بالفيديو: قيس سعيّد: هم رفضوا الانتخابات التشريعية واليوم يتهافتون على الرئاسية    القمودي: مؤامرة تُحاك ضدّ تونس    نشاط للهيئة العليا لوزارة أملاك الدّولة    مشروع لإنتاج الكهرباء بالقيروان    روسيا تشهد اليوم تنصيب بوتين رئيسا.. وأميركا تتغيب عن الحضور    أولا وأخيرا .. دود الأرض    الصحة العالمية تحذر من شن عملية عسكرية في رفح    قراصنة يخترقون وزارة دفاع بريطانيا ويصلون إلى رواتب العسكريين    بالفيديو: قيس سعيد: تم اليوم إعادة حوالي 400 مهاجر غير نظامي    سعيد.. سيحال على العدالة كل من تم تعيينه لمحاربة الفساد فانخرط في شبكاته (فيديو)    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    النادي الصفاقسي يوضح تفاصيل احترازه ضد الترجي    صادرات قطاع القوارص ترتفع بنسبة 15,4 بالمائة    معبر راس جدير والهجرة غير النظامية أبرز محاور لقاء قيس سعيد بوزير الداخلية الليبي    جامعة كرة القدم تحدد موعد جلستها العامة العادية    ياسمين الحمامات.. القبض على تونسي وامرأة اجنبية بحوزتهما كمية من المخدرات    هل يساهم تراجع التضخم في انخفاض الأسعار؟.. خبير اقتصادي يوضّح    طقس الليلة: مغيم مع هبوب رياح قوية في كافة مجالاتنا البحرية    مدنين: حجز أكثر من 11 طن من الفرينة والسميد المدعم وحوالي 09 أطنان من العجين الغذائي    عاجل/ تفاصيل مقترح وقت اطلاق النار الذي وافقت عليه حماس    لأول مرة في مسيرته الفنية: الفنان لمين النهدي في مسرحية للأطفال    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة 'سينما تدور'    وفاة مقدم البرامج والكاتب الفرنسي برنار بيفو    رياض دغفوس: لا يوجد خطر على الملقحين بهذا اللقاح    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    التيار الشعبي : تحديد موعد الانتخابات الرئاسية من شأنه إنهاء الجدل حول هذا الاستحقاق    مدنين: استعدادات حثيثة بالميناء التجاري بجرجيس لموسم عودة أبناء تونس المقيمين بالخارج    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    عاجل : القاء القبض على السوداني بطل الكونغ فو    تصنيف اللاعبات المحترفات:أنس جابر تتقدم إلى المركز الثامن.    كرة اليد: المنتخب التونسي يدخل في تربص تحضيري من 6 إلى 8 ماي الجاري بالحمامات.    بداية من مساء الغد: وصول التقلّبات الجوّية الى تونس    تعرّض أعوانها لإعتداء من طرف ''الأفارقة'': إدارة الحرس الوطني تُوضّح    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024    جندوبة: تعرض عائلة الى الاختناق بالغاز والحماية المدنية تتدخل    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    سليانة: حريق يأتي على أكثر من 3 هكتارات من القمح    عاجل/حادثة اعتداء تلميذة على أستاذها ب"شفرة حلاقة": معطيات وتفاصيل جديدة..    الرابطة الأولى: البرنامج الكامل لمواجهات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة تفادي النزول    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    صادم: قاصرتان تستدرجان سائق سيارة "تاكسي" وتسلبانه تحت التهديد..    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس تودع شهداءها البواسل
نشر في الصباح يوم 31 - 07 - 2013

◗ متابعة: صابر المكشر -جهاد الكلبوسي -وجيه الوافي -ريم سوودي -مفيدة قيزاني وفاطمة الجلاصي
الإرهاب يضرب في تونس مجددا وبقوة.. يضرب جيشنا الباسل مرة أخرى.. يضرب في عمق الشعانبي..
