◄ تقنية عالية.. طرح عميق وطريف لقضية همشت طويلا عرض "المهرجان الدولي لأفلام حقوق الانسان"عددا من الأشرطة السينمائية التونسيّ بعضها وثائقي وبعضها الآخر روائي وذلك خلال برمجة دورته الثانية، التي ختمت عروضها يوم السبت 28 سبتمبرالمنقضي. شريط "للنسيان ذاكرة..غْبَنْطنْ عبيد" لرمزي البجاوي أحد هذه الأفلام الذي قد سبق أن قدّم في "بانوراما السينما التونسية" ضمن خانة الأشرطة الوثائقية ل" أيام قرطاج السينمائية" في دورتها الماضية ، وكان أحد اكتشافات جمهورمهرجان حقوق الانسان لمدى تميّزهذا العمل على مستوى الصورة والطرح السينمائي لموضوع لم نتعوّد كثيرا على معالجته فنيّا في الأعمال التونسيّة. "للنسيان ذاكرة..عبنطن عبيد" (مدته 52 دقيقة) عن سيناريو لأسامة الجمعي وهويتناول بالبحث العلاقة بين أبناء قرية واحدة هي "قصبة سيدي مخلوف" جنوب شرق تونس وما يجتاحها من توترعبر الزمن بسبب اختلاف لون البشرة.. عمل تميّز بمونتاج يحمل الكثيرمن الحرفيّة والمعرفة العميقة لمضمون الشريط الذي أمضاه مكرم بلعيد وأنتجته شركة "اوبجيكتيف". شريط"عبيد غبنطن" يهتم بتعبيرة ثقافية يقوم بها السود في أعراس البيض بالجنوب الشرقي التونسي عاكسا أسباب الصّراع الاجتماعي بين سكان تجمعهم الأرض ويفرّقهم لون البشرة مما يتسبّب في أحقاد بين الأبناء خاصة إذ حاول بعضهم الارتباط بجاريختلف عنهم في اللون والانتماء الاجتماعي.. الاختلافات العرقية طرح يطفو في تونس ما بعد الثورة حيث تبرز هذه الفئات التونسية أساسا مدى التهميش الذي تعرّضت له بعض الأقليات. وفي فيلم "عبيد غبنطن" يستعرض المخرج شهادات متناقضة لسكان "قصبة سيدي مخلوف" بين رافض للاختلاط وقابل للعيش المشترك غيرأن غياب الحواربين الطرفين كان واضحا في أحداث الفيلم التسجيلي لرمزي البجاوي حيث يقتصرالتفاعل فيما بينهم في الأعراس باعتبارأن سود المنطقة يؤمّنون هذه الافراح من خلال موسيقاهم وأشعارهم المميّزة والغنيّ بالصورالشعريّة التراثية والعاطفيّة والسياسيّة. ما يحسب لفيلم "رمزي البجاوي" الذي سبق وأن قدّم "أسكن في باريس وسبيطلة" والحلم الطائر"، المستوى التقني الحرفي والعالي لفريقه على مستوى التصوير والصّوت والمونتاج وهو سمة تلتقي فيها أغلب الأعمال السينمائية الشبابيّة التونسية المقترحة ضمن الدورة الثانية للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الانسان. وتجدرالاشارة إلى أن الأقلية السوداء في الجنوبالتونسي المعروفة ب"عبيد غبنطن" كانت محلّ اهتمام عديد الدراسات الفكرية والاجتماعية منها كتاب "مجتمعات للذاكرة.. مجتمعات للنسيان" للباحث محمد الهادي الجويلي ويطرح من خلال عمله سؤالا أساسيا وهوهل توجد بالمجتمع التّونسي أقلّيات؟ كاشفا عن تركيبة المجتمع التونسي بمختلف تنوعاته مستخدما أساليب معرفيّة وعلميّة وإحصائية.