كان شهر العسل لحظة قصيرة من الحب بعيدًا عن الخطوط الأمامية للحرب في سوريا. وفي عاصمة جماعة الدولة الإسلامية التي نصبت نفسها "الخلافة"، التقى المقاتل السوري أبو بلال الحمصي مع عروسه التونسية لأول مرة بعد أشهر من الدردشة على شبكة الإنترنت. وهناك أيضًا تزوجا، ومن ثم؛ قضيا الأيام التالية في تناول اللحوم المشوية في مطاعم الرقة، والمشي على طول نهر الفرات، وتناول الآيس كريم. وكان كل ذلك ممكنًا بفضل منحة الزواج التي تلقاها العريس من جماعة "داعش"، وقيمتها 1500 دولار، منحت له ولزوجته لبدء بناء أسرتهما في منزل جديد، ولقضاء شهر العسل. وقال الحمصي عن الرقة "بها كل شيء قد يرغب فيه المرء من أجل حفل الزفاف". وفي هذه المدينة، يقف مسلحو الجماعة عند نقاط التفتيش باحثين في المارة عن أي علامات قد تعتبر انتهاكًا للشريعة، أو القانون الإسلامي، ولو كانت تلك العلامة طفيفة كوضع بعض الكريم على الشعر. وتتواجد في منازل بعض قادة الدولة الإسلامية في المدينة نساء وفتيات من الطائفة اليزيدية تم خطفهن في العراق. ولبناء "الخلافة"؛ وضعت المجموعة نظامًا سخيًا للرعاية الاجتماعية يهدف إلى المساعدة في خلق حياة لآلاف من الجهاديين، من الرجال والنساء، الذين تدفقوا إلى أراضي الدولة الإسلامية قادمين من العالم العربي، وأوروبا، وآسيا الوسطى، والولايات المتحدة. ويقول الحمصي، الذي يستخدم اسمًا حركيًا "لا يقتصر الأمر على القتال". ويضيف "هناك مؤسسات. هناك مدنيون الدولة الإسلامية مسؤولة عنهم، وهناك أراض واسعة. يجب عليها مساعدة المهاجرين في زواجهم. إنهم أبناء هذه الدولة، ويجب عليها رعايتهم". وتظهر نخبة داعش بوضوح في الرقة، التي هي أكبر مدينة سورية تقع تحت سيطرة وحكم المتشددين. المنازل والشقق السكنية الفارهة التي كانت مسكنًا لكبار المسؤولين من حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، سابقًا، تم الاستيلاء عليها من قبل أبناء الطبقة الحاكمة الجديدة في داعش، وفقًا لعضو في مجموعة إعلامية محلية مناهضة للتنظيم، يطلق على نفسه أبو إبراهيم الرقاوي. وتعد الرقة بمنأى عن القتال الدائر على أطراف أراضي "داعش". متاجرها مليئة بالسلع، وفيها العديد من مقاهي الإنترنت. وقال الرقاوي "المدينة مستقرة، وفيها جميع الخدمات التي يحتاجها المرء. إنها ليست مثل المناطق الريفية التي تسيطر عليها الجماعة". وأضاف: "الرقة الآن هي نيويورك الخلافة". وتعد مساعدة المقاتلين على الزواج أولوية مهمة. وإلى جانب الراتب الشهري الذي يتقاضاه، يحصل المقاتل الأجنبي على 500 دولار عندما يتزوج؛ لمساعدته في بدء حياته الزوجية. وقد حصل الحمصي، 28 عامًا، على مكافأة زواج ضخمة بشكل خاص؛ لأن زوجته طبيبة، وتتحدث أربع لغات. وقد تحدثت "الأسوشيتد برس" مع الحمصي عدة مرات على مدى الثلاث سنوات الأخيرة، منذ أن بدأ كناشط يغطي التطورات الميدانية والاشتباكات في مدينته حمص وسط سوريا. وقال الحمصي إنه دعم داعش منذ عام 2013. ولكنه لم يتحول إلى مقاتل سوى في منتصف 2014، وبعد عامين من فرض الحصار العقابي على حمص. وعندما انتهى الحصار بإعلان هدنة في مايو 2014، ظهر الحمصي كعضو رسمي في جماعة الدولة الإسلامية. وتعرف الحمصي على زوجته التونسية من خلال نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي. وبعد التواصل معها عبر الإنترنت، وجد الحمصي أن شقيقها كان قد انضم إلى الدولة الإسلامية، وكان موجودًا في مدينة دير الزور شرق سوريا. وكما هي العادة، ذهب الحمصي وطلب يدها للزواج من شقيقها. وسافرت العروس، 24 عامًا، عبر الجزائر إلى تركيا، ومن هناك إلى الرقة، مع مجموعة من النساء اللاتي انضممن إلى "داعش". وفي الرقة، أقمن في دار ضيافة للسيدات، يستخدم أيضًا كمقر لقيادة الشرطة النسائية للتنظيم. وقام الحمصي برحلة ال 250 كيلومترًا المحفوفة بالمخاطر من حمص إلى الرقة لينضم إليها، وذلك بعد أن حصل على رسالة توصية من قائده المحلي. وقد كان هذا زواجًا نادرًا لمقاتل سوري من مهاجرة أجنبية. وعادةً، تتزوج الأجنبيات مقاتلين أجانب في الدولة الإسلامية. وخلال أيام شهر عسلهما القليلة، استمتع الحمصي وزوجته بهدوء وسكينة الرقة، وبمتنزهاتها ومطاعمها، ومن ثم عاد الزوجان إلى حمص؛ حيث يقف مقاتلو الدولة الإسلامية في وجه قوات الأسد والجماعات الثائرة. وهناك، استخدم الحمصي الأموال التي منحته إياها داعش لتجهيز منزل لعروسته وقططه الأربع. وينتظر الزوجان الآن طفلًا، ويأملان بالحصول على مزيد من النقود بعد ولادة هذا الطفل؛ حيث تخصص الدولة الإسلامية منحة قدرها 400 دولار لكل مولود. والآن، تخصص المجموعة راتبًا شهريًا قيمته 50 دولارًا للحمصي، وراتبًا مماثلًا لزوجته. ويحصل الحمصي أيضًا على بدل خاص للملابس، وبعض أدوات التنظيف المنزلية، وسلة منتجات غذائية شهريًا قيمتها 65 دولارًا. وبعد وقت قصير من حديث الحمصي لأسوشيتد برس، عاد إلى ساحة القتال، وكان من بين المقاتلين الذين استولوا على تدمر الأثرية هذا الشهر. ويتساءل الحمصي "المقاتل على الجبهة. كيف يمكنه جلب الطعام إلى المنزل؟".