إضعاف روسيا وضرب إيران وحلفائها في فلسطين ولبنان الإطاحة بنظام بشار تخلط الأوراق في مصر رغم تأكيدات قادة دول عظمى كثيرة عن استبعاد شن «حرب جديدة» في سوريا وفي المنطقة العربية، وعن «استحالة» تدخل القوات الأمريكية والأطلسية برا داخل الاراضي السورية، فإن كل المؤشرات ترجح أن الصراعات حول سوريا دخلت منعرجا حاسما.. وأن «حربا عالمية» على الابواب.. وإن اتخذت أشكالا متطورة «للحروب بالوكالة».. وصياغة جديدة لضرب الأهداف الاستراتيجية «للعدو والخصم».. وبصرف النظر عن توقيت الحرب القادمة ضد الاهداف العسكرية والاستراتيجية للنظام السوري، يبدو أن الاوضاع تتطور في اتجاه «حرب حقيقية» تقودها الدولة الأعظم في العالم عسكريا الولاياتالمتحدة وتدعمها علنا ما لايقل عن 10 دول من أبرزها إسرائيل وفرنسا ذات المصالح الإستراتيجية المميزة في سوريا ولبنان وفلسطينالمحتلة والأردن ومصر وفي نظر كثير من المراقبين فإن قرار الحرب صدر عمليا في واشنطن وباريس.. وقد يكون «مع تأجيل التنفيذ» ما تبقى من «البنية الأساسية»؟ وسواء كان الهدف المباشر «للضربة» الامريكية-الفرنسية-الدولية الجديدة ضد نظام دمشق الاطاحة بالرئيس بشار الأسد الآن أم بعد مدة، فإن الأولوية ستكون خلال المرحلة القليلة القادمة ل»تدمير ما تبقى من البنية الاساسية العسكرية» للنظام السوري.. بعد عامين ونصف من صراعاته العنيفة مع «المعارضة المسلحة».. وخاصة مع قوات «جبهة النصرة».. التي اتهمت جهات سورية وايرانيةوفلسطينيةعواصم غربية واقليمية بدعمها ماليا ولوجيستيا.. إذن فالامر لا يتعلق بانطلاق حرب ضد القوات النظامية السورية.. بل باستكمال مسار طويل المدى لتدمير «البنية الأساسية للجيش السوري».. بعد أن نجحت حروب الثمانينات والتسعينات في تدمير الجيش العراقي واضعاف الجيش الايراني بشكل نهائي.. مثلما نجحت معاهدة «كامب ديفيد» الاسرائيلية-المصرية-الامريكية عام 1979 في «تحييد» القوات المسلحة المصرية وتهميش دور مصر السياسي الدولي العراق وليبيا واليمن.. ثم سوريا؟ ولا يخفى أن ما تشهده مناطق عديدة في العالم من صراعات، لا سيما في منطقة المشرق العربي، امتداد لصراعات مرحلة «الحرب الباردة» بين العملاقين الأمريكي والسوفياتي.. ولئن نجحت واشنطن بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر في جر مصر الى «المعسكر الغربي» ، وتابعت المشوار مع نظام صدام حسين في الثمانينات عندما ورطته في حرب الأعوام الثمانية ضد ايران، فقد تابعت نفس التمشي بعد انهيار جدار برلين و»حلف فرصوفيا» و»المعسكر الاشتراكي» مطلع التسعنيات من القرن الماضي في هذا السياق، تعاقب انضمام حلفاء موسكو السابقين الى المعسكر الاطلسي.. من العراق الى اليمن والجزائر وصولا الى ليبيا.. وظلت سوريا وايران مصنفتين ضمن «محور الشر» بعد معركة حرب احتلال بغداد في 2003.. واستغلت قوى فاعلة إسرائيليا ودوليا «الربيع العربي» والتحركات الشعبية المطالبة بالاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لتصفي حساباتها مع «أعداء الأمس» وخاصة مع ما تبقى من «حلفاء المعكسر الشرقي» بزعامة روسيا والصين.. وعلى رأسهم روسياوإيران وحلفائها في لبنان وفلسطينالمحتلة.. ولا يخفى أن المنطقة تشهد منذ 2006 حروبا بالوكالة تقوم بها اسرائيل وحلفاؤها ضد سوريا وإيران وشركائهما اللبنانيين («حزب الله» و»أمل» على وجه الخصوص..) والفلسطينيين (حركتا «حماس» والجهاد والفصائل الفلسطينية العشرة «الراديكالية» بدمشق).. وكانت لبنان وقطاع غزة مسرح هذه الحروب غالبا.. الى ان اندلع «الربيع العربي»، فسرقت الثورة السلمية للشعب السوري ووقع توجيهها نحو صراعات دموية مسلحة.. المستفيدون الوحيدون منها المحتل الاسرائيلي وشركاؤه الغربيون والعرب.. أنصار «إضعاف دوري روسيا والصين وايران في البحر الابيض المتوسط والشرق الأوسط الكبير» جنرالات مصر ما بعد انقلاب 3 جويلية؟ لكن من أبرز التحديات التي تواجه صناع القرار في تل أبيب وواشنطنوالعواصم الغربية التي «رحبت سرا» بالانقلاب العسكري في مصر، الانعكاسات المرتقبة للحرب الجديدة ضد سوريا على الاوضاع الداخلية في مصر وسواء كانت حصيلة « الضربات « الأمريكية-الفرنسية-الدولية الجديدة الاطاحة بالرئيس بشار الاسد أم لا ، فإنها ستحرج «أصدقاء واشنطن» في القيادة المسلحة المصرية، خاصة أن الاعلام المصري ما بعد الانقلاب يحاول منذ 3 جويلية إبراز القيادة العليا الحالية للجيش في مظهر «قومي ناصري معاد لإسرائيل وأمريكيا».. كما يقدم قائد الانقلاب وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي في شكل «عبد الناصر الجديد».. واذا وقع العدوان العسكري الاطلسي الاسرائيلي على سوريا فإن صمت السيسي ورفاقه سيحرجهم.. لكن سيزعجهم أكثر اعلان موقف معاد لواشنطن واسرائيل والغرب في هذه «الحرب العالمية الجديدة».. في نفس الوقت فإن انتصار المعارضة السورية وتسجيلها نقاطا جدية ضد بشار الاسد سيخدمان بالضرورة جماعات «الاخوان المسلمين» في سوريا ومصر وكامل المنطقة.. في وقت يبدو فيه الجيشان النظاميان المصري والسوري وحلفاؤهما الاقليميون والدوليون ابعد ما يكون عن القبول بتسليم الحكم في سوريا ومصر والعراق وغيرهما من «الدول الاستراتيجية» الى احزاب وحركات محسوبة على «الاسلام السياسي» قد تفجر الضربات الجديدة ضد سوريا فعلا «حربا عالمية ثالثة».. بعض الفاعلين يخوضونها بالوكالة فهل ستسير المنطقة فعلا على كف عفريت؟ وهل يحتاج اقتصاد بعض الدول الصناعية الى حرب عالمية جديدة تنقذ موازناتها من العجز والافلاس؟