أثار خبر طلب تونس لقرض جديد من الاتحاد الأوروبي بقيمة 500 مليون أورو موجة من الانتقادات التي اعتبرت هذه الخطوة مؤشرا قويا آخر على تأزم الوضع الاقتصادي في تونس وعلى الصعوبات المسكوت عنها التي تواجهها الحكومة الحالية فيما يتعلق بتوفير السيولة وصرف الرواتب وسداد مصاريف الدولة. وفي تعليقه على الموضوع أشار أنيس وهابي الخبير المحاسب أنه في غياب المصارحة من قبل الحكومة يمكن قراءة التوجه من جديد نحو الاقتراض بأنه محاولة للتغطية على المشاكل والصعوبات الاقتصادية التي تمر بها تونس اليوم. ويقول محدثنا إن الالتجاء المتواصل للاقتراض الخارجي سيعمق مديونية تونس ويرفع من تكلفة الاقتراض كما سيدخل الاقتصاد في دوامة مفرغة من عجز الميزانية. وتتفاقم هذه المخاوف في ظل التوقعات حول بلوغ نسبة التداين الخارجي 49 بالمائة نهاية السنة الجارية. واعتبر الوهابي أن المعطيات الأخيرة حول تدني المداخيل الجبائية للدولة هذه السنة مقابل تنامي مصاريف الاستغلال هو ما دفع إلى الحديث عن توجيه نسبة هامة من الديون وقيمة القروض لمواجهة مصاريف الاستغلال بما فيها دفع الأجور. ويشير الخبراء إلى أن الحديث عن عجز مرتقب في قدرة الدولة مستقبلا على سداد الأجور والتلميحات الأخيرة الصادرة عن محافظ البنك المركزي بهذا الشأن إذا ما تواصلت الأزمة السياسية الحالية.. مردّه الأساسي هو توجه الدولة إلى سداد مصاريف الاستغلال عبر التداين عوض استغلال هذه القروض في مجال التنمية. ويعتبر الخبراء أن حالة العجز الحالية في الإيفاء بمصاريف الاستغلال مردها تقديرات النمو المبالغ فيها والمحددة بالنسبة لميزانية الدولة للسنة الحالية ب4,5 بالمائة (في حين أنها لن تتجاوز 3,2 بالمائة في أحسن الحالات) وعلى أساس تقديرات النمو الخاطئة قامت الدولة بتعهدات خاطئة أيضا وذلك بالقيام بانتدابات كبيرة في الوظيفة العمومية أثقلت كاهل الدولة دون أن تقابلها مداخيل جراء الوضع العالمي والإقليمي المتأزم وأيضا جراء الوضع الداخلى سياسيا وأمنيا في ظل تواصل الضبابية وانسداد الأفق السياسي والأحداث الإرهابية المتكررة واقتصاديا بسبب تواضع الموسم الفلاحي وتراجع مداخيل السياحة التونسية. ويؤكد الخبير المحاسب أنيس وهابي أن ملامح ميزانية السنة المقبلة "لا تبدو في أحسن أحوالها نظرا لأنه من المتوقع أن تكون سنة انتخابات والمتعارف عليه أن سنة الانتخابات تتميز بانكماش العجلة الاقتصادية وما يرافقها من حالة ترقب من المستثمرين وجميع الفاعلين الاقتصاديين في الداخل والخارج". كما أن الإصلاحات الجبائية لمزيد توفير موارد للدولة لم تقطع خطوات تذكر ومازالت في طور التصور وتكوين اللجان..