سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عزف سينمائي منفرد على آلة... الكاميرا! سهرة افتتاح تظاهرة «اللّقاءات الدّولية للفيلم الوثائقي بتونس»: شريط «كلام ما بعد الحرب: لبنان صيف 2006» لأنور إبراهم
تونس الصباح: احتضن مساء أمس الأول فضاء المسرح البلدي بالعاصمة فعاليات السهرة الافتتاحية لتظاهرة اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس» في دورتها الثالثة.. وقد تابع من خلالها الجمهور الغفير الذي توافد على المسرح فيلمين وثائقيين: * الأول بامضاء المخرج التونسي رضا الباهي وعنوانه «أحمد بهاء الدين عطية، المغامر». * والثاني بامضاء الموسيقار وعازف العود التونسي أنور ابراهم وعنوانه «كلام ما بعد الحرب: لبنان صيف 2006». حرفية رضا الباهي شريط «أحمد بهاء الدين عطية، المغامر» اراده المخرج رضا الباهي «اطلالة» وثائقية على جانب من مسيرة هذا المنتج السينمائي التونسي الذي قدم الكثير للسينما التونسية على امتداد ثمانينات وتسعينات القرن المنقضي.. فقد وقف بنفسه وراء انتاج اشهر وأهم الافلام التونسية التي ظهرت خلال تلك الفترة والتي رسمت ملامح سينما تونسية جديدة شكلا ومضمونا لفتت انتباه الجمهور التونسي وكذلك النقاد.. من بين هذه الافلام: «ريح السد» و«صفائح ذهب» و«بزناس» لنوري بوزيد وشريط «عصفور سطح» لفريد بوغدير وشريط «صمت القصور» لمفيدة التلاتلي.. المخرج رضا الباهي فسح المجال من خلال شريطه الوثائقي هذا لأحمد بهاء الدين عطية ليتحدث بنفسه عن طفولته وعن توجهاته وعن علاقته بالسينما.. وعن آرائه ورؤاه الفنية.. فكانت شهادة سينمائية نفيسة ومؤثرة في نفس الوقت لأنها من جهة صادرة عن منتج سينمائي شجاع ومثقف ومتمرّس.. ولأنها من جهة اخرى تعرض صورة هذا الرجل الشجاع والمغامر بماله ووقته وجهده في سبيل نهضة سينمائية في تونس وهو في النزع الاخير تقريبا من معركته مع المرض الخبيث الذي تمكن منه في النهاية فكان أن غادرنا رحمه الله بتاريخ سنة 2007 مخلفا ذكرا طيبا لدى كل من عرف خصاله ومخلفا ايضا ارثا سينمائيا هو بالتأكيد عنوان لمرحلة هامة لها مميزاتها الفنية والفكرية في التاريخ الحديث للسينما التونسية. شريط رضا الباهي الوثائقي عن الراحل احمد بهاء الدين عطية الذي شاهده جمهور تظاهرة «اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس» في الجزء الاول من سهرة الافتتاح أكد ايضا حرفية مخرجه لانه على الرغم من مدته الوجيزة (26 دقيقة) بدا مٌشبعا سينمائيا بالصور والكلمات والاحالات في غير ثرثرة ولا تكلّف. عزف على آلة.. الكاميرا اما شريط «كلام ما بعد الحرب: لبنان صيف 2006» للموسيقار أنور براهم الذي شاهده الجمهور بشوق وتطلع وشغف لأنه يمثل التجربة الاولى في الاخراج السينمائي لهذا الموسيقار التونسي الشهير فقد مثل بالفعل مفاجأة سارة في هذه الدورة الثالثة من تظاهرة «اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس» وذلك من جهة اعتبارا لطبيعة مادته بوصفه شريطا يخوض في «ظاهرة» الحرب بما تعنيه من دمار وعذابات وعبثية.. ولأنه من جهة اخرى يعكس شهادات شخصية مثيرة وعميقة لمثقفين واعلاميين وفنانين لبنانيين من توجهات فكرية مختلفة عاشوا الحرب الاسرائيلية في صيف جويلية 2006 على لبنان.. عاشوها جسدا وفكرا وروحا.. فكان أن جاءت شهاداتهم التي «دوّنها» شريط انور ابراهم الوثائقي بما يشبه العزف السينمائي المنفرد على آلة الكاميرا وذلك لشدة جماليتها ووقعها وتأثيرها على المتفرج شكلا ومضمونا من بين الذين استنطقت كاميرا انور ابراهم ذاكرتهم ومخيالهم ومشاعرهم حول حرب لبنان صيف 2006 هناك على سبيل الذكر لا الحصر الناقد المسرحي بيار أبي صعب وهناك الكاتب الروائي الياس خوري هناك الشاعر عباس بيضون والاعلامي جوزيف سماحة وايضا الممثل والراقصة والمهندس المعماري وغيرهم.. كل هؤلاء ادلوا بشهاداتهم المختلفة التي كانت عبارة عن مزيج عقلاني مثير من الفلسفة والسياسة والفن والتي عرف الفنان انور ابراهم كيف يضعها في سياق سينمائي يجمع بين الوثائقي والرؤية الابداعية المنفتحة والمتحرّرة من كل اشكال مقولات الايديولوجيا والانعزالية. شريط «كلام ما بعد الحرب: لبنان صيف 2006» هو من انتاج شركة «فاميليا للانتاج» التي يديرها الوجه الثقافي البارز حبيب للهادي.