ألقى تقديم واشنطن صفة حليف استراتيجي لتونس بظلاله على الجزائر، فقد أبدى خبراء في البلاد قلقهم من فرض أمريكا اشتراطات عسكرية، كإقامة قواعد أمريكية على الأراضي التونسية تقربها أكثر من النفط الليبي. وقبل أن تأخذ المسألة أبعادًا أخرى تزعزع علاقتها بالجزائر، طمأن محسن مرزوق المستشار السياسي للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي من تداعيات عزم واشنطن منح تونس صفة حليف استراتيجي، بأنه "لن يغير من مبادئ تونس الدبلوماسية أو علاقتها مع الجزائر". وتتيح هذه الشراكة الحصول على تعاون عسكري متين من الولاياتالمتحدة، خصوصًا في تطوير الأسلحة واقتنائها. ولا ينظر للصفة الممنوحة بأنها تحمل بعدًا إيجابيًا للمنطقة، فقد تسبب حلف الأطلسي في الاضطرابات التي شهدها بعد سقوط نظام القذافي، وما ترتب عنه من توسع نفوذ تنظيم "داعش". أمريكا أقامت قواعد عسكرية مع كل حلفائها خارج "ناتو" وفي هذا الصدد، يعلق المحلل السياسي الجزائري زهير بوعمامة أن واشنطن لا يمكنها أن تكون المخلص من أي مشاكل، والدليل ما يحدث في العراق، "لقد فشلت أمريكا في حماية مدينة الرمادي من التقدم الداعشي، فكيف الأمر مع دولة كتونس أو ليبيا أو غيرهما". وقال إن احتمال فرض أمريكا إقامة قواعد عسكرية على الأراضي التونسية قائم، بدليل أنها فعلت ذلك مع كل حلفائها خارج الحلف الأطلسي. وأما المحلل السياسي مقداد إسعاد فقد أوضح أن زيارة الرئيس التونسي قائد السبسي إلى البيت الأبيض يعتريها كثير من اللبس، خاصة أن مضمون الاتفاقية التي أمضاها مع أوباما يبقى مجهولاً بالإضافة إلى غياب وزير الخارجية التونسي عن اللقاء في ظل حضور جون كيري، وقال "إن السبسي ذهب إلى أمريكا وطلب مساعدتها وكأنها المخلص الوحيد، كما لم يكن عليه وصف تونس بالشكل الذي فعله كما لو كانت في الحضيض، وكان لا بد من مراعاة مبادئ الثورة التونسية الرامية إلى إرساء الكرامة والديمقراطية". وأكد إسعاد أن الحل في تونس لا بد أن يمر حول طمأنة الداخل التونسي والمغاربي، وتسبيق الأولوية المغاربية في السياسة التونسية، إذ كان لا بد من استشارة الجيران كالجزائر مثلاً قبل الاتفاق مع الولاياتالمتحدة بحكم المصير والمصالح المشتركة. وأضاف "الاتفاقات من هذا النوع تشبه المسكنات وأميركا لن تحل مشكلة الإرهاب بل ستزيده تعقيدًا، لا بد من حل المشكلة على المستوى المغاربي".