رئيس الجمهورية تكفيه شقة وأربعة حراس.. وليس قصر قرطاج ! للأمريكان يد في الدفع إلى مواجهة التيار السلفي طريقة عمل المجلس التأسيسي «ستضمن» لنا انتخابات في 2017! قانون الإرهاب قانون اجتثاث يستهدف الإسلاميين القضاء قبل 14 جانفي سيئ.. واليوم حالته أسوأ حوار: منية العرفاوي الأستاذ حسن الغضباني، محام فذّ وخطيب بارع يشدّك بفصاحته وبلاغته التي يندر اليوم أن تجد لها مثيلا في المنابر التي تعجّ بالنشاز وبتدهور الخطاب السياسي.. رافع في أشهر المحاكمات السياسية للإسلاميين ولليساريين التي عرفتها تونس.. في محاكمة قيادات حركة الاتجاه الاسلامي سنة 1987، خطف الأضواء لجسارته وشجاعته في الدفاع عن عدوّ النظام رقم واحد آنذاك، راشد الغنوشي زعيم حركة الاتجاه الاسلامي، في محاكمة مرهقة كانت مشانق النظام تنتصب خارجها في انتظار رقاب الاسلاميين.. لم يتوان الأستاذ الغضباني أن يصرخ في المحكمة قائلا:« إن تونس الخضراء ستتحوّل الى حمراء لو حكم على الغنوشي بالإعدام، وانتهت المحاكمة ببعض الاتفاقات السرّية التي نجهلها الى اليوم.. ولم يحكم على راشد الغنوشي بالاعدام وهو ما دفع بالأستاذ الغضباني للتصريح اكثر من مرّة "نعم أنقذت راشد الغنوشي من عقوبة الإعدام في عهد بورقيبة".. بداية نشاطه السياسي ما زال يكتنفها الغموض رغم ما قيل من "انه المحامي الذي أدخل السياسة للمحاماة".. في كل التصريحات يدحض الأستاذ الغضباني مقولة انه من مؤسسي حركة الاتجاه الإسلامي، بل يقول أنا من مؤسسي العمل الإسلامي السابق عن الحركة».. "الصباح الأسبوعي" التقت الأستاذ حسن الغضباني، حيث تمّ التطرّق إلى عدد من المسائل المتعلقة بالتصدّعات التي يعيشها اليوم التيار الإسلامي إلى جانب تقييمه للمشهد السياسي اليوم.. منع ملتقى «أنصار الشريعة» كانت له تداعيات على المشهد السياسي.. وبات البعض يتحدّث عن سياسة كسر عظام بين الحركة الإسلامية الحاكمة والتيار السلفي.. فما تعليقكم عمّا يحدث؟ ما يحصل اليوم في تونس بين النظام الحاكم وما يسمّى بالتيار السلفي أحسب أن أموره بدأت تتضح لنقف على أن هناك أجندة ليست وطنية فقط بل لها ارتباط بتوجهات دولية لحسم الأمر مع التيار السلفي بقطع النظر عن الصفات التي يوصف بها: علمي، جهادي، قتالي، متطرّف متشدّد وأنا لا أرى في هذا خيرا لتونس.. وأرى أن ما يحصل الآن هو بداية نذير لسيلان الدم، لأنه لم يقم في الناس رجل رشيد يخاطب إمّا الطرفين أو طرف التيار السلفي بما يمكن أن يودع في روعهم ما يجعلهم مطمئنين الى حقهم في ممارسة ما يعتقدون أو أن يدعو الى ما يعتقدون وهذا في نطاق الحرية سواء الحرية التي يقرّها الاسلام أو حتى في نطاق المواثيق الكونية للحرية.. وما الحل في تقديرك؟ أرى أن يتصدّى عاقلون ناصحون خلّص وليست لهم مصلحة ولا حسابات سياسية بالحوار للتيارات السلفية وخاصّة قادة التيارات السلفية حتى تقع طمأنة الشعب التونسي إلى أن المسألة لن تؤول إلى نزاع دموي.. ناهيك وان ذلك حصل في بقاع أخرى قريبة منّا جغرافيا ونعلم كم كانت الضريبة كبيرة جدّا، وأدّتها الشعوب.. وأحسب أن من مصلحة تونس اليوم أن لا يقطع الطريق على التيار السلفي، لأن قطع الطريق هو إعلان حرب أهلية.. هذا موقفي أقوله بكل صراحة وأحسب وقد بدأت المعطيات تظهر والدراسات تبرز أنه قد يكون للأمريكان يد فيها، وأنا كرجل قانون ومحام لا أتهم إلاّ عندما أطّلع على المعطيات وعلى أوراق أيّ ملف لأحكم عليه لكن ما بدأ يظهر الآن هو أن الأمريكان لهم يد في الدفع الى مواجهة التيار السلفي بقوة ولا أرى في هذا خيرا لتونس ولا لغيرها من البلدان العربية ولا الإسلامية.. لكن اليوم يوصف هذا التيار بأنه إرهابي ويتبنى العنف ولا يعترف بالدولة؟ من المؤسف أن يعود وجوه من النظام الجديد ليتكلّموا بنفس اللغة ويرفعوا نفس الأوصاف ونفس الشعارات التي كان يرفعها النظام السابق عندما كان يواجه خصومه بل هؤلاء أنفسهم كانوا يواجهون بكونهم إرهابيين، وقانون الإرهاب كان قانونا اجتثاثيا ويقصد به الإسلاميين أساسا لاجتثاثهم والثابت في المحاكم التونسية أنه لم تثر قضية اعتمادا على قانون الإرهاب إلا ضدّ الإسلاميين ولم تثر ضدّ أي طرف من جهة فكرية أو حزبية أو سياسية أخرى.. لذلك أدعو الآن الذين يريدون تفعيل قانون الارهاب ووصف غيرهم بالارهابيين أن يكفوا عن هذا ويجب أن يعطّل هذا القانون وأن لا يلتفت إليه، يجب أن يعتبر قانونا مواتا، يجب أن يقع إهماله حتى من طرف القضاة عندما تعرض عليهم قضايا مؤسسة في التهم والإحالة على قانون الإرهاب، قانون سيّئ الذكر.. أمّا أن يوصف الناس بالإرهابيين فهذا أحسب أنه تجاوز للحوار، فعوض أن تحاور تقول إنه إرهابي حتى تقطع على نفسك إمكانية محاسبتك بنتائج ما يمكن أن يؤول إليه حوار جادّ لذلك تتهم من لا تريد أن تحاوره بالإرهاب. وهذا يعتبر قفزا على الواقع، هذا ان لم يكن فيه نية سيئة ومبيتة للمرور الى المواجهة والتي قلت أخشى أن تكون مرتبطة بأجندات خارجية. قطع الحوار مع التيار السلفي في تقديركم من المسؤول عليه أوّلا وبالأساس؟ عندما نرى عدة فئات تمارس كل نشاط الآن في تونس دون استرخاص، ويأتي وزير الداخلية في آخر الأمر ليطلب من جماعة التيار السلفي وأنصار الشريعة أن يتقدّموا بطلب حتى يحصل على رخصة لمؤتمرهم وأنا أحسب أنه لو أنجز هذا المؤتمر لمرّ بسلام ولكن يبدو أنه وقعت مشاكسة باستصدار هذا الترخيص حتى يقع ما وقع.. وعلى كل فالذي قتل في جهة دوّار هيشر هو ليس من التيار السلفي وبالتالي لا يجب أن نستهين بالأرواح ويجب أن لا ننسى أنه الى حدّ الآن يبدو عدد المقتولين من التيار السلفي بلغ 17 سلفيا، والقرآن يقول "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً.." فكيف أن يقتل شخص هكذا وبعد ذلك يأتي التأويل.. لماذا قتل؟ بل هناك حتى نساء قتلن.. فهل يوصفن بالإرهاب والممارسة الارهابية؟.. أنا ورغم ما يحصل دائما أدعو الى الحوار واتمنى أن يقوم له رجال في تونس يحملون صفة الناصح المستغني الذي لا يخشى أحدا ولا يطمع ولا يرجو أحدا..