في أجواء امتزجت فيها لغة السياسة والاقتصاد وخطاب المال والأعمال، تم اليوم توقيع اتفاقية بين وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي ومؤسسة "سوفريكوم" حول برنامج "تونس الذكيّة" Smart Tunisia في مقر الوزارة، بحضور وزير تكنولوجيات الاتصال نعمان الفهري، ووزير التكوين المهني والتشغيل زياد العذاري وجملة من المسؤولين عن مؤسسة "سوفريكوم" وعلى رأسهم المدير العام لمجموعة "سوفريكوم" جاك مولان والمدير التنفيذي لمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا لمجمع "أورنج" "مارك رينار" على اعتبار أن "سوفريكوم" تتبع لمجمع "أورنج" وهي مؤسسة رائدة عالميا في مجال الاستشارات والهندسة في قطاع الاتصالات. ورغم أن الإطار العام لهذه المناسبة يعتبر اطارا اقتصاديا وذي توجه تنموي متمثلا في برنامج "يعمل على خلق 50 ألف فرصة شغل حتى سنة 2018" في قطاع صناعة الذكاء والنهوض بأنشطة نقل الخدمات خارج بلد المنشأ في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال (Offshoring) وتنمية الخدمات ذات القيمة المضافة العالية لاستقطاب المؤسسات العالمية، ولفائدة أصحاب الشهائد العليا وتوفير فرص التكوين والتأهيل والإحاطة بالباعثين الشّبان ضمن مشاريع تهتم بالتكنولوجيا الرقمية. وفي هذا الصدد، قال نعمان الفهري أنه حان الوقت إلى "الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية وتعميم الثقافة الرقمية لكل الشبان، كما استثمر (الرئيس السابق الحبيب) بورقيبة من قبل في تعليم الشعب". ومن جهته، لم تغب لغة السياسة عن وزير التشغيل زياد العذاري الذي أكد على ضرورة الاستثمار "في المادة الشخمة كما كان يقول بورقيبة". كلام امتزج بين وزيرين من مشربين سياسيين مختلفين جمعتهما حكومة الحبيب الصيد ليصب في بوتقة "تمجيد" "المجاهد الأكبر" بورقيبة، مما قد يشتم منه رائحة مزايدة سياسية بين الطرفين، في وقت يبدو أن حركة النهضة بدأت في "مراجعة فكرية لمرجعياتها السياسية" كما أكد أحد قياديي الحركة عبد الحميد الجلاصي في حوار صحفي. ولعل هذا "النفس الجديد" للحركة جعل العذاري يبدأ كلمته بمناسبة توقيع بروتوكول الاتفاقية وليخرج من القالب السياسي إلى القالب الاقتصادي على ما يشغل الحكومة في الوقت الحالي وهو "محاربة الإرهاب" ليشير إلى أن الحكومة تعمل على ذلك للانطلاق نحو بداية العمل على منوال تنمية يكون فيه الاستثمار الخارجي والداخلي عمودا فقريا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشددا على الدور الفرنسي وضرورة تطويره، مستشهدا ب"الزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية إلى فرنسا". ولعل حجم هذا البرنامج هو الذي جعل المستشار لدى وزير تكنولوجيات الإتصال والإقتصاد الرقمي والمسؤول عن برنامج "تونس الذكية" مصطفى المزغني، يؤكد على أن تحقيقه على أرض الواقع يعتبر هاما للميزان التجاري للبلاد، خاصة وأنه يرتكز على جعل تونس وجهة رقمية جذّابة تساعد على استقطاب المستثمرين الأجانب من خلال منح إمتيازات خاصّة لخلق مواطن شغل ذات قيمة عالية، في وقت تردد فيه أن قيمة هذا البرنامج ستصل إلى 2 مليار دينار.