صرح رؤوف بن يغلان لإحدى الصحف التونسية اليومية بان إجراءه لحوار مع الدكتور المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية التونسية ليس تدخلا في عمل الإعلاميين وأن حواره لا يستوجب حضور صحفي لأنه لا يتضمّن لا سؤالا ولا جوابا وإنما هو بمثابة الآراء المتبادلة بين مواطن ورئيس دولته. وأنه من حق أي مواطن محاورة الرئيس المؤقت. هذا الحوار الذي رفضت التفلزة الوطنية الأولى بثه لا احتراما للإعلاميين وإنما لأنه سبق للهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري ان احتجت وتمت على ما يبدو مساءلة الإدارة عن سبب بثها لحوار مماثل سبق أن أجراه الأستاذ عياض بن عاشور مع الدكتور المرزوقي- وان كان أكثر عمقا وأهمية-. والحقيقة ان الإقدام على إجراء مثل هذه الحوارات والإدلاء بالتصريحات لغير المختصين والمعنيين بها هو حسب اعتقادنا إساءة واهانة مباشرة توجه للإعلاميين خاصة عندما نرى اليوم كم يتعذب الصحفي في سبيل الحصول على لقاء مع كبار المسؤولين السياسيين والوزراء وخاصة مع رئيسي الدولة والحكومة. وللرد على مثل هذه الإساءة وعملا ب"سنة" رؤوف بن يغلان الذي أصبح الركح الذي لم يزره على حد علمنا منذ "وان مان شو"حارق يتمنى" أي منذ السنوات الأخيرة لحكم بن علي وحاشيته- لا يكفيه للتعبير عن الوضع الذي تعيشه البلاد فاختار أن يبحث عن أساليب أخرى لتأكيد مواطنته ومشاركته في المجتمع المدني قد يكون من المفيد ان نغير نحن أيضا " القلم" ونبدأ في ممارسة مهنة الطب مثلا -خاصة وان العمليات الجراحية مربحة جدا على ما يبدو- او الهندسة المدنية والبعض منا يمكنه ان يصبح خبيرا محاسبا او عدل إشهاد لم لا؟ وهكذا يمكننا ان نراعي"الإعلامي" رؤوف بن يغلان عندما يصاب بوعكة صحية (لا سمح الله ولا قدر) ونداويه بأقل التكاليف يمكن كذلك وعوض ان نجري التحقيقات والحوارات ان ننجز الرسوم الهندسية ونشرف على إصلاح الجسور والطرقات ونكتب عقود البيع والشراء ونقف في المحاكم مدافعين عن موكلينا او لنحكم عوضا عن القضاة او نبيع الريح للمراكب لم لا؟ ولعل بعض الإعلاميين أصبحوا مثل رؤوف بن يغلان يعتقدون ان المشهد الإعلامي وبسبب تطفل البعض لم يعد يكفيهم للتعبير عن الوضع الذي تعيشه تونس واختاروا البحث عن أساليب أخرى لتأكيد مواطنتهم ومشاركتهم في المجتمع المدني. ولعل البعض منهم يضطرون إلى الإسراع بالوقوف على الركح يمثلون او يخرجون ويقدمون الوان مان شو والمسرحيات ويعوضون "الداسك" بالركح المسرحي الذي أصبح فقيرا جدا ويحتاج الى المثقفين الحقيقيين الذين يهتمون فعلا بمواطنيهم ويرغبون في مساعدتهم على تخطي العقبات لا على وضع العصا في العجلة وتقديم البديل لإعلام يرفض ان يركع ويريد تأسيس معايير مهنية وان يضع مقاييس للتعاطي مع مهنة الإعلامي. عفوك سي رؤوف لقد تابعنا لك تجربة سابقة ورأينا تعاملك مع القضايا عندما جربت ان تجري لقاءات صحفية حول القضايا الساخنة وقلت انك ستستعين بها لتكتب نصا مسرحيا عن المرحلة الانتقالية في البلاد وقد صدقناك وتعاطفنا مع تجربتك الجديدة باعتبار علمنا بأنك أبدعت نص وان مان شو "حارق يتمنى" بعد ان اتصلت بالمهاجرين والحارقين إلى ايطاليا وزرت أهاليهم واطلعت على مشاكلهم وعلى الدوافع الأساسية لهجرتهم السرية عن كثب ولكننا رأينا كيف تعاملت مع قضية "دار الصباح" (في صيف 2012) مثلا ومع مشاغل عملتها وموظفيها وصحفييها. لذلك نشجعك اليوم على ان تعرج على المسرح البلدي بالعاصمة لتقدم ابتداعا اثبت انك تتقنه دون شك ولك فيه باع وذراع وقد كتبنا هذا في عديد المقالات. أما عن موقف الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري من محاولات التشكيك في عدم كفاءة ومهنية الإعلاميين ومحاولات إقصائهم وتعويضهم ببديل على القياس فإننا كنا ننتظر موقفا صارما لأننا نعرف: "ان للحوار الصحفي قواعد ثابتة لا يكتمل الحوار إلا باكتمالها" ونرفض إملاء الشروط التي تهدف إلى إقصاء الصحفي وتعويضه بمن يقبلها. صحيح ان رئيس الدولة ليس حكرا على الصحفي مثلما قال رؤوف ولكن مهنة الصحافة يجب ان تحترم ويحترم المعهد العالي الذي يدرسها وان تبقى حكرا على الصحفيين.