في عمق الجبل المحاصر والممشط منذ أشهر في عمق المنطقة العسكرية المغلقة على الحدود التونسية الجزائرية.. فيقتل ويجرح عددا من جنودنا البواسل الذين تركوا منازلهم وغادروا عائلاتهم لتلبية نداء الواجب.. نداء الوطن.. للدفاع عن حرمته.. للدفاع عن الجمهورية.. للدفاع عن الشعب وحمايته من العصابات الإرهابية والإجرامية التي تترصد به..
الحصيلة النهائية لفاجعة الاثنين 29 جويلية 2013 الموافق ل20 رمضان 1434 وبعد أن تضاربت الأنباء حولها حتى بين المصادر الرسمية والمسؤولة استقرت على ثمانية شهداء وعدد من الجرحى من خيرة ضباط وأعوان الفرق الخاصة للجيش الوطني..
صدمة كبيرة تلقاها الرأي العام التونسي قبيل غروب شمس يوم أمس الأول.. تناول إفطاره على الألم والدماء.. ونام على الوجع والأسى ومشاهد مروعة للجريمة البشعة كان من الأجدى عدم نشرها للرأي العام احتراما للشهداء ولعائلاتهم المكتوية بنار الفراق..
أسئلة حائرة لم تلق إجابات بعد، من قتل جنودنا البواسل؟ ما هي الجهة التي تقف وراء هذه الجريمة البشعة خاصة وأن كل عمليات المسح والتمشيط رجحت فرار المجموعة المتحصنة بالجبل منذ أسابيع؟ إضافة إلى أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لم يتبن أية عملية بجبل الشعانبي على غير عادته في بقية العمليات التي يقوم بها سواء في الجزائر او غيرها.
وهل يمثل هذا الكمين تطورا في عمليات هذه العصابات وتصعيدا جديدا لتثبت أنها موجودة وفي قلب الشعانبي بعد أشهر من "احتلاله عسكريا" وتتحدى الآلة العسكرية التونسية؟
أسئلة عديدة تطرح نحاول الإجابة عنها من خلال بعض المصادر المطلعة والخبراء والمحللين العسكريين..
سيناريو الجريمة
تفيد التحقيقات الاولية بان الشهداء كانوا قد حلوا بجبل الشعابني قادمين من فيلق الوحدات الخاصة للجيش الوطني ببنزرت في إطار عملية تمشيط الجبل ومسحه وتعقب الإرهابيين، وكانوا يستقلون سيارة عسكرية باتجاه أعلى الجبل على مقربة من محطة الإرسال الإذاعي والتلفزي، عندما فاجأهم الإرهابيون على مقربة من أحد المنعرجات وأطلقوا نحوهم وابلا من الرصاص الكثيف من أسلحة نارية رشاشة من نوع كالاشينكوف، مما أدى إلى استشهاد كل عناصر الوحدة. الإرهابيون لم يكتفوا بجرمهم الذي تسبب في تخريب أجساد أفراد من جيشنا الباسل برصاصات الغدر التي تراوحت بين الخمس والعشر رصاصات في جسد كل شهيد، بل ترجلوا نحوهم وجردوهم من أسلحتهم الرشاشة جلها من نوع شطاير وأزيائهم النظامية وبعض المعدات المستعملة في مراقبة المكان عن بعد وبعض المؤونة ثم قاموا بذبح خمسة منهم في إطار التنكيل بجثثهم وفروا.
وعندما حاولت دورية قدمت في إطار التعزيز تعقبهم ألقوا نحوها عبوة ناسفة على الأرجح مما أدى إلى انفجار خلف عددا من الجرحى بينهم ضابط برتبة مقدم.
كيف "راوغ" نزار والدته؟
خلفت هذه الجريمة الإرهابية البشعة ردود أفعال غاضبة وصدمة في الشارع التونسي، وحزنا على رحيل عناصر من جيشنا الباسل بطريقة فظيعة، ومن بين الشهداء الملازم أول نزار المكشر الذي كان يستعد للاحتفال خلال أيام بزواجه.
