تأخذ المهلة الإضافية التي منحها صندوق النقد الدولي لتونس لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية، والحصول من ثمة، على القسط الأخير من القرض الائتماني، المقدر بنحو 600 مليون دينار، "شكل إنذار" وفق راي الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان. وفسر سعيدان أنه "في صورة لم تف تونس بهذه التعهدات خلال المهلة، التي تبلغ اجلها في ديسمبر 2015، فإن الصندوق لن يمكنها من الحصول على القسط المذكور، الذي "تحتاجه البلاد بشدة في ما تبقى من السنة". وأبرز الخبير الاقتصادي، الذي استجلت "وات" رأيه، ان الاصلاحات التي "لم تقم تونس بتنفيذها حتى الان"، وفق ما نصت عليه اتفاقية القرض الائتماني، الذي منحه الصندوق لتونس يوم 7 جوان 2013 بقيمة جملية 1.75 مليار دولار، تهم المجالين الجبائي والبنكي. وقال المتحدث، "في حال عدم إتمام الاصلاحات المذكورة فإن الانعكاس سيكون سيئا، إذ سيؤثر هذا الأمر على صورة تونس لدى المؤسسات المالية الدولية". الوضع الحالي لا يساعد على تنفيذ الإصلاحات وبشأن قدرة تونس على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، بين الخبير أن الوضع الحالي "ليس إيجابيا في هذا الخصوص، ذلك ان ارتفاع وتيرة الاحتجاجات والمطلبية لن يمكن الحكومة من الإيفاء بتعهداتها تجاه الصندوق". وأشار سعيدان، إلى انخفاض نسبة النمو في الثلاثي الأول من 2015 إلى حدود 1.7 بالمائة معتبرا أن هذه النسبة "لا تكفي حتى لتسديد فوائض القروض المستوجبة على البلاد". ولفت في ذات الصدد، الى أن توقف نشاط استخراج الفسفاط وتراجع النشاط السياحي، اللذين يمثلان على التوالي 6 بالمائة و7 بالمائة من حجم الاقتصاد الوطني، مؤشر على صعوبة القيام بالإصلاحات المطلوبة". وأردف سعيدان، من جهة أخرى، "تحويلات التونسيين بالخارج انخفضت هي الاخرى، مقارنة بمستوياتها المعتادة إذ كانت تمثل نفس قيمة مساهمة القطاع السياحي في الاقتصاد". وانتقد الخبير "ضبابية الرؤية لدى حكومة الحبيب الصيد". وربط هذه الضبابية بغياب برنامج واضح يمكن تنفيذه بسبب "تركيبة الحكومة التي لا تستجيب لما نص عليه دستور البلاد ولا تتماشى والنظام البرلماني المعدل الذي اختارته تونس". المستثمر لا يهمه الاصلاح البنكي والجبائي وأكد المدير العام لمركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية رضا الشكندالي، من جهته، ل-"وات"، أن المستثمر الاجنبي "لا يهتم للاصلاح البنكي والجبائي بقدر ما ينشغل بالظرف الأمني والاستقرار السياسي". واوضح الشكندالي، أن تونس يجب أن تسدد القرض الائتماني لصندوق النقد الدولي بالعملة الصعبة التي تتأتى من التصدير، الذي يتطلب بدوره العودة إلى الانتاج والاستثمار. وقال إن نسبة النمو المسجلة في الثلاثي الاول من 2015 والمقدرة ب1.7 بالمائة تدل على تراجع الاستثمار وبالتالي "فإن الوضع الامني والسياسي ليس على ما يرام". وفسر الشكندالي أن المستثمر الاجنبي "كان في السابق لا يشتكي من البنوك ويتولى دفع مستوجباته من الجباية لذلك فإن إصلاح هذين القطاعين لا أهمية كبرى له في دفع الاستثمار". ودعم المتحدث رأيه قائلا: "سنة 2011، شهدت تخفيضا في نسبة الفائدة مرتين لكن ذلك لم يرفع من وتيرة الاستثمار مما يقيم الدليل على عدم تأثر الاستثمار إلا بالجوانب الامنية والسياسية". وفند الخبير الاقتصادي ما يذهب إلية بعض الساسة "من أن هذه الاصلاحات سيكون لها المردود الجيد على قطاع الاستثمار متناسين أهمية مجلة الاستثمار وصياغة مخطط اقتصادي وتنموي واضح" مشددا على أن "الاستثمار في الفترة الانتقالية لا يتأثر بالعوامل الاقتصادية"، وفق تقديره. واعتبر الشكندالي أن الاموال الضخمة التي ستصرف في عملية التدقيق والاصلاح البنكي "كان من الأولى صرفها في مساعدة العاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا". تجارب قديمة فاشلة مع نفس المؤسسات المالية وذكر المدير العام لمركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية بتجربة تونس سنة 1986 مع صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في ما يهم الاصلاحات الهيكلية (برنامج الاصلاح الهيكلي( وبين في هذا الاطار، أن التجربة "كانت فاشلة" معتبرا أن هذه المؤسسات المالية لا يهمها "إلا ضمان مصالحها عبر فرض شروط مجحفة تتدخل من خلالها في سياسة البلدان المقترضة". واقترح الشكندالي، كبديل، "الضغط على النفقات العمومية" ملاحظا أن "نسبة ارتفاع نفقات الكثير من المؤسسات العمومية فاقت 200 بالمائة". وتجدر الإشارة الى أن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، أعلن منح تونس سبعة أشهر (حتى ديسمبر 2015)، لتمكينها من تطبيق الإصلاحات والالتزامات التي تم إقرارها في إطار إتفاقية القرض الائتماني الذي أسنده الصندوق لتونس بقيمة 1.75 مليار دولار. واعتبر الصندوق، في بلاغ أصدره يوم 19 ماي الجاري، أن المهلة ستوفر "مزيدا من الوقت للسلطات التونسية لتتمكن من إرساء الإجراءات الضرورية التي تكفل لها الإيفاء بتعهداتها وخاصة في ما يهم الإصلاحات البنكية والجبائية". وتتيح هذه الإصلاحات، وفق الصندوق، لتونس "التقليص من نقاط الضعف وتحفز وتيرة تنمية أكثر اندماجا". وبينت نفس المؤسسة أن بعثة من الصندوق ستتوجه، موفى ماي 2015، إلى تونس للقيام بعملية التقييم السادسة في إطار اتفاقية القرض الائتماني.(وات(