دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض بيوته، فدخل عليه الصحابة حتى اكتظ بهم المكان. فجاء جرير بن عبد الله البجلي، وكان كريما في قومه محسنا لا يرد طالبا فلم يجد محلا يجلس فيه فجلس عند الباب فلف الرسول صلى الله عليه وسلم رداءه فألقاه اليه وقال له: اجلس على هذا فاخذه جرير ووضعه على وجهه وجعل يقبله ويبكي ثم اعطاه للرسول عليه الصلاة والسلام قائلا له: «ماكنت لاجلس على ثوبك أكرمك الله كما اكرمتني. فنظر الرسول صلى الله عليه وسلم يمينا شمالا ثم قال: «اذا اتاكم كريم قوم فأكرموه» هذا هو الاحسان شعار النفوس الكريمة. وعنوان السجايا الرحيمة، والهام من الله اللطيف الخبير اودعه قرارة النفوس فضلا منه وكرما ليمحو الشقاء من الوجود ويمسح دموع البائسين ويعيش الناس اخوانا متحابين لا تحاسد بينهم ولا تحاقد ولا اعتداء ولا بغضاء. والله الهادي لما ينفع الناس بر الرسول صلى الله عليه وسلم بوالدته خرج الرسول صلى الله عليه وسلم يوما وخرج معه الصحابة حتى انتهوا الى المقابر، امرنا فجلسنا ثم تخطى القبور حتى انتهى الى قبر منها فجلس اليه فناجاه طويلا، ثم ارتفع صوته ينتحب باكيا فبكينا لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اقبل الى صحابته، فتلقاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:»ما الذي ابكاك يا رسول الله فقد ابكانا وافزعنا؟» فأحذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد عمر، ثم أومأ الى صحابته فأتوه فقال:»أفزعكم بكائي؟» فقالوا: نعم يا رسول الله» فقال: ذلك مرتين وثلاثا ثم قال: «ان القبر الذي رأيتموه أناحيه قبر أمي آمنة بنت وهب» استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي» لقد اوصى الله تعالى الانسان بوالديه احسانا، فالولد البار بوالديه يحوز رضا الله وتوفيقه