وقد علمنا من مصادر عائلية أن الشهيد اتصل بوالدته قبل يوم واحد من استشهاده هاتفيا وأعلمها أنه أرسل في مهمة إلى رمادة، وامتنع عن إعلامها بوجوده في جبل الشعانبي حتى لا ينشغل بالها، قبل أن يواصل المكالمة مع شقيقته ويستفسرها عن آخر التحضيرات لزفافه.. ولكن في اليوم الموالي وما إن انتشر خبر الفاجعة حتى أدركت عائلته القاطنة بمدينة الشابة أنه من بين الشهداء خاصة أن هاتفه الجوال كان مغلقا على غير عادته..
توفي نزار ورفاقه البواسل وخلفوا وجعا لن يمحى.. ولكن أيضا تركوا رسالة إلى الإرهابيين خطوها بدمائهم الزكية: تونس لها رجال ونساء تحمي هذا الوطن مهما كلفها الأمر...
قائمة الشهداء والجرحى
تضمنت قائمة الشهداء من جنودنا وضباطنا البواسل كلا من الملازم أول نزار المكشر (26 سنة – الشابة- كان يستعد للاحتفال بزفافه خلال الشهر القادم) والرقيب أول الهادي المساعدي (27 سنة - الحامة -جده يوسفي استشهد بجبل الشعانبي أيضا) والجندي المتطوع ماهر عمار (22 سنة – مكثر) والرقيب مروان المشي (21 سنة – المكناسي) والجندي أول ياسين الهيشري (24 سنة –بنزرت) وطارق عثماني (22 سنة- أم العرائس) والرقيب ماهر القاسمي (28 سنة- غار الدماء) والرقيب أول لطفي العوادي (31 سنة- أصيل تستور)، والذين تم تأبينهم صباح أمس بالثكنة العسكرية بالقصرين بحضور رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي قبل أن تشيع بعد عصر أمس جثامينهم في جنازات مهيبة إلى مثواها الأخير بمسقط رأس كل واحد منهم، في الشابة.. تستور.. الحامة.. غار الدماء.. أم العرائس.. مكثر.. المكناسي وبنزرت.. أما الجرحى فهم المقدم حاتم العيادي والعريف هشام الخميري والرقيب أول فريد ناجي.

قبل يوم واحد من «مذبحة» الشعانبي..
الإرهاب ضرب على بعد سويعات منا وقتل عسكريين جزائريين
تبعد ولاية بسكرة عن جبل الشعانبي قرابة390 كم وهي المنطقة التي شهدت ليلة واحدة قبيل حدوث فاجعة الشعانبي التي غدرت بجيشنا البواسل مساء أول أمس أحداث نصب كمين من قبل جماعات ارهابية استهدفت مجموعة من عناصر الدرك الجزائري الذين كانوا في دورية تفقّدية بإحدى المزارع بمنطقة بسكرة ذهب ضحيّتها اثنان من عناصر الدرك وجرح 4 آخرين.
الخبر يأتي في سياق ما نبّهت له منذ مدة الشقيقة الجزائر من امكانية حدوث عمليات ارهابية بداخل التراب التونسي بالإضافة إلى ماهو معلوم عن تواجد جماعات تنشط بين ولايات بسكرة وخنشلة وباتنة أو "المثلّث" الذي تحاول هذه التنظيمات أن تشدّ لها الانظار من خلاله بهدف تخفيف الرقابة والضغط الواقع تسليطهما على نشاط الجماعات الإرهابية بمنطقة الوسط.
"مثلّث الإرهاب" هذا الذي روّع و لايزال الجزائريين يلقي بظلاله السوداء على منطقتنا الحدودية بجبل الشعانبي في رسائل متكرّرة لعلّ آخرها التفجير الذي نال من الزميل الصحفي بجريدة البلاد الجزائرية تومي أمين بمنطقة خنشلة التابعة لهذا الثالوث الذي تتمركز فيه العمليات الإرهابية بمعنى أنّ رسالة الإرهاب واضحة، فمنذ أن انطلقت الأحداث بجبل الشعانبي عادت هذه الخلايا لتنشط فيه من جديد معلنة عن استقرارها بهذه المنطقة الجبلية وكأنّ بالشفرة واضحة رموزها بمعنى أنّ معركة الإرهاب ستطول رحاها بجبل الشعانبي مثلما هي مستقرة كذلك على مستوى ولايات بسكرة وخنشلة وباتنة منذ مدة.