أي أن لا تكون له حسابات ورغبة في تحقيق مصلحة ذاتية.. تكون له رغبة حقيقية في تحقيق مصلحة للوطن. هل كان من المفروض أن تكون الحركة الإسلامية الحاكمة هي المبادرة بهذا الحوار داخل حتى التيار الديني؟ بالنسبة لي أنا كنت أتمنى ولو أن الجهة الاسلامية في نظام الترويكا القائم في الدولة تفرّغت لاعداد الدستور وأن لا تدخل في تولّي الحكم.. إذ يبدو أن تولّي الحكم أحدث لها من الاهتراء والاهتزاز ما جعل الأوصاف التي تنعت بها الآن لا تحبّب الى قلب مسلم، المسلم الذي يحب الاسلام ويحب الخير لتونس لا يفرح ولا يرضى بما يوصف به الجانب الاسلامي اليوم في الحكم، لذلك كنت أتمنّى أن لو تفرّغوا لصياغة الدستور ثم بعد ذلك يندمجون في ممارسة الحكم بنتيجة ما سيعطيه الصندوق الانتخابي الشرعي المنبثق عن الدستور الجديد، أمّا الانتخابات السابقة فالذي يريد أن يهوّل من نتائجها ومن مفهوم الشرعية فيها فإن الشرعية تتطلّب أيضا مشروعية، فالشرعية هي أنّك وصلت الى الموقع الذي أنت فيه، أما ما تفعله فهل له مشروعية.. يتحدّثون عن الشرعية وأنا أريدهم أن يتحدّثوا عن المشروعية. فإذا كنت شرعيا في كرسيك فهل من حقّك ان تفعل ما تشاء؟ هل من حقك أن تفعل ما تريد؟ هل من حقك أن تتصرّف كما تشاء؟ هذه هي المشروعية، يجب أن تكون لك مشروعية حقّ فيما تفعله بعد أن نلت الشرعية، أمّا أن تستند الى الشرعية لتفعل ما تشاء فتصبح الشرعية نفسها مشكوكا فيها. الحياة السياسية في تونس كيف تقيّمها في مجملها وخاصّة على مستوى السلط الثلاث؟ الحياة السياسية في تونس أمرها مريج.. خاصّة ما نراه في المجلس التأسيسي، وهو أقرب إلى مجلس النواب، لم يؤسس شيئا ونحن على مشارف شهر جوان والى الآن لم تباشر مناقشة فصول الدستور وأحسب أن ما يشاع من أن الانتخابات ستجري قبل نهاية 2013، فأنا أحكم حسب ما علمناه وشاهدناه من طريقة عمل المجلس التأسيسي، عندما يناقش القوانين فما بالك بالدستور، فأنا أتصوّر أننا قد نصل الى الانتخابات في سنة 2017 لأنه ما زالت هناك أشياء كثيرة لم تنجز ومؤسسات كثيرة لم تقم وقوانين أساسية لم تسنّ. ماذا عن الحكومة وأنت قد هاجمت بشراسة أحد أعضائها ونقصد وزيرة المرأة؟ أنا لا أقيّم عمل الحكومة لأنها دائما ما تسمّى حكومة مؤقتة وكنت أتمنى لو كانت الحكومة تتكوّن من ذوي الاختصاص ولا يتولاها سياسيون، وقد عبّرت سابقا لو أن الجانب الاسلامي في الترويكا تفرّغ للدستور وليس للحكم حتى لا يهترئ.. وبالنسبة للحكومة أعتقد أن الوضع في تونس لا يدلّ على أنها نجحت من جميع النواحي اجتماعيا واقتصاديا و.. وبالنسبة لوزيرة المرأة فأنا لم أكن شرسا معها، هي من أعلنت الحرب، يوم 16 فيفري في خطابها تحدّثت بآية قرآنية تتحدّث عن الحرب والجيوش لمحاربة المسلمين.. إذن هي كانت تعتبر نفسها في جهة الحق وأن المخالفين لها كانوا مثل الأعداء الذين يعدّون العتاد والعدة والجيوش لمحاربة محمّد وأصحابه.. وهذا كلام خطير كان يجب ان تحاسب عليه لا عن إهمالها للروضات لأن هذا أخطر ألف مرة.. وكل ما قيل يوم 16 فيفري يجب أن يعاد النظر فيه وأطلب أن تقام ملتقيات وندوات لمناقشة وفهم المقاصد الحقيقية من وراء ما قيل يومها.. رأيكم في رئيس الجمهورية المؤقت؟ بالنسبة لرئاسة الجمهورية.. وحتى لا أكون متشدّدا اذا قلت أن رئيسا بلا صلاحيات يعني أنه لا وجود لسلطة تسمّى رئاسة الجمهورية، فهذه المؤسسة أفرغت من محتواها ولا تحوي شيئا، أنا لا أرى موجبا ل2500 حرس رئاسي ففي الزمن الذي جاء بعد بورقيبة (يقصد بن علي لكنه يصرّ على عدم ذكره بالاسم) كان باعتباره دكتاتورا في حاجة الى هذا الفيلق من الحرس الرئاسي ويستحق تلك الأموال الطائلة التي تصرف على رئاسة الجمهورية، أمّا الآن فالرئيس بلا صلاحيات ينبغى أن يكون عدد حرّاسه بين 3 أو 4 أعوان وكان بإمكانه أن لا يقطن حتى قصر قرطاج، كان بإمكانه أن يقطن شقة في أي شارع من شوارع تونس، لأنه بلا صلاحيات وبالتالي لا يستحق هذا المظهر وهذا البهرج وهذه الحراسة فكل صلاحيات الحكم موكولة إلى رئيس الحكومة.. وماذا عن تصريحات الرئيس المثيرة للجدل؟ هي تصريحات ذاتية وشخصية لا تؤثّر على شيء.. ليست له سلطة وبالتالي لا يجب ان نعطي هذه التصريحات أكثر مما تستحق رغم أنها لا تعجب ولا تشرّف، ولكن يجب أن توضع في إطارها.. العدل أساس العمران.. هل ما زال كذلك اليوم؟ الله سبحانه وتعالى أقام الوجود كله على أساس العدل.. وخلق الانسان ليعيش في اطار العدل كما يقول ابن خلدون "الظلم منذر بخراب العمران" بعكس أن العدل هو أساس العمران بالنسبة لتونس ألخّص الأمر في كلمة، القضاء قبل 14 جانفي 2011 كان سيئا بعد 14 جانفي أصبحت حالته أسوأ، المؤسسة القضائية التي يعتدى على هرمها، والمقصود هنا محكمة التعقيب وقراراتها اتسمت بعدم تنفيذها مثلما هو بيّن في قضية ما سمّي بقضية سامي الفهري تجعلني حزينا ويائسا من إمكانية الإصلاح.. لأني اعتبر أن بعد 14 جانفي أخطر وأشنع حدث وقع هو عدم تنفيذ قرارات محكمة التعقيب، اذا وقع الاعتداء على حرمة محكمة التعقيب تهون بعدها كل مؤسسة أن يعتدى عليها واذا كان لا يستمع الى كلمة أعلى مؤسسة قضائية، قمة القضاء في تونس فإلى أيّ مؤسسة سنستمع؟ وهذا يفقد المواطن التونسي الاطمئنان لأن أولوية الأولويات هي المؤسسة القضائية واستقلال القاضي، فعدم تنفيذ قرار محكمة التعقيب هو أكبر اعتداء على الشعب التونسي بعد 14 جانفي 2011.. ولا أحسب أن هذا الاعتداء حصل زمن بورقيبة أو زمن "الذي جاء بعده"، وبالتالي على الشعب أن ينتبه جيّدا، وأنا لا أنتظر خيرا من القضاء الى ان يصلح الله حاله.. وأريد أن أوجّه كلمة الى إخوتي القضاة أنا لا أومن باستقلالية القضاء بل أومن باستقلال القاضي واستقلال القاضي هو همّة ذاتية تحتاج الى رفعة النفس وبإمكان القاضي أن يستنهض همته ويكون رفيع النفس لأنه لا يمكن أن يبرّر أنه واقع تحت الضغط.. وبالتالي يجب أن نسعى الى إيجاد القاضي المستقل، فكلمة استقلال القضاء كلمة فضفاضة لا معنى لها.