قال المنصف المرزوقي في كلمته بمناسبة انعقاد المؤتمر التحضيري لحراك شعب المواطنين أن الحراك سوف يعقد مؤتمره التأسيسي في الخريف القادم وذلك للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة. كما أضاف : "أريد أن أؤكّد هنا على أن الإطار السياسي في تصوري ليس قيادة الحراك فنحن لسنا في منظومة التفكير القديم الذي يجعل المدني والثقافي خاضعا للحزبي وإنما في منظومة تريد عملا سياسيا متكامل الأبعاد وتتظافر كل مكوناته لتحقيق أهداف مترابطة ولم يعد من الممكن تجزئتها". وطالب المرزوقي الحكومة ومجلس نواب الشعب بتنظيم الانتخابات البلدية قبل نهاية 2015 التي اعتبرها الأهم، موضحا أن الديمقراطية تبنى من الأسفل إلى الأعلى. وأضاف المرزوقي "يجب اعداد الحراك للانتخابات القادمة والعمل على الوصول للسلطة" في إشارة لمشاركته في العمل السياسي، قائلا أن فكرة الحراك أوسع وتشمل الجانب الاجتماعي والاقتصادي. وأقر المرزوقي أن النموذج الليبرالي الصرف يضاف له الفساد أدى لارتفاع هائل في ثروة أقلية وضمور متسارع للطبقة الوسطى وفقر في أغلب مناطق الداخل وهو ما كان أهم سبب في اندلاع الثورة، متوقعا أن ما سماه "اقتصاد الريع" سوف يتنامى. وطالب في هذا الصدد بسياسات اقتصادية جريئة تقف ضد الفساد المستشري، مضيفا أنه يجب الاعتماد على اقتصاد تكافلي، لمحاربة الفقر وتدعيم الطبقة الوسطى. وقال المرزوقي "نحن في حاجة للعودة لأبجديات الفكر الذي سمي في شبابه باليسار واعتبار الفقر هو العدو الأول". وأضاف المرزوقي أنه في انتظار انعقاد المؤتمرات التأسيسية الثلاث للحراك سيكلف بعض الشخصيات لبعث لجان تحضيرية للتواصل مع الشخصيات الوطنية وللاعداد لعقد المؤتمر التحضيري للحراك. كما قال المرزوقي : "لكل من ساندوني إبان الحملة الانتخابية أقول لهم أن حماسهم والتزامهم والشعار الذي رفعوه في كل مكان "جيناك بلا فلوس جيناك" هو الذي أوحى لي بفكرة شعب المواطنين وبالقوة المعنوية لمواصلة النضال. فألف شكر لكم.. ونتيجة هذه الانتخابات ، أنا وحدي من يتحمّل مسؤوليتها ولا أريد أن أبحث لها عن تبرير كما لا أتنصّل من مسؤوليتي في كل الاخفاقات التي واكبت المرحلة الانتقالية. لقد اخطأت أحيانا في تقييم الوضع وفي اختيار بعض مساعدي وفي التواصل مع الشعب وأخطأت عندما لم استقل وأنا اشاهد استفحال الفساد والعرقلة للعدالة الانتقالية ممنيا النفس بفرض مثل هذه السياسة إذا تغيرت موازين القوى ، لكن الرياح مشت بما لم تشتهي السفن ...ومن ثمّ اعتذاري للشعب التونسي عن كل خطأ وكل تقصير ،لا يشفع لي، والله على ما أقول شهيد، إلا أنني لم أدخّر جهدا أو تضحية ولم أتراجع أمام خطر لخدمة الوطن المفدى والشعب الذي أحمل انتمائي إليه بكل اعتزاز." وأشار إلى أنه ليلة 23 ديسمبر التي طرح فيها لأول مرة مشروع حراك شعب المواطنين كان هدفه "التأكيد على أن مسار الثورة لم ينتهي وأن علينا مواصلة النضال في إطار الاستقرار والوحدة الوطنية والحفاظ على الدم التونسي وهي هواجسه الثلاث وأولياته"، مضيفا : "كنت واعيا أيضا أن المعارضة المدنية ستكون بحاجة ماسّة لإعادة رص الصفوف بعد ظهور التحالفات السياسية الجديدة وخاصة لتأطير كل القوى الجبارة التي وعيت بوجودها إبان الحملة انتخابية. لقد تبين لي أن تونس ستكون بحاجة لتيار سياسي جديد يوفّق من جهة بين الالتزام بالمطالب الأساسية لشعبنا وثورته والالتزام بالخيار السلمي لتحقيقها". كما قال : "تونس ليست بحاجة للتطبيع مع النظام القديم خوفا من قدرته على الإيذاء. إنني لا أعني بالنظام القديم الأشخاص بقدر ما أعني عقليات وممارسات وسياسات هي التي قادتنا للثورة وهي التي قد تقودنا لها من جديد لأن نفس الأسباب تؤدي غالبا لنفس النتائج ولأنّ ما بالطبع لا يتغير. تونس لن تتقدم إلا بالقطع الجذري لكن السلمي والديمقراطي مع الماضي ،أما المصالحة الوطنية التي نريدها جميعا فهي لن تكون حقيقية إلا بعد العدالة الانتقالية القادرة وحدها على طي الصفحة وارساء أسس الاستقرار الحقيقي . ما يتطلبه وضع بلادنا بناء نظام سياسي مجتمعي ثقافي جديد يحققه تيار وطني عارم متجذّر في ثوريته وفي سلميته وهو الذي سميته حراك شعب المواطنين." ومن جهة أخرى، شدّد المرزوقي على ضرورة الدعوة لحوار وطني في مصر يخرج الشقيقة الكبرى من دوامة العنف مجددا مطالبته بإطلاق سراح محمد مرسي وكل المساجين السياسيين. هذا وعبّر المرزوقي عن شعوره بالأسى وهو يرى تونس الدولة الأكثر تضررا من الوضع الليبي الدولة الأكثر غيابا في المحادثات الدولية لتسوية سلمية وذلك للانهيار المريع الذي عرفته دبلوماسيتنا منذ عودة النظام القديم للحكم"، وفق المرزوقي. وأشار في آخر كلمته، إلى أن "الشباب الذين لم يمارسوا حقهم الانتخابي صعد للسلطة وما يهمه إلا مصالحه وآخر ما يهمهم هي مصالحكم".