رئيس الجمهورية يشرف على مراسم تأبين الجنود الثمانية
أشرف رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، السيد محمد منصف المرزوقي صباح امس بثكنة محمد كشك فوج 11 مشاة ميكانيكية بالقصرين، على مراسم تأبين الجنود الثمانية الذين لقوا حتفهم في كمين ارهابي تم نصبه لهم يوم أمس الإثنين بجبل الشعانبي.
وبعد أن تمت تلاوة الفاتحة على جثامين الشهداء التي كانت مسجاة بالعلم الوطني، أبزر رئيس الجمهورية مناقب الضحايا مستحضرا معاني التضحية والشجاعة التي تتحلى بها عناصر قوات الجيش الوطني واستعدادها اللامشروط للذود عن الراية الوطنية والدفاع عن حرمة تراب البلاد والوقوف في وجه كل ما من شأنه أن يهدد أمن تونس والتونسيين.
وأكد بنفس المناسبة أنه آن الوقت للطبقة السياسية أن ترتقي إلى تضحيات عناصر الجيش الوطني الأبي وأن تعلي مصلحة الوطن على أية مصالح أخرى
وقال رئيس الجمهورية في السياق ذاته " سنواصل خوض معركتنا ضد هذه العصابات الإرهابية وسنهزمها ولن نسمح لها بفرض أفكارها ونمط عيشها على التونسيين وسنتوفق في بناء عدالة اجتماعية وجهوية في البلاد" مضيفا قوله "سننتصر في هذه المعركة بفضل جيشنا الوطني الذي لم تعطه المجموعة الوطنية حقه من الدعم والاعتراف حيث أنه آن الأوان لإعطائه الدعم المادي والمعنوي لكي يقوم بمهمته التاريخية المتمثلة في الحفاظ على هيكلة الدولة وعلى نمط حياة التونسيين المبني على الحرية والاعتدال والتسامح"
وشدد رئيس الجمهورية على أن الارهاب يشكل أحد أكبر التحديات التي تواجهها تونس اليوم داعيا الجميع إلى التكاتف والتضامن للوقوف صفا واحدا في وجه هذا الخطر الحقيقي وصده صونا لأمن تونس والتونسيين.
وتم خلال موكب التأبين الذي حضره وزير الدفاع، السيد رشيد الصباغ، ورئيس أركان جيش البر أمير اللواء، محمد الصالح حامدي، تكريم الشهداء بمنحهم الصنف الرابع من وسام الاستقلال.
وللتذكير فإن قائمة الضحايا الثمانية من فيلق القوات الخاصة ومن الفوج 11 مشاة ميكانيكية الذين لقوا حتفهم في الكمين الارهابي الذي تم وضعه لهم يوم أمس بجبل الشعانبي ضمت العناصر الآتي ذكرهم :
الملازم أول نزار المكشر
الرقيب أول لطفي بن حسن العوادي
الرقيب ماهر بن عبد المجيد القاسمي
الرقيب الهادي بن احمد المسعدي
الرقيب طارق بالحسني عثماني
الرقيب مروان بن علي مشي
الجندي أول ياسين بن حمادي الهيشري فوج 11 مشاة ميكانيكية
الجندي متطوع ماهر بن محمد الهادي عمار.

اغتيال البراهمي واستهداف المؤسسة العسكرية.. عملية انتقامية ثأرية.. أم بداية محاولات افتكاك للسلطة؟
أفاد القيادي بالتيار السلفي الجهادي ابراهيم أن مشائخ التيار السلفي الجهادي سيقدمون موقفهم مما يجري في الشعانبي في بيان رسمي..اما قياديو انصار الشريعة فأبدوا تكتما شديدا وامتنعوا عن التصريح ملتزمين الصمت أمام تحميلهم مسؤولية عملية استهداف 8 جنود تونسيين على مستوى منطقة جبل الشعانبي..
