نقلت صحيفة الخبر الجزائرية عن خبير أمني جزائري قوله "أن عقول وأنظار من تبقى من إرهابيين مركزة ومتجهة نحو تونس وتحديدا مرتفعات الشعانبي، أكثر منها على الجزائر، ما يؤدي إلى عزل العناصر الإرهابية التي ما تزال متحصنة في منطقة القبائل". يأتي ذلك في محضر مقال عن العملية الأخيرة بمنطقة البويرة التي قتل فيها الجيش الجزائري أمثر من عشرين إرهابيا والتي وصفها خبراء أمنيون جزائريون ب"النوعية"، وأكدوا على "نجاعة العمل الاستخباراتي الذي مكن من إجراء العملية دون خسائر في صفوف الجيش"، كما اعتبروا أن العملية قد يكون لها أثر بالغ في معنويات الجماعات المسلحة. ويرجع العقيد محمد خلفاوي، إطار سام في الجيش الوطني الجزائري، نجاح عملية "فركيوة" بالدرجة الأولى لنجاعة العمل الاستخباراتي الذي وفر المعلومات الكافية واللازمة لشنها والخروج منها من دون خسائر. ويضيف خلفاوي أنه "في سنوات التسعينات، نفذ الجيش عدة عمليات مشابهة، لكن الجديد في هذه الأخيرة، هو استعمال وزارة الدفاع الإعلام الذي له دور كبير في تنوير الرأي العام ويؤثر فيه باتجاه يخدم الجهود التي تبذلها وحدات الجيش الوطني الشعبي والمخابرات". وبالنسبة إليه، فإن "التنسيق بين ثلاثة قطاعات عملياتية في كل من البويرة وبومرداس والبليدة، يؤشر على سرعة اتخاذ القرار والتخطيط والاتصال الفعال، وفي مثل هذه الظروف تكون النتيجة دائمة في صالح قواتنا". وبرأي الخبير الأمني، أكرم خريف، فإن "الإرهابيين كانوا يتحركون في شكل "سرايا"، تعداد الواحدة ستة مسلحين على الأكثر، وكانوا بصدد عقد اجتماع ومناقشة خطة لشن اعتداء إرهابي استعراضي ذي صدى كبير.. وخلافا لبعض التحليلات، فإن الإرهابيين لا يجتمعون من أجل التخطيط لعمليات إرهابية متعددة، بل لعملية واحدة فقط.. مثل نصب كمين لقافلة عسكرية هامة". وبخصوص الخسائر المسجلة في صفوف الإرهابيين، يرى خريف أنها "معتبرة، خاصة على المستوى اللوجيستي، فقدان كتيبة بأكملها وكل هذه الكمية من الأسلحة، خسارة فادحة للإرهابيين"، مشيرا إلى أن "الخسارة المادية ليست وحدها التي تزن في مثل هذه العمليات النوعية، فالجانب المعنوي هو الآخر تعرض لضربة قاسية، خاصة بعد الخلافات والانقسامات التي نالت من الإرهابيين المنضوين تحت لواء تنظيم القاعدة، بعد مبايعة فصيل منهم أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي، وتشكيل فرع له (جند الخلافة) في الجزائر". وعن تأثير هذه العملية على النشاط الإرهابي، يعتقد محدثنا "أن عقول وأنظار من تبقى من إرهابيين مركزة ومتجهة نحو تونس وتحديدا مرتفعات الشعانبي، أكثر منها على الجزائر، ما يؤدي إلى عزل العناصر الإرهابية التي ما تزال متحصنة في منطقة القبائل"، مضيفا أن العملية الأخيرة "مؤشر على تراجع النشاط الإرهابي في منطقة القبائل، حيث تلقى عدة ضربات مني فيها بخسائر معتبرة منذ اختطاف وإعدام الرعية الفرنسي هيرفي غوردال، أواخر سبتمبر الماضي، علما أن ما لا يقل عن 100 إرهابي قتلوا منذ تلك العملية". وفي نفس الاتجاه، يرى فريوي الطاهر، إطار عسكري متقاعد، أن "الإرهاب في الجزائر يوجد في الرمق الأخير، ولم يعد يتحصن من الإرهابيين إلا الذين يئسوا من التوبة وأقسموا على الاستمرار في رفض المصالحة والعودة للمجتمع".