تنوعت تسميته واختلفت من وزارة إلى أخرى ومن مؤسسة إلى أخرى، فهو الملحق الصحفي والملحق الإعلامي والمكلف بالإعلام والاتصال والمستشار الصحفي والمستشار الإعلامي.. وفي مقابل هذا التنوع في التسمية ظل أيضا الدور المناط بعهدته يثير جدلا في أوساط المهنة والمهنيين وكذلك في علاقته بوسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية.. فمنهم من يعيب أداء الملحق الصحفي في توفير المعلومة والنفاذ إلى الوثائق الإدارية ومنهم من يتفهم خصوصية عمله ومنهم من يعيب على الملحق الصحفي الضبابية في التعامل وعدم قدرته على الاتصال والتواصل مع طالب المعلومة ومن هنا سوف لن أتعرض إلى المآخذ لأنها في الحقيقة تختلف من هيكل إداري إلى آخر ومن شخص إلى آخر بقدر ما سنتعرض إلى الدور الجديد الذي بصدد التشكل في علاقة "الملحق الصحفي" بوسائل الإعلام بصفة عامة والذي بات اليوم موضع تعديل وتطوير ولم لا التأسيس لعلاقة جديدة تبنى على التواصل الفعال؟ التواصل الفعال سلوك الملحق الصحفي لا بدّ من اتخاذ التواصل الفعال آلية رئيسية لضمان التفاعل والتكامل الوظيفي لأداء الرسالة الإعلامية عند كل المتدخلين وبالتالي الانسجام مع مكونات الشخصية الذاتية للملحق الصحفي وآلية للتعاطي مع المحيطين به. إن التواصل حتمية وجودية لا شك في ذلك وهو ما يجعلها عرضة للعديد من الأخطاء وسوء الفهم بسبب قصور في تقديم المعلومة أو قصور في الإلقاء أو التلقي الأمر الذي جعل من العلاقة بين الملحق الصحفي ووسائل الإعلام يشوبها الصراع أحيانا والتخفي أحيان أخرى وهو ما يجعل هذه العلاقة في أمس الحاجة إلى الاهتمام بالسلوك التواصلي وتنميته وتطويره وفق معارف علمية متخصصة باعتبار أن التواصل والاتصال مجال معرفي يكتسب بالتعليم والتكوين والتدريب. نعيش اليوم وأكثر من أي يوم آخر تحديات الإعلام، الإعلام الذي سلك هذه الأيّام مسار الوجه الجديد لإرادة التحدي والحقيقة، وأن معدلات المدّ والجزر ومدى توفقه في وظيفته ورسالته بين كلّ من الملحق الصحفي، ووسائل الإعلام تختلف باختلاف عدة أوجه: أولا) القدرة على التواصل من باب العلاقات الإنسانية: ذلك أن التواصل الفعال يساعد على كسب الأصدقاء والحفاظ عليهم وبالتالي يكسب الملحق الصحفي قيمته في مجال عمله ويحظى بالاحترام ويمنح له الثقة لأن أمام تدافع الرسائل التواصلية التي تصب على الملحق الصحفي من كل جهة والتشويش الذي يتخللها من هنا وهناك يزيد من تعقيد العملية التواصلية ويلقي المزيد من الأعباء على طرفي المتواصلين في صورة عدم تواجد علاقة إنسانية مبنية على الاحترام والثقة.. ثانيا) التواصل الفعال يفتح طريقا معلومتيا مباشرا إنّ عملية الاتصال المباشر بين طرفي التواصل واحدة من الاستراتجيات التي تعمل على تنقية الأجواء وتقريب وجهات النظر إذا برهنا من خلال العملية التواصلية أن المعلومة لا تنجز عداء بين الأطراف المتدخلة بل تفتح طريقا معلوماتيا مباشرا وواضح المعاني فلا نضع المعلومة موضع الاتهام. إنّ أفضل الطرق لحفظ درجات التوتر بين الطرفين هي أن يذهب كلّ منهما نحو الآخر وليس العكس، حيث أنّ زيادة الاتصال بين الطرفين يمثل أحد المرتكزات المهمة لمواجهة الانزلاقات، والأخطاء والمعلومات الزّائفة، والأفكار النمطية والاعتقادات الخاطئة والعمل على تغييرها، كما أنّ التقارب والتفاعل يكوّنان مودّة.. وبالتالي كسب الثقة التي تعتبر حجر الزاوية في نجاح الرسالة الإعلامية. ثالثا) الزاد الثقافي للملحق الصحفي إن الفضاء ألاتصالي والعملية التواصلية يرتكزان على زاد ثقافي اجتماعي فكري يؤهل الملحق الصحفي للحوار والتفاعل فالمنظومة الاتصالية ليست فقط مجموعة من التقنيات كما يراها الكثير بل زاد معرفي وخلفية ثقافية متفتحة وليست منغلقة فالتزود بالمعلومات أحد أهم وأفضل الطرق لتغيير الأفكار الخاطئة، ذلك أنّ انسياب المعلومات في مناخ معرفي يمنح وعيا بالخصائص الإيجابية للأشياء بدلا من التركيز على الخصائص السلبية. رابعا) التماهي والتجاوب بين الملحق الصحفي ووسائل الإعلام إن العملية التواصلية تغذي الميكانيزم الذي من خلاله تنمو وتتطور الرموز الفعلية للعلاقات الوظيفية هذا الميكانيزم يستند إلى التفاعل والذي يعتبر أكثر شمولا من رجع الصدى والذي هو بمثابة إحدى التجليات التفاعلية من ذلك أن وسيلة الإعلام أو الصحفي المتقبل يصبح أكثر صبرا في تلقي المعلومة أو الرسالة التواصلية وكذلك يجتهد في استيعابها حتى يستطيع أن يحصل على رجع الصدى الذي يتناسب ويتلاءم مما نشره أو أذاعه أو صوره إلى الرأي العام بصفة عامة. خامسا) البديل لإعلام جديد: تواصل فعال ينظر إلى التفاعلية على مستوى الإعلام الجديد كمبدإ مؤسس لمفهوم الإعلام الجديد والعنصر الأبرز في تغييره وفق نسمات حرية التعبير التي بدأت تهب علينا بطرف. إننا لم نعد بحاجة إلى إعلام يعتمد على الارتجالية وقصر الفهم وضعف في التمكين المعرفي والثقافي نحن بحاجة إلى تواصل فعال تواصل قصدي بطبيعته لا يعتمد على العفوية والفطرة لأننا لا نولد ونحن اتصاليون بل يرتكز على المعرفة والتكوين والتدريب دون أن ننسى عنصر التجربة المهنية وتراكم المواقف التي تولد الكفاءة. * رئيس الجمعية التونسية للاتصال الاجتماعي