من جانبها رجحت مصادر امنية جزائرية في تصريح لاذاعة "موزييك" أن تكون العملية الارهابية التي ذهب ضحيتها جنود تونسيون، هي عملية انتقامية بعد أن القت السلطات الجزائرية القبض على قائدهم و"اميرهم" كمال بن غربية المعروف بكنية الياس ابو الفدى..
وافاد نفس المصدر ان التحقيق مع بن غربية كشف وجود مجموعة ارهابية تونسية مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي الاسلامي تنشط على مستوى الحدود بين البلدين.
ويذكر المسؤول الامني الجزائري أن كمال بن غربية ارهابي خطير مسؤول عن نقل الاسلحة والمواد المتفجرة على الحدود سبق ان حذرت الجزائر السلطات التونسية من امكانية تنفيذ هذه المجموعة الى عمليات ضد البلدين تستهدف مصالح أجنبية أو مؤسسات وهيئات في البلدين.
غموض
من جانبه استبعد الباحث في تاريخ تونس المعاصر خالد عبيد فرضية ان تكون العملية انتقامية من تنظيم متطرف كردة فعل عن اعتقال اميرها وقال ان الانتقام من المفروض أن يستهدف الجزائرين لأنهم من اعتقلوا القيادي الارهابي كمال بن غريبة.
واوضح أن ما يقع يلفه غموض تام وغياب للمعلومة الاستخباراتية فالعدو غير معروف ولا تملك السلطة معلومات كافية عنه كل الفرضيات واردة وعلى ما يبدو فالتنظيم يملك استراتيجيا واضحة في العمل، يضرب في العمق بضربات مجهولة.. في المقابل يواجه الجيش التونسي هذا التنظيم باعين مغلقة في ظل غياب المعلومة.
وذكر عبيد ان ما وقع أول امس بجبل الشعانبي لاشك يهدف الى احداث فوضى شاملة بالبلاد وادخال الرعب داخل نفوس التونسيين لتهيئة الوضع من اجل الاستيلاء على السلطة..
وقال ان المسؤول عن عملية الشعانبي أقلية مخترقة ربما من جهات اجنبية يرجح أنها مجموعة ارهابية في بداياتها.. تتحسس طريقها عن طريق القيام تدريجيا ببعض العمليات لارباك الوضع العام. وابدا خالد عبيد تخوفا كبيرا من امكانية قيام هذه المجموعة بعمليات جديدة تستهدف المدن..وتساءل في نفس السياق عن مدى تمكن المجموعات الارهابية من اختراق اجهزة الدولة. ناجي جلول أستاذ الحضارة والاثار الإسلامية رأى أن نفس الخيط يربط بين عملية اغتيال الشهيد محمد البراهمي وعملية جبل الشعانبي..
واشار الى أن تنظيم القاعدة بتفريعاته هو المسؤول دون شك عن العمليتين. وعن مدى تورط أنصار الشريعة بتونس أوضح جلول ان لا وجود لعلاقات تنظيمية عضوية بين كل انصار الشريعة (تنظيم القاعدة) فلا وجود لقيادة موحدة أو زعيم واحد لكن تتقاسم جميعها لنفس المنهج وتلتقى على نفس الارضية الفكرية..
وراى أنها عملية ثأرية ورسالة موجهة الى حركة النهضة الاسلامية الحاكمة.. التي غيرت من تعاملها مع هذه المجمعات ولم تفي بالوعود التي قطعتها لهم.. ولذلك ردوا الفعل وقاموا بما يشبه استعراض القوة.
وما يؤكد -حسب رايه- أن العملية انتقامية ثأرية هو اغتيال الشهيد البراهمي يوم عيد الجمهورية ومباشرة بعد نهاية كلمات الرؤساء الثلاثة داخل المجلس التاسيسي وقيام هذه المجموعة بقتل الجنود التونسيين مباشرة بعد كلمة رئيس الحكومة علي العريض.

