تم بسرعة كبيرة يوم السبت 10 أفريل 2021 تغيير توقيت حظر الجالان الذي أقرته رئاسة الحكومة قبل ثلاثة أيام من ذلك التاريخ ليصبح كما هو معلوم من الساعة العاشرة ليلا إلى الساعة الخامسة صباحا عوضا من الساعة السابعة. السرعة في التعديل جاءت بعد طلب ذلك رئيس الجمهورية قيس سعيد من رئيس الحكومة هشام مشيشي، خلال مراسم الاحتفال بذكرى عيد الشهداء، سرعة في الاتزام والتطبيق والاستجابة لهذا المطلب لم تشهده مطالب أخرى لا تزال عالقة بسبب المناكفات والتجاذبات السياسية وبسبب إصرار رئيس الجمهورية على تغييرها وتعديلها على غرار تغيير الوزراء الأربعة محل الجدل. في ثالث مناسبات وثلاثة تصاريح إعلامية لم يفوت رئيس الحكومة هشام مشيشي الفرصة ليؤكد أن هذا التعديل في الوقت كان بطلب من رئيس الجمهورية، في وقت ان الإجراءات الوقائية جاءت بناء على تشخيص علمي وطبي من طرف اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا. وفي تصريح إعلامي له يوم الجمعة 9 أفريل 2021 ،لدى زيارته والية قابس، أكد رئيس الحكومة أنه سيتم ّ إعادة النظر في قرار توقيت حظر التجول بعد طلب رئيس الجمهورية قيس سعيد ذلك. أعاد هذا التصريح يوم السبت 10 أفريل في مناسبتين إثر لقائه بأعضاء اللجنة العلمية والولاة وخلال الندوة الصحفية التي عقدها في الإبان وأعلن فيها عن التوقيت الجديد. في نفس السياق كان هناك تأكيد متواصل ومتكرر من مشيشي بأن الإجراءات الوقائية التي تم اتخاذها وأعلنت عنها رئاسة الحكومة هي اجراءات حددتها الوضعية الوبائية الصعبة جدا التي تمر ّ بها البلاد وأن فيروس كورونا بصدد الانتشار بطريقة كبيرة جدا، كما ان ّ هناك ضغطا كبيرا على أسرة الانعاش وبصفة عامة على المؤسسات الاستشفائية. ورغم ذلك رصح أن اإلجراءات املتخذة يمكن أن تكون محل تقييم وإعادة نظر وذلك بطلب من رئيس الجمهورية وهو ما حدث فعلا ل، في المقابل فإنه من المهم جدا التذكير بأن رئيس الجمهورية لم يكن الطرف الوحيد الذي رفض توقيت حظر الجولان بل أيضا الإتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والعديد من الغرف والقطاعات المهنية حتى أن الاحتجاجات في الجهات انطلقت بعد يوم من الاعلان عن الإجراءات الجديدة وصلت إلى حد المطالبة بالعصيان المدني وعدم الإلتزام بأي قرار من قبل الحكومة من شأنه أن يهدد الآلاف من موارد الرزق. وفي الأثناء تتالت الدعوات إلى ضرورة إعادة النظر في توقيت حظر الجولان وأيضا إقرار إجراءات مالية لمساعدة الفئات الهشة والمتضررة بصفة كبيرة من الجائحة. فاكتفاء رئيس الحكومة هشام مشيشي بالتأكيد على أن التعديل في التوقيت وفي الاجراءات جاء بناء على طلب رئيس الجمهورية فقط يحمل في طياته الكثير من التساؤلات من بينها انه في حال انحدر الوضع الصحي وتحول إلى كارثة وأزمة أكبر مما تمر به البلاد حاليا هل سيتم تحميل قيس سعيد مسؤولية هذه المأساة ؟ فمن المنتظر والمتوقع أيضا أن نرى نتائج هذا التعديل بداية من منتصف الأسبوع القادم بالرغم أن الوضع الصحي والوبائي في هذه الأيام لا نحسد عليه فعدد الإصابات بتاريخ 14 أفريل الجاري بلغ 2694 ،أما الوفيات فكان 73 وفاة وقد تسارعت وتيرة الإصابات إلى ارقام قياسية. تساؤل جوهري آخر يطرح أي مردودية اقتصادية واجتماعية لتأخير حظر الجولان بثلاث ساعات فقط؟ فالخوف من ألا تحصل أي استفادة تذكر بل فقطّ مزيد تأزيم الوضع الصحي والوبائي وجره إلى نقطة اللاعودة والعجز عن التحكم في سرعة انتشار الفيروس . في المقابل لا يفهم من أي منطلق اعتبر رئيس الجمهورية قيس سعيد أن قرار حظر الجولان هو قرار سياسي وبالتالي من المفترض مراجعة هذا الإجراء وتطويعه بناء على تطور الأوضاع ومراعاة الوضع الإقتصادي . قد يوجد مبرر لترصيح رئيس الجمهورية واعتبار ما قاله صائبا وفقا للعديد من الآراء ، فالتوصيات المنبثقة عن اللجنة العلمية والتي ترفع كل فترة إلى اللجنة الوطنية لمجابهة فيروس كوفيد 19 لم تأخذها بعين الاعتبار اللجنة الوطنية لمجابهة كورونا برئاسة رئيس الحكومة. ففي الكثير من الأحيان يتم تعديلها وعدم الإلتزام بها وفق عديد من التصريحات العالمية لأعضاء اللجنة العلمية ووفق ما نعيشه على أرض الواقع بسبب القرارات الخاطئة التي تتحمل مسؤوليتها على حد السواء حكومتا إلياس الفخفاخ وهشام مشيشي. ومع هذا التعديل في توقيت حظر الجولان وقرار فتح المقاهي والمطاعم وماهو متوقع من تضاعف عدد الإصابات بكورونا قد يتم تحميل رئيس الجمهورية قيس سعيد المسؤولية السياسية لمزيد تدهور الوضع الصحي.