لم تعد تحتمل المزيد من التوتر والاحتقان. ونعرب في السياق ذاته عن تضامننا مع الشقيقتين سوريا ولبنان ووقوفنا الثابت معهما من اجل استعادة كامل اراضيهما المحتلة والعيش في امان وسلام. حضرات الاخوة الكرام اننا نتابع باهتمام الازمة السياسية التي يمر بها لبنان الشقيق أملين ان ينجح الاخوة اللبنانيون في تجاوز هذه الازمة بفضل ما عهدناه فيهم من تمسك بالوفاق وتشبث بالوحدة الوطنية حتى يقوا بلدهم مخاطر الانشقاق والفتنة ويؤمنوا لشعبهم الاستقرار والمناعة. ونجدد تضامننا مع الشعب العراقي الشقيق راجين ان يتمكن في اقرب الاوقات من استعادة امنه وتثبيت سيادته لكي يتفرغ لاعادة اعمار بلاده في كنف وحدته الترابية والوطنية. ويشهد السودان الشقيق في هذه الاونة تطورات سياسية تبعث على التفاؤل نامل ان تكون خطوة ايجابية على طريق المصالحة الوطنية الشاملة وتوثيق اواصر الوئام والانسجام بين ابنائه جميعا. حضرات الاخوة الكرام ان ما حققناه من انجازات مشجعة في مجال تفعيل العمل العربي المشترك ودفع مسيرة التطوير والتحديث في اقطارنا يؤكد الاهمية التي نوليها لتنفيذ ما التزمنا بتحقيقه من اهداف في القرارات الصادرة عن قمم تونس والجزائر والخرطوم والرياض. كما يؤكد عزمنا على مواصلة مسيرة الاصلاح والتحديث اخذين في الاعتبار ما يتعين رفعه من تحديات وكسبه من رهانات. وفي هذا السياق يتنزل حرصنا على وضع خطة عربية نموذجية للتربية على مبادئ حقوق الانسان للفترة 2009/2014 تجسيما لايماننا بضرورة نشر ثقافة حقوق الانسان وترسيخ مبادئها والتربية عليها في مجتمعاتنا العربية بصورة تتلاءم مع ارثنا الثقافي والحضاري وقيمنا الانسانية النبيلة. كما نعرب عن تفاؤلنا بدخول مجلس السلم والامن العربي حيز العمل املين ان يشكل لبنة اضافية في دعم منظومة العمل العربي المشترك وفي ارساء دعائم الامان والاطمئنان بمنطقتنا. ونجدد في هذا المقام دعوتنا الى المجموعة الدولية بشان توحيد جهودها في التصدى للارهاب بعد ان تحول الى خطر عابر للقارات واصبح يشكل انتهاكا سافرا لسيادة الدول ولجميع العهود والمواثيق الاممية. وقد كانت تونس سباقة الى التحذير من هذه الافة والدعوة الى معالجتها وفق اسلوب وقائي شامل يرتكز اساسا على ازالة الاسباب والظروف المهيئة لظهورها وانتشارها. وكنا دعونا كذلك الى عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الاممالمتحدة لوضع استراتيجية جماعية لمكافحة الارهاب واعداد مدونة سلوك في المجال تلتزم بها كل الاطراف. وقد حرصت تونس باستمرار على التعاون مع كل الاشقاء والاصدقاء من اجل تعزيز مقومات الامن والسلم والتضامن في العالم والتمسك بالشرعية الدولية وايجاد حلول عادلة ومنصفة للقضايا الدولية العالقة والتواصي بالقيم والفضائل الكونية المشتركة ومد جسور التواصل والتفاهم والتكامل بين شتى الحضارات والثقافات والاديان. ومن هذا المنطلق نجدد دعوتنا الى تكريس حوار بناء مع غيرنا قوامه الوفاق والاحترام المتبادل والشراكة المتكافئة. كما نؤكد ضرورة بذل كل ما في وسعنا للتعريف بخصوصياتنا الثقافية المتميزة وباسهاماتنا الكبرى في الحضارة الانسانية ووضع خطة ناجعة للتحرك على المستويين الفكري والاعلامي بغاية تصحيح المفاهيم الخاطئة لثقافتنا وحضارتنا والتصدي لمختلف الافتراءات والاساءات التي تستهدف رموز الاديان ومقدساتها. حضرات الاخوة الكرام ان تفعيل منظومة العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي من شانه ان يحفزنا الى الاسراع بايجاد الصيغ الكفيلة بازالة العوائق التي تحول دون تحقيق الاندماج والتكامل بين اقتصادياتنا والى تسريع بناء السوق العربية المشتركة والى التعاون المثمر لرفع قدراتنا التنافسية ازاء التكتلات الاقتصادية الاقليمية والدولية. ونحن نرحب في هذا السياق بالقمة العربية الاقتصادية والاجتماعية التي ستستضيفها دولة الكويت الشقيقة مطلع السنة القادمة لتكون محطة بارزة في ارساء شراكة تنموية متضامنة ودائمة تسهم في تحقيق الازدهار والمناعة لاقطارنا. وفي ظل ما يشهده عالمنا اليوم من ثورة عارمة في الميادين العلمية وفي تكنولوجيات الاتصال والمعلومات خاصة نجدد دعوتنا الى ضرورة الاخذ بالمعارف والعلوم الحديثة ونشر الثقافة الرقمية باقطارنا ومزيد تاهيل مجتمعاتنا للانخراط في اقتصاد المعرفة. ونعتبر المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات التي انطلقت في نشاطها اواخر السنة الماضية رافدا اساسيا في سعينا الحثيث الى مواكبة التطور المعرفي والعلمي والتقليص من الفجوة الرقمية التي تفصلنا عن الدول المتقدمة. وفي الختام نرجو ان تتوفق قمتنا الى قرارات وتوصيات تسهم في تعزيز العمل العربي المشترك وفي مزيد توطيد علاقات التعاون والتكامل بين اقطارنا بما يستجيب لتطلعات شعوبنا ويتلاءم مع مختلف التحديات الماثلة امامنا. واجدد شكري لفخامة الرئيس بشار الاسد على استضافته الكريمة لنا وعلى حرصه على توفير احسن الظروف لسير اعمالنا راجيا له كل التوفيق في رئاسته للدورة العشرين لمجلسنا واملا ان تنجح هذه القمة في تحقيق الاهداف التي انعقدت من اجلها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».