السياسيون وجريمة الشعانبي.. إجماع على الإدانة واختلاف في تحديد الأسباب
هزت فاجعة مقتل جنود من الجيش الوطني، مساء أمس الأول بجبل الشعانبي، جميع الأوساط في تونس..وألقت بظلالها على الحياة العامّة وعلى المواقف السياسية..حيث أجمعت كل الأطراف على فظاعة هذه الجريمة النكراء في حق الجيش والوطن والشعب..
لكن ورغم هذا الإجماع على إدانة هذا العمل الإجرامي، فإن التعاطي السياسي إزاء هذه الفاجعة جاء مختلفا من طرف إلى آخر.. اذ ذهب البعض إلى أن ما حصل في الشعانبي هو أقصى مايمكن حدوثه..محمّلا الحكومة مسؤولية ذلك..في حين تتهم أطراف أخرى جهات أجنبية بتدبير المكائد لتونس والتورط المباشر في جميع الأحداث الإرهابية..
"الصباح" استطلعت آراء بعض السياسيين بخصوص الجريمة النكراء..ورؤيتهم لمستقبل تونس في ظل الأحداث الجارية.
فقد أدان عبد الرؤوف العيادي رئيس حركة وفاء هذا العمل البربري، واعتبر أن استهداف المؤسسة العسكرية، يأتي في سياق مخطط منظم من قبل مخابرات أجنبية لضرب الثورة في صميم قاتل..
وقال :" سبق هذه الجريمة عمليتا اغتيال سياسي..وفي اعتقادي أن هذا النزيف سيتواصل في محاولة لإفشال إنجازات الشعب الذي أطاح بالديكتاتورية..وبالتالي عودة الإستبداد."
العيادي أقر بأن البلاد في أزمة حادة بسبب ما وصفه عدمية مواقف المعارضة التي تدعو حسب رأيه إلى تشجيع الفوضى وتكريس الفراغ من خلال الدعوات إلى إسقاط المؤسّسات الشرعية للدولة..وهو مايصبّ في مصلحة الجهات الأجنبية التي تريد إفشال الانتقال الديمقراطي..وضرب ثورات الربيع العربي.
وفي نفس الإطار وصف سمير بالطيب عن حزب المسار عملية الشعانبي ب"العمل الهمجي والجبان"..محمّلا المسؤولية السياسية والأمنية للحكومة والتي ظلت تهادن الإرهابيين وتتعامل معهم بمنطق الضعفاء، وهو ما مكّنهم من اختراق الأمن الوطني وتهديد وترويع الناس أمام منازلهم وتنفيذ عمليات اغتيال في وضح النهار..
وقال ان قتل عناصر من خيرة الفرق العسكرية في جيشنا الوطني يدل على ضعف هذه الحكومة وعدم قدرتها على الأخذ بزمام الأمور خاصة في مسألة خطيرة تهدّد الأمن القومي للبلاد.
من جهته اعتبر عبد الحميد الجلاصي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة أن ما حصل في الشعانبي مجزرة وحشية ليست من الإسلام في شيء، مشيرا إلى تنديد الحركة بهذا العمل الإرهابي الجبان..وأكد الجلاصي أن مقاومة الإرهاب لها ثمن..وما حصل في الشعانبي يأتي كنتيجة طبيعية لتوسع الهوة بين جميع الفرقاء السياسيين، لكن سينتصر الشعب التونسي في نهاية المطاف.
وجدد الجلاصي التزام الحركة بدعوة الأحزاب والمنظمات الوطنية إلى نبذ الفرقة وترك الخلافات جانبا في هذا الوضع الدقيق الذي تمر به تونس والالتفاف حول توحيد الجهود للعمل على محاربة الإرهاب.. وقال مراد العمدوني بأن هذه الجريمة تستهدف جميع التونسيين..مشيرا إلى نفس الأطراف التي اغتالت الشهديدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي هي من اغتالت جنودا من الجيش الوطني..والهدف من ذلك واضح وهو إرهاب الشعب التونسي وإجباره على القبول بمشاريع سياسية واجتماعية واقتصادية لا تتماشى مع تطلعاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.